Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Apr-2018

النضال ضد الفاشية - أمير يوفال
 
هآرتس
 
الغد- في مقال بعنوان "إسرائيل ناضجة للفاشية" كتب دان هوروفيتش في 1985 في إحدى الكراسات لرابطة أبحاث ماركس والاشتراكية: "القادة الفاشيون يميلون إلى مماهاة مصالح الشعب مع مصالحهم وعرض مصالحهم الشخصية كمصالح قومية، ووصف معارضيهم كأعداء للشعب... وذلك من اجل الوصول إلى الحكم بوسائل ديمقراطية والحفاظ عليه بوسائل ديكتاتورية... إن طموح مؤيدي الزعيم القوي هو أن يوطد النظام وأن يتجاهل قيود دولة القانون عندما يقوم بعلاج العرب، اليساريين، الانهزاميين والخونة".
رغم أن كثيرين كتبوا وحذروا، حطموا الشر وقاموا بفك الشيفرة، يتبين أن المرض يتفشى. هل مسموح للنخبة المثقفة مواصلة الانغلاق في غرف التعليم والبقاء حول الطاولات المستديرة والتعبير عن انفسهم بورقة موقف؟ هل في واقع فيه اليمين يقيم معاهد ابحاث تشكل الرأي، ويتفاخر بنخبة دينية رائدة، تربي على قيمها، وتعقد اجتماعات حاشدة وتصعد إلى التلال – هل ما زال النموذج المعقم القديم ذا صلة؟ هل أكاديميا غير سياسية لم تجلب لنفسها "مكانة المتبرعين" واخضاع العلوم السياسية لعلوم الرفاه، بثمن قمع التفكير الانتقادي؟
العمليات العميقة الخفية والقضم التدريجي الزاحف مكنت من تكيف المجتمع مع اضرار المرض الفاشي، في حين أن المفكرين تابعوا وكتبوا بشجاعة مدنية خلال سنوات عن اعتياد القومية التي تخاف من الأجانب، بدون قصد قاموا بتطبيع الفاشية بنوع من العجز الذي يمكن التعايش معه. لقد اعتدنا على تهديد الصواريخ وعلى معدل الفقر وعلى قضايا الفساد وعلى صوت آلة الطباعة وهي تكتب عن احراق عائلة وعن عرس الكراهية.
آفي ساغي من جامعة بار ايلان كتب في "هآرتس" في 15/6/2017: "إن منح الشرعية لتعرية رجل الأكاديميا من عالمه القيمي هو تحليل للظلم والشر". بيد أن المحاولة الفاشلة لاسكات المفكرين ليست إعلان حرب، بل صرخة انتصار في مسرحية "الثلاث رصاصات والمنصة المهجورة". ليس لمعارضي الفاشية نخبة مثقفة مستعدة للنضال في مناطق العرق والتجمعات، وأن ترسم خطوطا هيكلية سياسية وقيمية وأن تقود النضال. 
جيل كامل من تجمعات اليسار الحاشدة تجتمع من اجل الرثاء والقول "أنا ذاهب كي أبكي لك" و"نحن الأطفال – وأنتم لم تقوموا بالوفاء بوعودكم"، وكل ذلك بمرافقة رقصات من الحركات يمينا ويسارا التي تحسن التعبير عن ضياع الطريق على ضوء الشموع. هل إسرائيل الديمقراطية لم يتم انشاؤها من قبل مثقفين، من حين لآخر وضعوا القلم وتجندوا، وحتى ضحوا بأنفسهم من اجل القيم المتنورة وتقرير المصير؟.
النخبة المالية والنخبة الحاخامية سيطرت على تحديد الحدود السياسية والقيمية. الميادين متروكة للمفكرين الذين يعتبر الحياد القيمي غريبا عليهم، نخبة دينية يمينية تتجند وتجند، التي انشأت معاهد أبحاث وأحزاب و"راصد الأكاديميا الإسرائيلية".
النخب المنتصرة هي تلك تحتاج إلى الدمج بين التعليم والقيم. التعليم لا يمكن أن يتم بدون قيم، ليس فقط لأن الأمر يتعلق بقيم التنوير. تطور العلم بحد ذاته مرتبط بقيم الثورة الفرنسية والليبرالية الدينية والتعددية القومية – هذا هو مفهوم "يونيفيرس" (العالم) الذي منه اشتق مفهوم "يونيفيرسل" (الجامعة). العلم، أي علم، يرتبط بوجود حرية المعرفة، المعرفة المفتوحة بصورة متساوية، بتفوق الحقيقة الواقعية على الحالة الشخصية وعلى الهوية وعلى الانتماء العرقي والاعتراف بالعلاقة المتبادلة العالمية بين المعرفة والوجود. فقط في واقع اورفلياني فإن المثقفين يتنازلون عن القيم المؤسسة للثقافة. حيادية البحث ليست حيادية الباحث تجاه المجتمع.
هوروفيتش كتب أن العمليات الفاشية في الثمانينيات تتعلق بظاهرة "الكراهية تجاه العرب من جانب العديد من أبناء الطوائف الشرقية". مقولة "العديد من أبناء الطوائف الشرقية" ليست فشل للسلامة السياسية، وليست فقط تجاهل للحقيقة حول الهيمنة الاشكنازية على الطليعة الفاشية – هذا تعبير عن الاغتراب وعن ابتعاد النخبة عن الجمهور وعن وظيفتها الجماهيرية: النضال ضد كراهية الاجانب.
هوروفيتش نفسه أضاف: "النخبة الاجتماعية (تتحول) إلى نخبة غريبة بعد أن تُدفع جانبا، وتميزها الثقافي يتم وصمه بأنه (تعالي). معنى هذا هو أن النخبة المثقفة فشلت كنخبة. النخبة لا تعتبر نفسها ضحية مهمشة ومضطهدة، بل هي تتحمل مسؤولية تحديد طرق النضال ضد "الشعبوية" و"حيونة الحياة العامة". هل النخبة التي تم اقصاؤها لم تقم باقصاء "العديد من أبناء الطوائف الشرقية"، ولم تقم باقصاء آخرين – مستوطنين، حريديم، عرب وعلمانيين، الذين وجدوا عربة مليئة بدون مرشد؟ النخبة المثقفة لا تتحمل مسؤولية ترسخ الفاشية، لكن عليها أن تتحمل مسؤولية قيادة النضال ضدها.