Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Nov-2017

لبنان.. ونحن والأخطار المحدقة! - صالح القلاب

الراي -  الآن وقد أصبح لبنان مهددا بالعودة إلى نهايات القرن الماضي وأيضاً إلى ثمانينات القرن الذي سبقه وإلى ليس الحرب وإنما الحروب المدمرة التي كانت عملياًّ قد بدأت في عام 1975 وبقيت متواصلة حتى مؤتمر الطائف التصالحي الشهير الذي إنعقد في عام 1989 بمبادرة سعودية، بالطبع، أنهت مسيرة دموية وصراعاً طائفياًّ أدخل الموت والدمار إلى كل «زاروب» من «زواريب» المدن اللبنانية وفي مقدمتها بيروت الجميلة التي يبدو أنها بإنتظار مأساة جديدة يريدها حسن نصر االله والذين يقفون وراءه لإتمام مؤامرة ما أطلقوا عليه إسم «سوريا المفيدة»!!.

إنَّ مشكلة لبنان، هذا البلد الذي جاء في أحد «الأسفار اليهودية» أن اليهود سيدخلونه كأرض لبن وخيرات لكنهم سيخرجون منه مهزومين تنزف أجسادهم دماء، أنه كان ومنذ الأزل ملاذاً للمشردين والمطرودين من بلدانهم وأوطانهم وأن مكونه الوطني أصبح يتشكل من أكثر من نحو عشرين طائفة ومجموعة عرقية وإن ألاعيب الدول وأطماعها، إنْ في زمن العثمانيين وإن قبل ذلك وبعد ذلك في زمن الفرنسيين وأيضا في زمن الهيمنة الأميركية بعد منتصف خمسينات القرن الماضي، قد حافظت على كل هذا التشظي والمعروف، حسب ما يقال، أن «الموارنة» يعتبرون حصة لفرنسا وإن الأرثوذكس حصة لروسيا واليونان وأن الدروز حصة للبريطانيين وأن «السُّنة» مرة حصة لمصر ومرة أخرى حصة للمملكة العربية السعودية وأن الشيعة سابقاً «لمن غلب» والآن حصة للجمهورية الخمينية وللولي الفقيه في طهران ثم وهناك الأرمن والأكراد واللاز وكان هناك اليهود قبل أن تأخذهم مؤامرة إقامة دولة إسرائيل إلى فلسطين. ولعل سوء طالع هذا الشعب العظيم وبلده الأعظم.. و»هالْكَمْ أرْزه العاجئين الكون»، كما يقول الشاعر المحلق الكبير سعيد عقل، الذي هو بالنسبة لي وربما لغيري بمستوى المتنبي وإمرؤ القيس، أن لعبة الدول البعيدة والقريبة قد حالت دون إندماج اللبنانيين، الذين هم الأكثر إستمتاعاً بالحياة والأكثر ثقافة وأناقة ووصولاً لأقصى زاوية في كل قارات الكرة الأرضية.. وأيضاً الأكثر حباًّ لبعضهم بعضاً في حقيقة الأمر، لأن كل واحدة من هذه الدول تريد لنفسها «مرقد عنزة» في البلد الذي تشكل ذُرى جباله أرزه برج مراقبة للشرق الأوسط كله.
وهكذا فإننا لو رجعنا إلى أسباب الحروب الأهلية التي كانت كل حرب منها بمثابة جمرة لاذعة على كبد هذا البلد الجميل، من حرب بدايات ثمانينات القرن التاسع عشر إلى حرب نهايات خمسينات القرن العشرين إلى هذه الحرب الأخيره التي لولا مؤتمر الطائف العظيم فعلاً في عام 1989 لربما إستمرت حتى الآن، لوجدنا أنها كلها مستوردة من الخارج وبالطبع فإن المؤكد أن عمليات «الإستيراد» هذه ستفشل لو أن أهل لبنان تمكنوا من أن يصبحوا شعباً موحداًّ وليس شعب طوائف ومذاهب وأعراق متلاصقة .
والآن.. ولأن حسن نصر االله، هذا الذي يفتخر بأنه مقاتل في فيلق الولي الفقيه، قد حوَّل هذا اللبنان الحلو الجميل إلى مجال حيوي إيراني ولأنه مع الوقت جعل ضاحية بيروت الجنوبية تبتلع كل الدولة اللبنانية فإن الخوف كل الخوف أن يصبح هذا البلد، الذي بقي كلما نهض من كبوة تعيده لعبة الأمم أو لعبة الدول إلى كبوة جديدة، ميداناً لآخر معارك ومواجهات إقامة:»سوريا المفيدة» .. أي وبالقلم العريض أن يتم تقسيم «قلب العروبة» الذي كان نابضاً قبل أن يبتلى بغربان الشؤم هذه..وأن يتم توزيع الطوائف اللبنانية فرق حسابات على الأشلاء السورية.. وأسال االله ألا يحدث هذا .. لكن الواضح أنه سيحدث إذا بقيت الأمور تسير في هذه الإتجاهات التي تسير فيها.
يقيناً أنَّ هناك مؤامرة طائفية ومذهبية تم جر لبنان، الذي هو بؤبؤ عين المنطقة العربية، جراًّ إليها عندما حول هذا المقاتل في «فيلق الولي الفقيه» ميليشياته من نحو الجنوب اللبناني إلى نحو جغرافية «سوريا المفيدة» التي يبدو أن هذه الحرب المدمرة التي تجاوز عمرها السبعة أعوام كان هدفها تحقيق «الإنسجام الإجتماعي» الذي تغنى به بشار الأسد بفرح غامر كفرح الطفل البريء بلعبة جميلة وحقيقة إننا الآن بإنتظار المؤامرة الكبرى التي ستكون أكبر كثيراً من محصلة كل هذا الذي يجري في هذه المنطقة .. وهذا يفرض علينا في هذا البلد ، المملكة الأردنية الهاشمية ، أن نعض على وحدتنا بالنواجذ وأن لا نسمح لأي شرارة متطايرة أن تعبر حدودنا .. وأيضاً أن لا نسمح لـ «الموترين» إنْ بدوافع ذاتية وإن بدوافع خارجية أن يواصلوا محاولات التوتير هذه التي يجب أن نشن عليها وعلى «الموترين» والموتورين حرباً حقيقية وفعلية منذ الآن .. منذ هذه اللحظة .