Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Apr-2017

سمعة الجيش - فايز الفايز
 
الراي - لا أدري إن كان هناك شعب يعشق الكذبة ويحولها الى رواية تحطم الأرقام القياسية في التداول كما يجري عندنا، ولكن من المؤكد أن الإشاعة وتفريخ الروايات الكاذبة والإبداع في صنعها وبثها ثم التنصل منها دون أي وازع إخلاقي أو رادع قانوني أصبحت حرفة للبعض من الإنتهازيين و المضاربين بسوق الإعلام الإجتماعي، و الأنكى من ذلك أن الشعب كله لديه القابلية لتقبل وتأكيد الرواية غير الصحيحة في كل ما يتعلق بالإستهداف الرسمي، وهذا صدع خطير في البنية الأخلاقية للمجتمع الذي باتت الأنا تتضخم لدى أفراده شيئا فشيئا، فالجمهور لا يريد أن يسمع الحقيقة بقدر ما يريد الشماتة. قبل سنوات كنت في خيمة عزاء فيها عشرات الأشخاص،وكان أحد الرجال الطيبين، يجلس في ناحية أخرى من الخيمة، وصوته يلجلج بالحكايات عن الفساد،ثم قال للمستمعين حوله ما يلي: يا أخوان باسم عوض الله أخذ مبلغ سبعين مليار دينار و طلع من البلد،فرد آخر: الله أكبر،وغادرنا الخيمة،ثم بعد أقل من أسبوع كنت في بيت عزاء آخر وإذا بصاحب الرواية جالس، فجلست الى يمينه، وبعد كليمات بيننا سألني: هل صحيح إن عوض الله أخذ سبعين ملياراً؟ فتبسمت وسألته:هل تعرف كم موازنة الأردن، قال لا، قلت إن المبلغ الذي تتهم الرجل به يعادل عشرة أضعاف موازنة الأردن،وأنا سمعتك قبل أيام تتهم الرجل أمام الناس ثم تسألني، قال: الناس قالوا لي، قلت هل تقسمّ، قال:أعوذ بالله، الله يلعن الشيطان. خلال أسبوع مضى تدحرجت رواية جديدة في مسلسل الإتهامات غير الموثقة التي يعشقها الجمهور،إستهدفت رئيس هيئة الأركان السابق الفريق مشعل الزبن،وأول تداول للرواية كانت عن مبلغ بسيط بالنسبة للناتج النهائي،وبعد ثلاثة أيام أصبح المبلغ عشرين ضعف الأول،وظهر حجم التضخيم والدس والتهويل من قبل أشخاص وجدوها فرصة لتصفية حسابات شخصية آنية ووظيفية،ولم يحسب أحد أي حساب للأمانة والشرف الوظيفي أو للضمير أو المسؤولية أمام الله تعالى،فهم ليسوا لجنة تحقيق ولا مدع عام، ولا يمتلكون وثائق أو حقائق كشهود أمام المحكمة،حتى خرج تصريح رسمي ينفي الرواية التي لا يريد البعض نفيها لمجرد التشفيّ. المقام هنا ليس دفاعا عن الأشخاص، ولكن دفاعا عن قيم أخلاقية ومسؤولية وظيفية كفر بها البعض ممن تضررت مصالحهم الخاصة،وهذا للأسف يؤدي بنا حتما الى طريق مظلم نحو مستقبل مجهول لا يمكننا أن نتوقع مفاجآته الكارثية على بنيتنا الإجتماعية، ولا بنيتنا الرسمية وهيكل الدولة من مؤسسات وعلى رأسها الجيش والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية،والأخطر ما في الأمر لا يتعلق بالمال، بل يتعلق بالرجال، أفكلما غادر مسؤول منصبه تطارده التسريبات التي تتحول الى رواية مشوشة ثم تصبح إشاعة أقوى من الحقيقة المتأخرة،وخطر ذلك هو إنعدام الثقة بالمنصب القيادي وإحاطته بالشكوك والإتهام.
 
الحماية اليوم هي لمؤسسة الجيش وأجهزة الإستخبارات التي تحمي بعون الله وطننا من أخطار محدقة وأعداء متربصين بنا، وهم على مرمى رصاصة عن حدودنا شمالا وغربا، ووضع مؤسسة الجيش موضع التشكيك والإستهزاء والتساؤل غير البريء، لا يترك لنا أي أمل في الثقة بهيكل دولتنا إذا بقي الحال على ما هو عليه من إنفلات مقصود أو غير مقصود،فالأصل إن المعلومات الأمنية والعسكرية هي من أسرار الدولة،والتعامل مع أي خرق لا يتم إلا في داخل المؤسسة، وليس على صفحات التواصل الإجتماعي،وخيم العزاء والجاهات وصالونات النميمة. اليوم نكرر ما قلناه من سنوات: الوطن ومؤسساته أكبر وأهم وأغلى من كل الأشخاص والأسماء ومنا جميعا، وإذا أردنا المحافظة على مستقبل وطننا علينا أن نعود الى تاريخ وقيم الأجداد والآباء ونخشى الله فيما نقول وننقل، فالبعض للأسف لا يتورع في أن يحرق البيدر حتى يشعل سيجارته، ولكن من المهم أن لا يخوض الناس في أعراض المؤسسات بلا دليل، والجيش هو عرض الوطن، فحتى لو أساء شخص ما لا قدر الله فهو لا يمثل قيم المؤسسة وسمعتها، أولم تروا الى الجهلاء الذين يحرقون بيوت الناس الأبرياء لأن شاباً من عشيرتهم قتل شخصاً من عائلة الجهلاء. الخلاصة:على الدولة أن تفعل أدواتها الرقابية الداخلية جيدا،وأن تحمي مؤسساتها بالمزيد من الشفافية وقطع الطريق على المغرضين وأصحاب الشهوات من العاملين والمتقاعدين والمتصارعين.
 
Royal430@hotmail.com