Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Jan-2019

الديمقراطية ترفض العنف ولا تبرره* كمال زكارنة
الدستور - 
نفخر نحن في الاردن اننا في دولة مؤسسات، ونعتز بأن نظام الحياة يسير وفق اسس وقوانين وانظمة وتعليمات، معروفة ومعمول بها ونسبة الالتزام بها عالية، ويعتبر مجلس النواب الذي يتم انتخاب اعضائه بطريقة ديمقراطية مباشرة، احد اهم مؤسسات الدولة الديمقراطية، التي تقوم بدور تشريعي ورقابي وتمارس دورها وواجبها بكفاءة واقتدار، ويعتبر صورة مصغرة للمجتمع الاردني لانه يمثل جميع اطيافه ومناطقه، وهو المرآة التي يمكن ان يرى فيها المراقب المحلي والاجنبي صورة البلد ويشكل انطباعه عنها.
في الآونة الاخيرة، تكررت مشاهد النقاشات الثنائية الحادة بين النواب، والتراشق بالعبارات المستفزة والتدافع، التي تنتهي بتسخين المواقف والتأهب للشروع بالمشاجرات، لولا تدخل الحضور والحيلولة دون وصول المتلاسنين الى بعضهم البعض، ورغم ان هذه الظواهر تحدث في العديد من برلمانات العالم، الا انها لا تعبر عن حالة ديمقراطية ولا عن ظاهرة صحية في الحوار والنقاش، لانها تشكل احد مظاهر العنف اللفظي والذي يمكن ان يتطور الى عنف جسدي، وهذا تجاوز لاسس ومبادئ الحوار الديمقراطي، ويتعارض مع حرية الرأي والتعبير، ويتناقض مع مبدأ تقبل الرأي والرأي الآخر، وفيه تغييب واغلاق لقنوات الاقناع والتوافق، التي لا يمكن الوصول اليها الا من خلال الحوار الهادئ، وتبادل الرأي والآراء بانفتاح كامل في جميع الاتجاهات، خاصة وان عمل مجلس النواب يقوم في مجمله على الحوار والنقاش والتداول وطرح الافكار والآراء، وهذا يحصل في كل جلسة، وعند مناقشة اي موضوع، سواء كان تشريعيا او رقابيا او في اي شكل آخر.
الاختلاف في وجهات النظر، مسألة عادية وطبيعية وفي صميم العمل البرلماني، وهي اثراء للحوار والنقاش، وتؤدي الى التوصل لافضل النتائج والخلاصات، بما ينعكس بالفائدة والمنفعة العامة على الوطن والمواطن، ولا يجوز ان تتحول الاختلافات في وجهات النظر حول مواضيع وقضايا ومسائل معينة مدار بحث ونقاش في المجلس، الى صواعق تفجير تثير الحماس العنيف لدى البعض منهم، وتدفع بهم الى تقاذف الانتقادات والتهديدات، ما يؤدي الى ارباك الجلسات النيابية وتعطيل عمل النواب فترة من الوقت، والتأثير على الصورة الحضارية المشرقة لاحدى اهم مؤسسات الوطن.
هذه الحالة التي نتمنى ان تنتهي ولا تصبح ظاهرة، والتي توصف - في حال عدم التكرار الدائم - بانها خروج مقبول الى حد ما، عن السلوك والنهج الديمقراطي في العمل المؤسسي، سوف ينظر اليها المواطنون في مرات قادمة، على انها خلافات جانبية لا علاقة لها بالعمل النيابي او البرلماني، ولا تمثل اي حرص على القضايا المطروحة للنقاش امام المجلس، بل انها تعيق عمل المجلس، وتؤسس للتمحور السلبي غير البنّاء وغير المفيد.