Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Apr-2018

الطبيعة والبيئة والانسان:تضاد أم اتفاق؟ - د. فيصل غرايبة

الراي -  ثمة عناصر رئيسية أنسانية تتأثر بمفردات الطبيعة، تتمثل بالانتاج والانتاجية

والتواؤم وأدائية المواد والنظم والتأثير النفسي والسلوكي والاجهاد وقدرة
العوامل المضادة للأنسان، وكذلك اشكالية الاتقان والضبط ومدى التسامح
الأنساني، والتساهل ازاء غياب الجمال والاتقان والضبط، ومدى توفر المقومات
الأساسية للبقاء وضعف ديناميكية الضرورة.
لذا فان عدم التدخل الانساني الواعي بهندسة وتكنولوجيا تحسين وتطوير
البيئة يؤدي الى نتائج حضارية سلبية كثيرة، منها: تدني الانتاجية وضعف القدرة على المثابرة وعلى
الاستمرار، وضآلة الجهد البشري والنشاطات الجسمانية،وسرعة تلف المواد واختلال أداء الأنظمة والمعدات،
وكذلك فان عدم التدخل الأنساني الواعي بهندسة تحسين وتطوير البيئة وتقنياتها يؤدي الى نتائج
حضارية سلبية أخرى من قبيل وقوع الأفراد والجماعات والمواد والأنظمة تحت تأثير الانهاك، مع ضآلة الألتفات
الى الفنون والجمال وانخفاض التحصيل التعليمي، وقلة التنوع، وقلة استخدام الآلات والماكنات، وخشونة
المزاج وعدم الميل الى التسامح، هذا عدا عن الميل الى القول دون الفعل، والميل الى الجانب النظري
الوصفي، والابتعاد عن التجريب.
ان هذا الأمر يستدعي تركيز أنظمة التربية ولا اقصد المدرسة وحدها بل الأسرة والمدرسة ومؤسسات التربية
والتوجيه والتثقيف والبيئة الثالثة المفتوحة على بناء شخصية الفرد بطريقة أفضل وأقل قسوة، واذا لم
تتوفر في المجتمع المرونة البالغة والاستجابة الكافية، ولم يكن هذا المجتمع أو ذاك مستعدا للتغيير
والتغير، فلن يجني اية مكاسب من برامج التعليم.
أن ضياع الشخصية والهوية عقدة وهمية لا تذكر الا عند المطالبة بالتغيير والتحديث، وكأن الهوية و
الشخصية لا تستقر الا في حالة التخلف والفقر والبطالة. في حين أنه بقدر ما تعطي البلدان الناهضة
والمتقدمة اهمية للعلم والتعليم وتستثمر فيه، وتصل معدلات الانفاق لديها على البحث العلمي والتطوير
التكنولوجي عشرات بل مئات الأضعاف مما يتم انفاقه في أغلب الأقطار العربية. هذا في الوقت الذي حسمت
فيه معظم المجتمعات الكثير الكثير من القضايا الكبيرة والصغيرة، نجد أن المجتمعات العربية تدور في
الحلقات المفرغة، الأمر الذي يستنزف جهد المتعلمين والمفكرين والمثقفين والعلماء.
أما ما هو في اطار الأمور المجتمعية أو الثقافية فنجده أكثر تعقيدا وتأثيرا في الجوانب السياسية
والأقتصادية، لذا فان الخطورة في مثل هذه الحالة تخلق أجواء من الاحباط والعبثية والدوار التاريخاني، التي
يشعر المجتمع وهي تخيم عليه أنه يتأرجح بين ما قاله السابقون وما فعلوه وما كرروه. وفي حقيقة الأمر أن
المجتمع المتوازن يخلق حالة من التوازن في ذهنية الأجيال الناشئة ونفسيته خلال مراحل التعليم المختلفة،
وخاصة التعليم الأساسي، لتشب هذه الاجيال وتكبر محافظة على التوازن على المستويين الفردي والجمعي
وفي البعدين الذهني والنفسي.
ان معطيات البيئة والجغرافيا بسلبياتها وايجابياتها ينبغي أن توظف لتحسين الأداء وتعزيز التحصيل
العلمي، أو على الأقل لمنع تفاعلاتها السلبية، وان مجموعة الخصائص الماثلة امام الانسان، يتفاعل الجسم
والعقل والنفس والفكر معها ويعيد انتاجها، في حين أن سيطرة البيئة على مسار التطور تتناسب عكسيا
مع التطور العلمي والتكنولوجي في المجتمع، ففي غياب العلم والتكنولوجيا والهندسة والطاقة تكون
سيطرة البيئة كاملة، بينما ان تلك السيطرة تأخذ بالتراجع مع تمكن المجتمع من معطيات العلم
والتكنولولجيا والمعرفة واعادة انتاجها وتطويرها.
*استشاري اجتماعي -باحث بقضايا المواطنة
*عضو المكتب التنفيذي لحزب الاصلاح
dfaisal77@hotmail.com