Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-May-2017

مجرد أسئلة حول المشهد الثقافي - بلال حسن التل
 
الراي - ماهي حقيقة المشهد الثقافي والفكري في بلدنا, وهل تعبر لغة الأرقام عن هذه الحقيقة؟ بمعنى ماهي حقيقة أرقام العضوية, في النقابات والجمعيات والروابط والاتحادات والمنتديات,ذات الصفة الثقافية والفكرية والإعلامية بمقتضى تراخيصها الرسمية؟ فهذه الأرقام تقول بأن لدينا جيوشاً جرارة من المبدعين: شعراء ونقاد وقاصون وروائيون ومؤرخيون وإعلاميون ومفكرون, فهل تنطبق الشروط الحقيقية للمبدع على كل هؤلاء الأعضاء الذين ينضوون في إطار هذه النقابات والاتحادات والجمعيات والروابط والمنتديات؟
 
هل تطبق هذه الأطر شروط العضوية المنصوص عليها في قوانينها وأنظمتها تطبيقاً دقيقاً, يحفظ للمبدع الحقيقي خصوصيته في الإطار الذي ينتمي إليه؟ أم أن الواسطة والمحسوبية التي تأخذ طابع الشللية تلعب دورها في قبول الأعضاء في هذه الأطر؟ الأمر الذي خلط الغث بالسمين فيها, وجعلها تفقد تأثيرها, خاصة وأن كثيراً من المبدعين الحقيقيين يعزفون عن الانخراط فيها في ظل فقدانها لخصوصيتها, وللأهداف التي قامت من أجلها, مما يستدعي أمرين: الأول أن تتحرك الدولة, للتأكد من احترام القوانين والأنظمة السارية المفعول في هذه الأطر, والثاني أن تتحرك القوى الفاعلة, من أعضاء هذه الأطر, لتصحيح مسارها وإعادة الاعتبار لها لتمارس, تأثيرها المطلوب في المجتمع. وقبل ذلك احتراماً للذات والصفات المكتسبة.
 
وعلى ذكر التأثير فإن سؤالاً يطرح نفسه خلاصته: أنه إذا كان لدينا كل هذه الجيوش الجرارة من المبدعين, كما تقول جداول العضوية في الأطر التي تتعاطي الشأن الإبداعي, فأين تأثير هذه الجيوش على واقعنا الثقافي, الذي نعترف بأنه مأزوم وفقير,أم أن هذا الفقر والتأزم من نتائج اختلاط الغث بالسمين بالمشهد الثقافي والفكري في بلدنا ومن ثم اهتزاز الثقة بمنتجات هذا المشهد؟ خاصة وأن نسبة عالية من مكونات الغث الذي دخل إلى مشهدنا الثقافي تمتلك الصوت العالي والعلاقات العامة التي تفتح لها الطريق لتطغى على المبدع الحقيقي, الذي من صفاته احترام نفسه واحترام منتج عقله وخياله, كتاباً أو بحثاً أو لوحةً أو قطعة موسيقية أو مقالاً صحفياً أو برنامجاً مسموعاً أو مرئياً؟
 
يقودنا ذكر العلاقات العامة إلى الحديث عن حفلات توقيع الكتب التي أصبحت « موضة» في بلدنا, وتحولت من مناسبات ثقافية فكرية لكبار الكتاب إلى حفلات كوكتيل, وعلاقات عامة ومهرجانات خطابية, يتغنى فيها بعض أصدقاء «مؤلف» الكتاب بصديقهم «المؤلف»علماً بأن بعض المتحدثين في مثل هذه الحفلات, لم يكونوا قد قرأوا الكتاب الذي جاءوا للحديث عنه, فيهربون من ذلك للحديث عن الصفات الشخصية للمؤلف, وعلاقتهم به, ومن لا يفعل ذلك فإنه يهرب للحديث عن قضايا عامة, لا علاقة لها بموضوع الكتاب, الذي جاء الناس للاستماع عنه وبهذه المناسبة أعني مناسبة الحديث عن موضة حفلات توقيع الكتب, التي تكاثرت في السنوات الأخيرة في بلدنا نتساءل أنه إذا كنا نقول أننا أمة لا تقرأ, فلمن يصدر كل هذا الكم من الكتب, فأرقام الإيداع في المكتبة الوطنية تشير إلى زخم كبير من الكتب التي يتم تسجيلها لتأخذ طريقها إلى الطباعة,علماً بأن هناك نسبة من الكتب التي تطبع دون حصولها على رقم الإيداع في المكتبة الوطنية, ناهيك عن الكتب المستوردة, فإذا كنا لا نقرأ فلمن تطبع كل هذه الكتب في مختلف صنوف وألوان «المعرفة» وما هي نسبة الغث من السمين في كل هذا الذي يطبع, والذي تشكل نسبة عالية منه هدراً اقتصادياً باعتبار, أن كل مدخلات صناعة الطباعة مستوردة بالعملة الصعبة؟.
 
أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال هو من اختصاص النقاد وأهل الاختصاص, وعندي أن سبباً رئيسياً من أسباب تجرؤ أدعياء الإبداع, يعود إلى غياب حركة نقدية جادة في بلدنا, تتصدى بحزم وموضوعية علمية لتقيم كل منتج إبداعي يظهر في بلدنا, سواء كان هذا المنتج كتاباً أو لوحة أو قطعة موسيقية أو عملاً درامياً...فهذا الغياب هو الذي جرأ الأدعياء على اقتحام مشهدنا الثقافي والفكري, ومكنهم من خلط غثهم بسمين المبدعين الحقيقيين, وعلاج ذلك أن نسعى جميعاً إلى التأسيس لحركة نقدية حقيقية, تحمي مشهدنا الثقافي والفكري, وفي هذا المجال يمكن لمختبر السرد الأردني الذي أُعلن عن تأسيسه مؤخراً أن يلعب دوراً هاماً في التأسيس لحركة نقدية ناشطة ومؤثرة, كما يمكن للمؤسسات الإعلامية أن تلعب دوراً حاسماً في هذا التأسيس, عندما تتواصل صحفنا وإذاعتنا ومحطاتنا الفضائية بصورة دائمة ومنظمة مع ثلة من النقاد الحقيقيين, الذين يمتلكون أدوات النقد الحقيقية, لتعرض عليهم ما يصل إليها من منتجات ثقافية لنقدها نقداً موضوعياً, يقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت, فهذه هي بداية الطريق لبناء مشهد ثقافي مشبع بالإبداع الحقيقي.
 
Bilal.tall@yahoo.com