Wednesday 27th of November 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-May-2013

"نابولا- قبل السقوط " التمرد بالموت والوعي على المؤسسة
العرب اليوم - رسمي محاسنة - كثير من الأفلام التي تناولت النازية مرحلةً وفكراً، تنجح في تصوير النازية على اعتبار أنها الشر المطلق، والوحش الذي أنطلق من ألمانيا ليشوه وجه الإنسانية، وبالطبع كان لا بد من تصوير المحرقه ومارافقها من روايات وخرافات، على اعتبار أنها حقيقة مسلم بها تماماً، ومن دون إخضاعها للعقل أو منطق النقاش، وقليلة هي الأفلام التي تناولت صعود النازية برؤية موضوعية.
فيلم "نابولا- قبل السقوط" الذي يعرض في السادسة والنصف من مساء اليوم في مؤسسة عبد الحميد شومان، ويليه نقاش حول الفيلم، يعود بنا إلى عام 1942، حيث النازية في أوج صعودها، وهي بحاجة دائماً إلى من يجدد شبابها، فجاءت أكاديمية "نابولا" التي يقول عنها رئيسها في خطابه الموجه للطلاب المستجدين "الرجال هم من يصنعون التاريخ، ونحن هنا في "نابولا" نصنع الرجال"، ولذلك فإن النخبة هم المستهدفون، من أجل خلق جيل جديد يحمل الأفكار النازية، والحفاظ على العرق الاّري المتميز، ويخضع الطلاب لفحوصات وامتحانات صعبة، حتى أن الشكل ومقاسات الرأس والجمجمة لها إعتبارها في القبول بالأكاديمية.
ويقدم الفيلم نموذجين من الطلاب، الأول لشاب ينتمي للطبقة العامة من الناس"فريدريش" حيث يعمل والده في أحد المصانع، كما أنه يساعد العائلة بالأعمال اليدوية، نظراً لقوته البدنية، إضافة إلى كون والده من المناهضين "صمتا" للفكر النازي، والثاني"البريش شتاين"، شاب ينتمي إلى أسرة من نسيج الحكم النازي، حيث يحتل والده مركزاً متقدماً في الحزب النازي، ورتبة عسكرية عالية، ويريد له والده أن يلتحق بالأكاديمية التي كانت حلماً عنده في بداية حياته ولم يتمكنْ من دخولها.
صائد المواهب المدرب "فوجلر" يتابع الشاب "فريدريش" في إحدى مباريات الملاكمة، ويرى فيه نموذجاً يمكن أن يستفيد الحزب منه نظراً لقوته البدنية، فيطلب منه أن يتقدم بطلب للأكاديمية، وأنه سيرشحه للقبول، هذا الأمر الذي يجد صدى في نفس الشاب، الذي يريد التخلص من وضع العائلة الفقيرة، والنزوح إلى طبقة أخرى، وتحقيق أحلامه بأن يكون ذا شأن، ويبدع المخرج في رسم تلك الإبتسامة الخبيثة على وجه الشاب البريء قبل أن ينقلب على أفكار الحزب.
في الأكاديمية يوجد نظام صارم، والتدقيق على أبسط الأمور، النظافة والترتيب، والنوم المبكر، والكلام الممنوع بعد إطفاء الأضواء، إلى جانب الأفكار التي يتم زرعها في الرؤوس الصغيرة، عن مفهوم التطور الذي يقوم على قاعدة ضرورة إبادة الجنس البشري الضعيف، لضمان بقاء الجنس الأقوى، وما رافق ذلك من إمتهان للكرامة الإنسانية، ما جعل أحمد الطلبة لا يتحمل قسوة الأكاديمية وانعكس ذلك نفسانياً عليه من خلال تبوله اللاإرادي على فراشه.
"فريدريش" الشاب القوي والملاكم" و" البريش" الشاب الحالم والرومانسي والذي يكتب القصائد، يمثلان وجهاً مختلفاً لما هو سائد في علاقات الأكاديمية، جمعت بينهما صداقة قوية، ونقاشات عاصفة، وجاءت لحظة التنوير من خلال حدثين، أكتشفا فيه كذب المؤسسة وذلك عندما تم تشييع جثمان زميلهم الذي ألقى بنفسه على القنبلة لحماية زملائه ومات، وفي التأبين تحدثوا عن شجاعته وبطولته وهو الشاب نفسه الذي جعلت منه الأكاديمية سخرية أمام الجميع لأنه كان يتبول لا إرادياً.
وجاءت نقطة الحسم عندما أخرجوا الطلاب للبحث عن جنود "روس" مسلحين وخطرين فروا من السجن في الغابه وأمروا الطلاب بإطلاق النار عليهم ليتبين لاحقاً أنهم مجرد أطفال "روس" لايحملون سلاحاً، فكان قرار الموت "إحتجاجاً" من قبل "البريش" الذي أغرق نفسه في البحيرة الجليدية أثناء التدريب، ورفض "فريدريش" لأوامر المسؤولين في الكلية، الذي كلفه الطرد، فخرج منها إلى الشارع، وكأنه إيذاناً بمولد ألمانيا الجديدة.
الفيلم يتحدث عن إنهيار القيم الزائفة، وتراكم الوعي، والمواجهة، فالأكاديمية حاولت إنتزاع البراءة وتحويل الشباب إلى آلات قتل، وعبادة الفرد أو الحزب، وتكريس الكذب، والفيلم هنا وبشكل غير مباشر يسقط مقولة اليهود بأنهم هم الذين كانوا مستهدفين بالإبادة، لأن الشابين ينتميان إلى طبقتين من المجتمع الألماني.
ويظهر في الفيلم قوة الأداء عند الممثلين، والإعتناء بالتفاصيل، ومشاهد الأكاديمية "نابولا" حيث الألوان الباردة، والإيحاء بالعزلة والقسوة والجمود، والجدران السميكة والأسوار العالية، وإشارات النازية.