Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Jul-2019

شعراء ينشدون تراويد العشاق وينصبون خيام وجدهم بين اليقظة والحلم

 الدستور - عمر أبو الهيجاء ونضال برقان

ضمن فعاليات مهرجان جرش للشعر العربي، الذي تنظمه إدارة مهرجان جرش للثقافة والفنون بالتعاون مع رابطة الكتاب الأردنيين، أقيمت مساء الخميس الماضي الأمسية الشعرية السادسة في المركز الثقافي الملكي، بمشاركة الشعراء: د. علاء عبد الهادي «مصر» ومحمد الخالدي «تونس» وإسماعيل السعودي وعمر أبو الهيجاء والمهندس رغيد الشخشير ود. هشام القواسمة ومحمد العامري من «الأردن» وأدارت مفردات الأمسية معرفة بالشعراء القاصة حنان بيروتي وسط حضور من المثقفين والمهتمين.
الشاعر المصري د. علاء عبد الهادي كعادته يشدك بنبرة صوته وقصائده التي تأخذك في رحلة عبر فلسفة الشعر وتجلياته، شاعر يبحر عميقا في اللغة ليضعنا أمام أسطرة الأشياء وعمق الدلالة وفضاء الجملة الشعرية، يقرأ في قصائده كل ما يعتمل في داخل الإنسان، ولا تخلو قصائده أيضا من الصور الغرائبية المدروسة بعناية فائقة وموظفة لتخدم مجريات النص الشعري ضمن بناء محكم مفخخ بالقفلات والصور المدهشة.
من ديوانه «مهمل تستدلون هليه بظل»- الديوان الفائز بجائزة الشاعر التونسي الكبير أبو القاسم الشابي في مئويته قرأ: «سقطتْ صَومعةٌ ذاتَ مرةٍ، على رأسِ معتكفٍ، كانَ ذلكَ معَ مغيبِ الليل، قبلَ ذلكَ كانتِ الأشجارُ تلدُ فتياتٍ ناضجاتٍ وتختفي مع مغيبِ الليل، يَظْهَرُ للرّجالِ أثداءٌ هائلةٌ وغصونٌ.. مع مغيبِ الليل.. تَهرُبُ الذِّئابُ بصحبة القطعانِ المُحِبَّةِ.. مع مغيبِ الليل، يَنْفُقُ الرعاةُ مع مغيبِ الليل، تَفُكُّ كِسرةُ خبزٍ شَهوتَها للعفن.. مع مغيبِ الليل، فخرجَ الناسُ يُودّعونَ شيخَهُم، ذاكَ الذي أجَّلَ الرحلةَ مراتٍ ومرات، لكنَّ سقوطَ الصومعةِ كانَ حدثًا عجيبًا، فاستعجلَ الرّحيل»..»في الحرب نَهْدِمُ أشياءَ نَجهَلُها! ونَقتُلُ أناسًا لا نعرِفُهُم، «للضوءِ لونٌ واحدٌ; لونُ الفضيحة».
الشاعر التونسي محمد الخالدي صاحب ديوان «المرائي والمراقي» أخذنا عبر قراءاته الشعرية إلى فضاءات القصيدة المحكمة البناء والمشحونة بالفكر واللمسات الشعرية الصوفية ضمن رؤى جديدة تنم عن مراس في كتابة النص الشعري، شاعر يضعنا في دهشة قوله الشعري من خلال مضامين قصائده التي تمعن في الحلم المنشود ومراقيه، فثمة حوارية مشهدية تقرأ ممالكه الأخرى تسكن فينا ومترعة بالضوء ومعنى الحياة وإيقاعها.
من قصيدته «المرقى» نقتطف منها: «ما بين اليقظة والحلم تجلّى لي/ يرفل في ملأ من نور شف وأومأ لي/ هيّا اتبعني/ ومضى يطوي الأرض فصحت: تريث أنى لي/ أن أرذرع مثلك هذه الأرض/ تريث حتى أخلع أسمالي/ حط على جبل من بلور/ فمشيت إليه وبي أتعثر في أسمالي/ دونك هذا المرقى فتسلّق سخر الأحوال/ كابدت/ وكابدت/ وكابدت/ فما رقّ الصخر لحالي».ومن قصيدته «ممالك أخرى قرأ»تلك معادبد تغرق في الصمت تنادينا/ سنطير إليها/ ونقول لسادنها ها نحن أتينا/ فأعد لنا خلوتنا/ وأعد لنا خمرا/ وغلالا مترعة بالضوء».
الشاعر د. اسماعيل السعودي في قصائده ثمة بوح تجاه الحبيبة وحوارية لا تخلو من العشق الدفين من خلال قصيدته «تقول لي تلك الفتاة محاورة وعاتبة» فكان حوارا لا يحتمل التعقيد يبث من خلاله تباريح قلبه المشوق للحبيبة، شاعر يمعن كثير في الذات الشاعرة العاشقة منطلقا من إلى أجواء أخرى تستقرئ دواخل الإنسان من حيث الوقوف على أطلال من يحب.
من قصيدته «تقول لي تلك الفتاة محاورة وعاتبة» حيث يقول فيها: «لا تكابر لا تكابر/ جسمك الذاوي سينبي/ كم تعاني ..كم تقاسي..كم تخاطر/ لا تحاول كتم حب..بأن في عين وخاطر/ ريحك العجلى سريعا سوف تمضي/ والهوى المجنون يبقى في المباخر/ لميعد غيري انتظار واحتضار ومشاعر/ خبئيني في يقيني واتركي شكي يهاجر/ عانقيني أمسحي بالدمع أحلامي/ وظلي مثل ليلي في انتظارك/ واقفا في نصف شك من نهارك/ قبليني وأتركي زهر الحكايا/ فوق أهداب المرايا/ في انتظارك/ كل مجدي في حياتي/ أننيحاولت فيك فاستحلتي لسراب/ أا قد صرت شاعر».
