Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Oct-2018

لـيـس كـلّ الـكـاذبـيـن سـواء - د. صلاح جرّار

 الراي - للكذب ألوان وأشكال وصورٌ وأسبابٌ لا تعدّ ولا تحصى، ومتى تفشى الكذب في مجتمع من المجتمعات فإنّه مؤذنٌ بخراب ذلك المجتمع وانهيار قواعده وأركانه.

ويتفاوت مقدار انتشار الكذب من مجتمع إلى مجتمع، فبعض المجتمعات يقلّ فيها الكذب لعدم الحاجة إليه، وبعضها يوجد فيها قدرٌ معقول من الكذب، وبعضها تعتمد في غالبية تعاملاتها على الكذب وتتخذه ديدناً لها وتبالغ فيه إلى درجة أن الكاذب يكاد يصدق أكاذيبه قبل أن يصدقها الناس.
ولذلك، فإنّه لا يوجد مجتمعٌ من المجتمعات يخلو تماماً من آفة الكذب، ومن الصعب أن نتخيّل مجتمعاً ليس فيه كذب، أو أن نتخيل إنساناً لم يكذب قطّ، إلاّ أنّ الكاذبين ليسوا سواء، فبعض الناس يتوقع منهم الكذب، وبعضهم قد يكذب في بعض الأحوال، غير أنّ من الناس من يعدّ كذبه ذنباً بالغ الخطورة ولا يقبل منه بأيّ حالٍ من الأحوال، ومن هؤلاء: المسؤولون في الدوائر والمؤسسات، وهم الذين يفترض فيهم الناس الأمانة والعدل والصدق كي يكونوا أهلاً للثقة والمسؤوليّة. ومنهم رجال الدين، وهم الذين يعلّمون الناس فضيلة الصدق، ومتى كذب رجال الدين فإن ذلك يدعو إلى الإحباط وخيبة الأمل وفقدان الثقة بالناس كافّة، غير أنّ البلاء الأكبر أن يصدر الكذب عن أناس يجمعون بين المسؤولية والتديّن مستغلين احترام الناس لهم وثقتهم بهم، فيصدّقهم الناس مهما كذبوا ومهما افتروا على غيرهم، ومثل هؤلاء لا يقترفون جريمة الكذب وحدها بل يضيفون إليها جريمة خداع الناس بمظهرهم، وهي أشدّ خطراً من الكذب.
ومن أصناف الناس الذين يعظم الكذب متى صدر عنهم: المعلّمون وأساتذة الجامعات، لأنّهم أهلٌ للتصديق من طلبتهم ومن كثير من الناس، ولذلك فإنّ كذبهم ينطلي على الناس بسهولة، كما أنّهم بكذبهم يعلّمون تلاميذهم الكذب متى انكشف أمرهم.
ومن هؤلاء أيضاً الوالدان اللذان يكذبان على أبنائهما أو أمامهم، فإنهما بذلك يجعلان من نفسيهما أسوأ قدوة لأبنائهما ويعلّمانهم الكذب وأصوله ممّا يؤدي إلى فساد الأجيال في سنّ مبكّرة ممّا يدوم أثره ويتفشّى ضرره في المجتمع.
إنّ الكذب آفةٌ خطيرة، وهي مرفوضة رفضاً قاطعاً أيّاً كان مرتكبها، غير أنّها أعظم خطورة وأشدّ ضرراً، وأكثر استنكاراً متى صدرت عن أيّ مسؤولٍ أو رجل دين أو معلّم أو أستاذ جامعيّ أو أحد الوالدين، لأنّ كذب أيّ من هؤلاء يفتك بالأرواح ويدمّر العقول ويفسد المجتمعات.
salahjarrar@hotmail.com