Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Jun-2018

غباي.. لا ترتكب خطأ حاييم رامون - دمتري شومسكي

 

هآرتس
 
الغد- الوزير السابق حاييم رامون كان قبل نحو عقد شريكا اساسيا في محاولة التوصل إلى اختراقة في العملية السلمية في الشرق الاوسط. بكونه نائب رئيس الحكومة والمقرب منه ومحل ثقة إيهود اولمرت اثناء مؤتمر انابوليس، كان رامون أحد قنوات الاتصال الرئيسية مع القيادة الفلسطينية، وقام ببلورة عدد من التفاهمات الثورية خلال محادثات سرية مع رؤساء السلطة الفلسطينية، بما في ذلك في موضوع تقسيم القدس (ايلول 2007). اضافة إلى ذلك كان لرامون اسهام رئيسي في حقيقة أنه خلافا لمحادثات كامب ديفيد وخلافا للادعاءات المنهجية والمثيرة للشفقة لنظرية "لا يوجد شريك" – حدث في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين في انابوليس تقدم جوهري في عدد كبير من المسائل الرئيسية للنزاع.
من الناحية الاخرى، كما ذكرت مؤخرا عميرة هاس، ("لسان رامون"، "هآرتس"، 3/6)، رامون اثناء ولايته كوزير داخلية في منتصف التسعينيات، كان مسؤولا عن تحريك سياسة الترانسفير الهادئة للفلسطينيين سكان شرقي القدس من خلال الغاء، التهديد بالغاء، الاقامة الخاصة بهم على اساس معايير وحشية وشريرة.
اجل، شخصية من الشخصيات الاساسية في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية عندما كانت على قيد الحياة، هي أيضا من المحاربين البارزين في الجبهة اليهودية الديمغرافية، من اجل تقليص عدد السكان العرب الفلسطينيين، القابعين تحت السيطرة الإسرائيلية، كل ذلك بواسطة طرد الفلسطينيين من شرقي القدس والفصل احادي الجاني الذي كان رامون أول من أيده.
إن ربطا من هذا النوع بين الاستعداد لتقسيم البلاد إلى دولتين وبين الحفاظ على الأكثرية اليهودية، الذي يظهر بوضوح في مقاربة رامون للمسألة الإسرائيلية الفلسطينية، هو ظاهرة نموذجية جدا في اوساط رجال الوسط ويسار، وسط وحتى لدى اجزاء لا بأس بها ممن يتبنون مواقف يسارية واضحة. إنهاء سيطرة إسرائيل على الفلسطينيين، يدعي انصار الدولتين، هو المصلحة الإسرائيلية العليا لأن استمرار الاحتلال سيؤدي في يوم ما، بعد مطالبة الفلسطينيين بحقوق المواطنة الكاملة في إسرائيل – إلى فقدان الاغلبية اليهودية في الدولة وتصفية المشروع الصهيوني.
اضافة إلى ذلك، من يؤيدون تقسيم البلاد بسبب دوافع ديمغرافية، يعتقدون بلا أدنى شك أن لديهم الادعاء الرابح الذي بمساعدته يمكنهم أخيرا اقناع معظم الجمهور الإسرائيلي بسهولة الذي يخاف على مستقبل الاغلبية اليهودية، بأن يدعم حل الدولتين.
لقد احسن رامون طرح هذا الموقف في مقال له بعنوان "المعارضة المخلصة" (هآرتس، 8/6). عبر فيه رامون عن دهشته من أن المعارضة وهي تأتي لطرح بديل سياسي لليمين لا تستخدم ورقة الديمغرافيا، حيث أنه حسب رأيه يوجد لهذه الورقة ما يكفي ليقودها بصورة مضمونة إلى قلب الناخب الإسرائيلي.
حسب رامون، يبدو أنه يكفي آفي غباي أن يعرض امام الجمهور الإسرائيلي السيناريو المرعب لـ "الدولة ثنائية القومية" الذي يتوقع تحققه تحت حكم اليمين، بداية القدس (اذا قرر السكان الفلسطينيون تجسيد حقهم في التصويت لرئاسة البلدية) وبعد ذلك في كل الفضاء بين نهر الاردن والبحر (اذا سعى الفلسطينيون إلى الحصول على الجنسية الإسرائيلية) من اجل أن يفعل كل إسرائيلي وإسرائيلية الذين يعز عليهم الطابع اليهودي للدولة، كل ما في استطاعتهم من اجل ارسال نتنياهو إلى البيت.
