Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    31-Aug-2017

البرزاني في مربع الأزمات ! - محمد كعوش
 
الراي - انهار تنظيم داعش في العراق، ولكن الأزمة العراقية لن تنتهي لأن هناك معركة طويلة صعبة بانتظار الجيش العراقي والحشد الشعبي ستكون في مواجهة البشمركة ومسعود البرزاني الذي سيعلن الإنفصال عن الدولة العراقية واقامة دولته الكردية في الشمال.
 
الحقيقة أن العراق، بعد الإحتلال وبتخطيط من الإدارة الأميركية غرق، وسيظل، في أتون الصراع المذهبي والعرقي الى امد غير منظور، وهذا يعني استيطان الحروب والصراع الأهلي في بلاد الرافدين، بسبب جهل القيادة العراقية التي جاءت مع الإحتلال، أو جاء بها الإحتلال، والتي لم تفكّر يوما بتحقيق المصالحة الوطنية ومشاركة كل مكونات المجتمع العراقي في عملية صياغة مستقبل البلاد، ووقعت أسيرة شهوة الإنتقام، فأخذها عنادها، ومعها العراق كله، الى حافة الهاوية.
 
رئيس حكومة بغداد حيدر العبادي استعجل باعلان النصر، وهو العارف بأن فرحته لن تكتمل، لأنه على يقين بأن الحروب ما انتهت، ويدرك حجم التحديات الآتية وخطورتها، فمسعود البرزاني (صياد الفرص) أو قناص الجوائز، يختلف كثيرا عن ابو بكر البغدادي، فالبرزاني كان يراقب وينتظر لإلتقاط اللحظات التاريخية المناسبة، ليمارس ابتزازه الذي اتقنه جيدا، فهو الكاسب الوحيد الذي حصد الغنائم بسهولة من خلال الخلافات والصراعات القائمة، والتي لا أعتقد انها انتهت أو ستنتهي في الأفق المنظور، الى أن تظهر قيادة عقلانية حكيمة في العراق تؤمن بالمصالحة والمشاركة والعدالة والمساواة بين كافة مكونات الشعب العراقي.
 
منذ عاصفة الصحراء حتى احتلال بغداد والى اليوم، نجح البرزاني في تكوين كيان كردي وبناء هيكل الدولة المستقلة على الصعيدين السياسي والإقتصادي، اضافة الى حصة الكرد في السلطة المركزية في بغداد، دون ان يقول له احد: «ما أحلا الكحل بعينيك» وهو قول يردده اخواننا في لبنان في مثل هذه الأحوال.
 
كان الكل يسعى الى طلب ود البرزاني ونصرته بسبب الصراع القائم، ولأنه خبير في انتهاز الفرص واتقن لعبة التعاون مع الشيطان كسب الكثير ووسع مساحة سلطاته وسلطانه الى أن وصل الى كركوك وحقول النفط، وبدأ يفرض شروطه ويغيّر قواعد اللعبة في سوق المحاصصة وتوزيع الغنائم.
 
وقبل أن ينتهي الجيش العراقي من حربه على داعش، وجه البرزاني ضربته المؤلمة لحكومة بغداد المتمثلة بتصويت مجلس كركوك لصالح المشاركة في إستفتاء الإنفصال، وهو القرار الذي اكتفى العبادي بوصفه بانه «قرار خاطئ»، وهو قول العاجز لأن يديه مكبلتين بالحرب ضد الإرهاب، وبالتالي غير قادر على التصعيد في الوقت الحاضر، اضافة الى أن البرزاني يعرف قدرات الجيش العراقي المنهك بالحرب على داعش.
 
الثابت ان البرزاني يتوجه لإجراء الإستفتاء وإعلان الإنفصال خصوصا أن «الدولة الكردية» لا ينقصها سوى اصدار جوازات سفر وتعيين سفراء واعتراف دولي فقط لا غير، الا اذا منحته بغداد المزيد من المكاسب وحسب شروطه، خصوصا ان الولايات المتحدة حامية وراعية للأكراد بالرغم من رغبتها بتأجيل الإستفتاء لظروف اقليمية مرحلية، الى جانب الدعم الإسرائيلي ومعظم الدول الأوروبية.
 
ولكن رغم كل هذه التفاصيل والرغبات والقرارات، أرى أن لعبة البرزاني ليست سهلة، ولن تمر بسلام، فهي خطوة لها ارتداداتها وتدعاياتها الإقليمية، وقد تقود الى تطورات غير محسوبة أو متوقعة تقود الى تغيير جذري في التحالفات الإقليمية والدولية، لأن تركيا وايران والعراق وسوريا لن تسمح للبرزاني باستغلال الوضع الراهن، أو التسلل من ثغرة الصراعات القائمة لتحقيق أهدافه باقامة دولته في وسط هذا المحيط الجيوسياسي الذي يفرض شروطا معاكسة باسم التاريخ والجغرافيا.