Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-May-2017

مادورو جاء دوره ! - محمد كعوش
 
الراي - تستحق فنزويلا لقب « أم الربيعين « عن جدارة، لأن الولايات المتحدة مصرة على تغيير النظام الديمقراطي الأشتراكي في كراكاس بالقوة، او عن طريق حراك شعبي يميني معارض بدعم خارجي كما حدث ويحدث في « الربيع العربي الأميركي».
 
عندما شاهدت الرئيس نيقولاس مادورو يقف وسط الجماهير أمام جدارية لمحرر اميركا اللاتينية سيمون بوليفار، يدعو لصياغة دستور جديد وانتخابات تشريعية مبكرة تذكرت الرئيس الراحل هوغو شافيز الذي أفشل الربيع الفنزويلي الأول، كما افشل الانقلاب العسكري، بدعم من جماهير الفقراء الذين خرجوا الى شوارع العاصمة والمدن الكبرى وتصدوا للانقلابيين واعادوا الرئيس الشرعي الى منصبه، واذكر ان شافيز، في ذلك الوقت، قبل التحدي الأميركي واجرى انتخابات ديمقراطية وفاز بجدارة.
 
نرى اليوم ان التاريخ يعيد نفسه بصورة مشابهة، وكأن ربيع كراكاس يتجدد عبر حراك المعارضة اليمينية بتحريض خارجي من اجل قلب نظام الحكم في فنزويلا، وهذا يعني أن الرئيس مادورو يواجه الربيع الثاني، ولا استبعد أن يتحرك الجيش في لحظة ما، خصوصا أن مصالح النخبة المالية المعارضة في فنزويلا مرتبطة بواشنطن، وهي النخبة التي تتلاعب بالوضع الاقتصادي قصد التخريب والتحريض والداعمة للتمرد.
 
الفنزويليون يعرفون أن مشكلتهم مع اشنطن تعرف ليست مرتبطة بقضايا الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، وهي البضاعة التي تسوّقها واشنطن في كل المناسبات، لأن الرئيس مادورو وصل الى الرئاسة بانتخابات ديمقراطية حقيقية، ومن قبله الرئيس تشافيز، والدليل على ذلك ان المعارضة حازت على أغلبية المقاعد في البرلمان، كما ان واشنطن اعتادت على دعم انظمة ديكتاتورية مستبدة في اميركا اللاتينية.
 
لذلك هم على يقين بان مشكلة فنزويلا مع الولايات المتحدة مرتبطة بالنفط، وقضايا اخرى في مقدمتها انها تنادي بتكامل سياسي واقتصادي بين دول اميركا اللاتينية وتعارض العولمة التي يقودها الليبراليون الجدد، كما تنتقد السياسة الخارجية اللأميركية بقوة داخل مجموعة الدول اللاتينية.
 
والثابت ان دور فنزويلا الناشط في القارة اللاتينية، منذ عهد شافيز حتى اليوم، شجع العديد من الدول المجاورة ومجتمعاتها بالتحرك نحو اليسار والتأثر بالأفكار التقدمية والانحياز لمصالح الطبقات الفقيرة كما حدث في بوليفيا ونيكاراغوا والبيرو، على سبيل المثال. لذلك ركزت الادارة الأميركية في عهد الرئيس اوباما على تطبيق نظرية الاحتواء الناعم لدول اميركا اللاتينية، وقام اوباما بزيارته التاريخية الى كوبا، والتي انتهت بهدنة دون أن تحل المشكلات.
 
ولكن واشنطن لا تستطيع الابتعاد عن أهدافها وبرامجها، حتى لو اظهرت نواياها الحسنة، لذلك واصلت عملها السري حتى نجحت في تغيير النظام في البرازيل والأرجنتين لصالح اليمين، وقد عززت خططها بالمصالحة الغامضة مع كوبا، وبذلك انفردت بفنزويلا واشعلت ربيعها الثاني ضد مادورو، وحرضت الجماهير اليمينية على التظاهروالمطالبة بالتغيير اسقاط نظام.
 
وبهذه المناسبة نتذكر خطابات وتصريحات الرئيس الأميركي ترامب الذي اعلن في أكثر من مناسبة أن ادارته لن تعمل على اسقاط الأنظمة في الدول الأخرى، ولكن يبدو ان الأدارات الأميركية المتعاقبة لا تتنكر لعاداتها، ولن تتراجع عن سياساتها وأهدافها في اميركا الجنوبية، ولم ولن تتخلى عن أولوياتها المتمثلة بتغيير الأنظمة في الدول التي ترفض لعب دور التابع للولايات المتحدة، لذلك قد يتغير الأسلوب أو «التكتيك» دون أي تغيير في الأهداف الأستراتيجية، تماما كما هو الفرق بين سياسة جورج بوش الابن الخشنة وبين سياسة اوباما الناعمة.