ولكن موقف رامون هذا خاطئ من الاساس. التبرير الديمغرافي لصالح تقسيم البلاد والذي هدف إلى منع تحول إسرائيل إلى دولة مع اغلبية عربية، يستند كله على زيادة الشعور بالخوف من "الآخر"، حيث أن الخوف من الآخر هو الاساس الذي يستند اليه اليمين. الإسرائيليون سيصغون باهتمام كبير إلى التنبؤات الديمغرافية المرعبة للمعارضة – في يوم الانتخابات سيضعون ورقة "ماحل" في صندوق الاقتراع، حيث أنه من الذي سيعالج التهديد الديمغرافي الفلسطيني بصورة ناجعة اكثر من نتنياهو؟ من الذي يعرف اكثر من حكومة اليمين تنغيص حياة الفلسطينيين وأن يبين لهم من هو صاحب البيت وربما اقناع بعضهم بأنه من الافضل لهم الهجرة من هنا – وبهذا يساهمون في حل المسألة الديمغرافية دون الخروج كأغبياء والتنازل عن اجزاء من الوطن.
اجل، طالما أن الفلسطينيين يعتبرون في نظر الإسرائيليين ارقاما مهددة وليس بشرا عاديين، فإن احتمال تحريك الجمهور اليهودي الإسرائيلي ليتقاسم معهم الوطن الصغير قريب من الصفر. في المقابل، اذا كان هناك رغم الصراع الدامي والضحايا العبثيين ما زالت هناك طريقة لاقناع الإسرائيليين بالموافقة على اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل – هذه الطريق يجب أن تكون مختلفة في مضمونها. في الاساس: جعل الإسرائيليين يرون انسانية الفلسطينيين، والانكشاف على المعاناة والألم التي يسببها الاحتلال والاعتراف بأن الفلسطينيين كونهم بشر مثل الإسرائيليين يستحقون بالضبط مثلهم دولة خاصة بهم.
الإسرائيليون ليسوا افضل من الشعوب الاخرى، لكنهم أيضا ليسوا اسوأ. لذلك، لو أنهم بدلا من قمامة برامج الواقع التي تذهب العقل كانوا يتعرفون في اوقات ذروة البث على تدمير مصادر الرزق ونسيج الحياة للتجمعات البدوية في غور الاردن بسبب مشروع الاستيطان، والرغبة الطبيعية لدى البرجوازية الفلسطينية في رام الله في العيش مثل كل طبقة متوسطة حديثة في التاريخ، في دولة قومية خاصة بهم، دون حواجز وجدران اقامتها قوى غريبة، أو على اعترافات الجنود من "نحطم الصمت" من المظالم المهينة والزائدة التي تسببوا بها للسكان الفلسطينيين – ربما كان المزيد منهم يظهرون تعاطفا مع الجانب الفلسطيني المضطهد وكانوا يقفون خلف تطلع الفلسطينيين للحرية الوطنية.
البروفيسور شلومو افنيري تأسف ذات مرة ("بين حركتين قوميتين"، هآرتس، 27/9/2015) على أن محمود عباس يرفض القدوم إلى القدس والقاء "خطاب سادات" في الكنيست. ولكن يفضل أن يلقي خطاب سادات رئيس المعارضة الإسرائيلي. فقط علينا تصور آفي غباي يلتقي مع محمود عباس على خلفية الخليل العربية السجينة والمسحوقة تحت نير الاستيطان اليهودي العنيف في قلب الخليل أو أمام الجرافات الإسرائيلية التي تشق طريقها لتنفيذ مهمة اجرامية لتدمير بيوت البدو في الخان الاحمر، ويدعو مواطني إسرائيل "اخوتي واخواتي، نحن نسينا ماذا يعني أن نكون يهودا.
نحن بنات وابناء الشعب المضطهد يجب علينا تحرير الشعب الجار من الاضطهاد". بقدر ما يبدو هذا الخطاب خياليا ومثاليا فإن من شأنه أن يقنع الإسرائيليين بمعارضة استعباد شعب آخر اكثر من خطاب التخويف الديمقراطي المكرر، الذي فقط يعزز بصورة اشد شيطنة الفلسطينيين، ومعها الروح اليمينية في اوساط الجمهور. من الجيد أن آفي غباي لا يستخدم هذا الخطاب. يمكن الأمل بأن غباي الذي وصل إلى رئاسة حزب العمل خلافا لكل التوقعات واثبت القدرة النادرة لدى سياسيين على الاعتراف بالخطأ، أن يوفر على نفسه ارتكاب خطأ رامون، ويجد في النهاية طريقا أصيلة وناجعة اكثر لاقناع الجمهور الإسرائيلي بدعم تقسيم البلاد.