Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Jan-2020

الأردن واحتمالات المواجهة الكبرى*د. فايز بصبوص الدوايمة

 الراي

في خضم المواجهة المحتملة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وخاصة بعد اغتيال قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي والذي تم اغتيالهما من قبل أميركا، فقد وضعت تلك التطورات المنطقة برمتها على حافة بركان إقليمي، وحرب مفتوحة شاملة قدر المراقبون أنها ستكون حرباً شرسة مدمرة وستغير المعادلات الجيوسياسية في المنطقة إذا ما تطورت الأوضاع وصولاً إلى المواجهة الحتمية، فما زلنا نستقرئ واقع التحول الحقيقي الذي حصل في لبنان والعراق والجزائر وتطور الأزمة الليبية والتي تصارعت أحداثها ومفاعيلها بعد موافقة البرلمان التركي على إرسال قوات عسكرية تركية إلى العراق. كل تلك الأحداث وتسارعها في تلك المنطقة قد يضع الأردن أمام تحديات سياسية كبيرة يجب أن يتخذ قرارات مصيرية ترتكز على سياسة النأي بالنفس عن إفرازات ونتائج وسياقات العمل الحربي أو السياسي والبقاء محايداً داعياً إلى تحكيم العقل وضبط النفس لأن بركان المواجهة الشاملة بين الإيرانيين والأميركيين سيترك آثاراً جسيمة على كل المنطقة، وستنعكس بشكل مباشر في أبعادها الإنسانية على كل فرد ومواطن في الإقليم وأطرافه أيضاً.
 
ما يعني أن ذلك يتطلب السير على خط رفيع بين التداعيات المحتملة في تلك التطورات هنا وهناك، لذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار مصلحة الأردن العليا في قياس المواقف في تلك المواجهة والتي هي ستكون نتيجة مباشرة لتجلي الصراع الخفي بين مراكز القوى الإقليمية والدولية والتي تتوازى مع ضخامة المخزون الغازي في شرق المتوسط والذي سرع في تطوير الأحداث، وغير قواعد الاشتباك الإيرانية الأميركية المعهودة، والقائمة على احتساب النقاط السياسية والدبلوماسية وتغييب شبه كلي لمواجهة مباشرة لكن أحداث العراق والاستهداف المباشر لقاسم سليماني قد وضع الجمهورية الإسلامية أمام تحد غير مسبوق بين مطرقة الاعتدال السياسي القائم على اكتساب النقاط غير المباشرة وسنديان الضرب تحت الحزام والتي من خلالها قامت القيادة الأميركية بإجبار إيران على الخروج عن ثوابت حركتها الدبلوماسية والعسكرية في المنطقة والتي خاضت تلك المواجهة من خلال نفوذها وادواتها والميلشيات التابعة لها في اليمن ولبنان والعراق وسوريا حصراً.
 
إن واقع هذا التحول الجيوسياسي كما أسلفنا بأنه سيكون له تداعيات على الأردن، وتلك التداعيات تتطلب انخراطا غير مسبوق في التحريض على ضبط النفس وملاحقة وتطوير أي مبادرات للتهدئة لأنه الخيار الوحيد الذي يجنب شعوب المنطقة ويلات المواجهة الشاملة بين الطرفين، فالنأي بالنفس لا يعني عدم تشجيع المبادرات القائمة على التهدئة ووقف التصعيد لأن الأردن يحظى باحترام حقيقي يتمثل في الأبعاد الإنسانية والروحية والقومية والمنطقية التي يجسدها جلالة الملك عبر ترسيخ مفهوم الحياد الإيجابي والمسافة الواحدة من اقطاب الصراع القادم.