Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Aug-2020

فك استعصاء أزمة التعليم بتطوير دور وزارة التربية*جمال الطاهات

 الدستور

التعريف البسيط للأزمة، أنها متعلقة بخلل يصيب ديمومة العمل في منظومة (ومنها منظومة التعليم). وهي متعلقة «باختلال» العلاقة بين عناصر المنظومة، مما يؤدي لانخفاض كفاءتها، وتدني مستوى ادائها. فالازمة تصيب منظومة، ومن الضروري حل الازمة دون أن تفقد المنظومة دورها واستمراريتها، او أن تفقد أي من عناصرها. وهذا يجعل الحل بتطوير عمل عناصر المنظومة بشكل متكامل ومتناسق.
أسباب الأزمات كثيرة، ومصادرها متعددة، ولا يكمن الحل بالتعاطي مع أسبابها لمنعها، بل الاستجابة لها باتخاذ إجراءات تمنع تكرارها. فكل أزمة (بغض النظر عن أسبابها) هي منجم للفرص، وهي كذلك فرصة للتحديث والتطوير. فالحقيقة الثابتة تاريخياً هي: (الازمات تطور المنظومات). فالازمات خط للتأريخ (ما قبلها وما بعدها). فلا تخرج المنظومات من ازماتها كما دخلت إليها.
المنظور الخطي لحل الازمات، ينطوي على مجموعة فرضيات تجاوزها الواقع بفضل ما تحقق من منجزات. فأهم منجزات للأردن، هو بناء منظومة التعليم. والمطلوب الآن هو التعامل مع هذه المنظومة لتعمل. فما تحقق كثير يستحق الجهد من أجل الحفاظ عليه أولاً، وتفعيله ثانياً. فالحقيقة أن نسبة المعلمين للطلاب في الأردن من الأفضل عالمياً، وهي قرابة معلم لكل 16 طالباً، وبمعدل شعبة تعليمية لكل 27 طالبا. ونسبة الإداريين للمعلمين هي 2 إلى 3. هذه حقائق تفرض أن نتعامل مع التعليم كمنظومة، ولا بد من التعاطي مع ازمتها بمنطور مختلف. هو منظور «أزمة المنظومات». وهذا يعني التعلم من «حلقات التفاعل السببية» لتفعيل عناصر المنظومة، وضمان ادائها الامثل.
كما أن هناك أزمة مناهج كونية (وليست أردنية) فرضتها ثورة الاتصالات، التي أنهت هرمية المعرفة، وفرضت إجراء تحويلات عميقة وبنيوية على مجمل المنظومة التعليمية. فلا يمكن تغيير طبيعة عمل المناهج، دون تغيير طبيعة عمل المعلم، ودون تغيير طبيعة عمل المدرسة، ودون تغيير طبيعة عمل وزارة التربية، والمؤسسات المركزية الأخرى.
أي ازمة تتطلب عند بدء التعامل معها إعادة ترتيب عناصرها. حلول الازمات تكمن بتغيير عمل عناصر المنظومة. والعنصر الأهم والذي يجب مراجعته عند أي ازمة هو: طبيعة أداء كل عناصر من عناصر المنظومة، مما يعني تغيير القواعد الناظمة للعلاقة بينها. فلا يمكن تغيير أداء أي عنصر من عنصر المنظومة، مع بقاء أداء العناصر الاخرى كما كان في السابق، ودون تطوير القواعد الناظمة للعلاقة بينها.
هناك حاجة، منذ عقود لتطوير عمل المعلم، وهذه الحاجة أصبحت ضرورة ملحة، تقتضي ضرورات أخرى، هي تطوير اداء المدرسة، وتطوير المنهاج، وتطوير عملية التأهيل والتدريب. ولكن هذا لا يمكن تحقيقه إذا بقيت وزارة التربية (وادوات الإدارة المركزية) تؤدي كما كانت تؤدي في السابق.
فلا بد من مراجعة طبيعة دور الهيئات المركزية التي تدير التعليم. والتفكير بشكل جدي لتطوير هذا الدور والانتقال به من الدور التنفيذي إلى الدور القائد والموجه. إذ أن تطوير دور وزارة التربية والتعليم، وتطوير طريقة عملها، هو المفتاح الذي سيمكن من إعادة ترتيب مجمل عناصر المنطومة التعليمية، ويمكن أيضاً من إطلاق عملية تطوير التعليم بشكل فعال.
لا يمكن تطوير المناهج، وتطوير دور واداء المعلم، وتطوير المدرسة، وإدخال الكمبيوتر (ووسائط التواصل الاجتماعي) في التعليم، إذا بقيت الوزارة «جهاز تنفيذي»، واستمر التعامل مع مجمل عناصر المنظومة التعليمية، باعتبارها مجرد (ادوات) تقوم الوزارة بعملها «من خلالها». فالخروج من مازق «التبسيط والاختزال»، يتطلب الانتقال بالمنظور من أزمة تعليم إلى «أزمة منظومة التعليم»، والارتقاء بدور الوزارة من «جهاز تنفيذي» إلى مركز قيادة وتوجيه.