Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Jul-2017

ليسَ ردّاً.. بل تبيُّنٌ وبَيَان - ابراهيم العجلوني
 
الراي - لا ريبَ في أن مقالتي المنشورة في هذه الزاوية في رابع أيام شهرنا هذا قد أثارت غضب السيد جمال ناجي، رئيس تحرير مجلة «أفكار» التي كنتُ مُحرّراً مسؤولاً لها قبل أربعين عاماً..
 
هذا ما يملك أي قارئ أن يتبيّنه من جملة «العبارات الجميلة» التي حفل بها ردّه على المقالة (وقد نشر أمس الأحد في الرأي) من مثل وصفه لها بالسمكرة، وهبوط المستوى، وأنّها «لا ترقى إلى أخمص» خطابه الثقافي والمعرفي.
 
ولقد أوضح السيد جمال ناجي في ردّه أن أقواله التي تناولتها مقالتي لم تأتِ في افتتاحية العدد 340 من المجلّة ولكنّها جاءت في تصريح له نشرته «الرأي» بصفته رئيساً لتحريرها في 29/6/2017. وقد حرص السيد ناجي في سياق ردّه الغاضب على توكيد أنه ليس لديه «أُصوليات مستترة توظّف بكائيات الراحلين لتحقيق أغراضها»، وأنّه يُحسن «قراءة ما وراء الرطانة وما تخفيه العبارات المتخثرة التي تزخر بها شرايين بعض المقالات التي تعادي كل ما هو مدني وتقدمي».
 
وان مما انقله حرفياً من ردّه قوله: «وليعلم إبراهيم – يقصد العبد الفقير لله كاتب هذه السطور – فليس في واردنا التراجع عن نهجنا الذي اتخذناه خدمة لمجتمعنا وتحصيناً له من موبقات الفهم المتكلّس للتطوّر الإنساني ومتطلباته المجتمعيّة والمدنية».
 
ولقد حرّك الغضب من مخبآت التعبير ما يصدر وهذا الذي ذكرناه عن حفيظة واحدة فنحن نضربُ صفحاً عنه.
 
وفي الحق أنّ معوّلنا فيما أخذناه على السيد جمال ناجي إنّما كان «مقول القول» ومضمون التصريح، لا المكان والزمان اللّذيْن تم فيهما. ونحن نعترف بهذا له فليهنأ به دليلاً على غياب «التدقيق» الذي كان يعرفنا به قبل أكثر من عشرين عاماً كما جاء في ردّه، وذلك قبل أن تفعل «الأمطار التي هطلت خلال تلك الأعوام الطويلة والسيول والأتربة والشموس والأحداث» فعلها فتجعل من ذلك التدقيق هلاماً رخواً بلا يقين!!.
 
***
 
غاية ما نحصّله مما سبق أن السيد جمال ناجي يقود مسيرة تجديدية من موقعه رئيس تحرير للمجلة الثقافية الأولى في الأردن. وأنّ من تحصيل الحاصل أن يتعرّض لنقد «الرجعيين» «المتكلسين» أمثالي، أو في أقلّ تقدير لعدم فهمهم لطلائعيته أو وقوع أفهامهم دون «أخمص» خطابه الثقافي والمعرفيّ كما يقول في خاتمة المطاف من غضبته الثوريّة المدنية التجديديّة..
 
***
 
ولست أورد هذا كله، سواءً أكان في دعوى التجديد والحداثة أم في تهمة الرجعيّة والجمود، إلاّ من حيث هو مُدْخَلاً لسؤال واحدٍ أطرحه على السيد جمال ناجي بين يدي ما اعتزمه من استئناف حديث يتعلق بالدعوى والتهُمة آنفتي الذكر، فهل سبق يا «سيد جمال ناجي أن اتفق لك أن قرأت شيئاً من كتابي «نحن وثقافة المستقبل» أو كتابي: «الوعي المتمرد»، أو كتابي «الرافضون» أو كتابي: «مُسلّمات في ضوء التحقق» أو كتابي: «إضاءات في حوار الآخر واحترام الذات».. هل قرأت شيئاً من هذه الكتب التي عالجتُ فيها قضية التجديد بما هي فعلٌ تأصيلي في الدرجة الأولى. أو قرأت ما كنت كتبته في تضاعيف مؤلفاتي التي توالى صدورها منذ أوائل السبعينيات حول الأصالة والمعاصرة وشروط التجديد الحضاري؟.
 
إن كان لم يتفق لك مثل هذه القراءة فحسبي هنا النصيحةُ لك بالتوفّر عليها، فلعلك إن قمت بذلك حقّ القيام أن تُفيدَ قوّة عارضة في دعوى التجديد إن كنت حَقاً من دعاته.
 
وإلى أن يكون ذلك؛ فإنّ مما أحبّه لك أنْ تقرأ وتقرأ وتقرأ، فتلك هي السبيل التي يمكن أن نلتقي وإياك فيها.. وسلام على القارئين المتدبرين..
 
***
 
وبَعْدُ، فقد كنّا في غنى عمّا نُبدئُ ونعيد، في إشكاليّة الوعي هذه وفي غيرها، لو لم تكن حياتنا الثقافيّة قد آلت إلى أوضاع مؤسفة تذكّرنا بما كان صارت إليه أُمور الكتابة والكُتّاب حين تولاّها مغامرون وشطّار من أمثال: «أسد بن جهور» الذي يصف «علي بن بسام» - الشاعر المعاصر للمقتدر بالله العباسي - أيامه قائلاً:
 
تعِس الزمان لقد أتى بعجائبِ
 
ومحا رسوم الظرف والآدابِ
 
أو ما ترى أسدَ بن جهورَ قد غدا
 
متشبّهاً بأجّلةِ الكُتّابِ
 
وأتى بأقوامٍ لو انبسطت يدي
 
فيهم رَدَدْتُهُمُ إلى «الكُتّابِ»
 
***
 
السؤال الذي يطرح نفسه هنا:
 
هل يمكن لزعيم حداثي مجدّد أن يعود إلى مقاعد الدرس مرّة أُخرى..
 
ذلك من سابع المستحيلات..