من جهته الشاعر عمر أبو الهيجاء قرأ أكثر من قصيدة قصيرة من «أطياف، طقوس، ترتيلة شهيد، وعاريا وأحلم» وغيرها من القصائد التأملية التي تقف على المعطى اليومي المعاش.
من قصيدته «عاريا وأحلم» يقول: «غريبا/ مثلي أيها الطالع من المدن الترابية/ يقيم الليل داخلك/ ودمك الريح/ تسابيح الدراويش/ ترويدة العشاق/ راية وميجنا/ غريبا/ تسكنك الليالي/ وأغاني الغجر الراحلين/ منفي في الصحارى/ تقرأ رغم احتشاد الفصول فيك/ سيرة من مروا محملين «بالبقج»/ وناموا طويلا في الشمس/ غريبا/ مثلي/ توقظ العصافير في عري الشجر/ تحلم بتعاليم الشهداء/ .. وبالريح والميجنا/ وتبقى غريبا/ عاريا تحلم بالتراب/ وتحلم مثلي».
فيما قرأ الشاعر المهندس رغيد الشخشير قصيدة «عودة إلى دمشق، وفلسطين التي في خاطري» وغيرها من القصائد التي عاينت الواقع العربي في فلسطين ودمشق وما آلت الأوضاع في هذين البلدين من عذابات وجراحات وتشريد وقتل دمار..بلغة لا تخلو من العاطفة الجياشة وتقف على ما آلت إليه الأوضاع في وطننا العربي.
من قصيدته «عوده إلى دمشق» نقرأ منها:»أنا حلمت بها.. أم مسـني خـدر ُ/ ووجه من أهوى ..أم أنه القمر ُ/ وكيف أثـر بـي من بعـد فرقـتـنـا/ هذا اللقاء وكيف الدمع ينـهمرُ/ وكيف أحضـــنـها ومحيـطــها وطنٌ/ والشوق يدفعني ويداي تقـتـصرُ/ وكيف أُشـبعـها  قبـلاً وحـيـرني/ ماذا سـأخبرها إن جـئـت أعتـذر ُ/ إني وعاطفـتي لا شـيء غـيّـرنـا/ أو كان بدّلـنـا بعــدٌ ولا سـفر ُ/ كل التجارب والقصص التي سلفت/ والذكريات بـهذا اليــوم تُخـتـَصر».ُ
أما الشاعر د. هشام القواسمة قرأ مجموعة من القصائد الذي قرأ بدوره غير قصيدة التي عاين في عذابات الروح، ذاهبا بنا إلى فضاءات التاريخ والموروثات الدينية من خلال قصيدته المحملة بالكثير من التأويلات التي أسقطها على واقعنا المرير، بلغة تعلو فيها موسيقى الحياة وإيقاعات الحزن الشفيف ودمع العيون الذي نهرب منه.
من قصيدته «من يوميات أبي ذر الغفاري» يقول:» قائمٌ منذُ عامٍ بباب المدينةِ/ أَصرخُ ؛ والليلُ يجلدُني/ في سياطٍ من السَّخط الأمويِّ/ ُأحاول أَن أَستقيم مع الانحرافاتِ/ أَختزلُ الحزنَ/ أهربُ من دمعةِ العينْ/ أحاول/ يمتقع اللونُ في ناظريّ/ تمتدُّ بيني و بينك هذي المسافاتُ/ تحملني الذِّكرياتُ القديمةُ/ في ردهةِ الليلِ/ أَصغي/ فيجتازُ صوتُك هذا المدى:» تعيشُ وحيداً ..تموتُ وحيداً ..وتبعث من كوة الرمل يوما وحيد».
واختتم القراءات الشعرية الشاعر والفنان التشكيلي محمد العامري صاحب ديوان»ممحاة العطر» شاعر يرمي رأسه في سلّة المهملات..لكن قامته تتعبه للممات، في قصائد تشتم رائحة الأرض، الأرض المبللة بأحبار الروح، ولاتخلو قصائد من الصور المشهدية والمشحونة باللغة البصرية وإيقاعات اللون الممزوج بموسيقى الروح.
من قصيدة له بعنوان:»المكان على حاله» يقول فيها:»كل شيء هنا محض ظل يبدل/ قمصانه/ فالغرام على حاله/ يتفتح في مزهرياتها/ وردة في قميص الغياب وتفاحة/ تتهجى الخطيئة/ هذا كتابك/ فوضاي في نكهة الحبر/ كيف لفوضاي أن تنتهي/ في ملاحقة طيفك/ المزهريات في ليلها/ العطور على دكة النوم/ ظل الحقائب وهي تنوء بأسرارها/ بقايا سجائر ميتة في فراغ المنافض/ شالك حين يرف/ سؤالك في لحظة الارتباك/ هناك على طاولة العشق/ تبنين بيتا من الفل/ تبنين عمرا بأكمله/ شهقة للغرق/ وأغنية ربما لا تجيء».
وفي نهاية الأمسية تم تكريم الشعراء المشاركين في الأمسية بدرع المهرجان ووسام رابطة الكتاب الأردنيين من قبل نائب رئيس الرابطة الشاعر سعد الدين شاهين.