Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Mar-2020

الساخر الصيني الأشهر «لاوما» لأول مرة بالعربية

 الدستور

تضم هذه المجموعة القصصية «كلام من القلب» للكاتب الصيني لاوما مجموعة من القصص والحكايات الساخرة، تلقي الضوء على بعض المواقف الإنسانية بطريقة ساخرة وطريفة، حيث تؤكد المترجمة ميرا أحمد على أن الكاتب يتمرد على الواقع ويكشف الجوانب المظلمة والمضيئة في الحياة التي يعيشها الإنسان في شكل سردي بسيط وأنيق وفي النهاية لا يسع القارئ إلا أن يضحك، وربما تكون هذه الضحكات من فرط الألم والحزن. وقد تناولت القصص حياة ومواقفَ لأساتذة الجامعة وصغار الموظفيين وسكان الريف، والحياة الريفية التي غلب عليها شيء من السذاجة والمعتقدات البالية.
 
وتشير ميرا أحمد إلى أن القصص تحمل رسائل وقضايا تهم الكاتب حاول التعبير عنها بشكل غير اعتيادي من خلال السخرية الواعية التي تبتعد كل البعد عن الهزل والمجون، بل تلك السخرية التي تحمل بُعدًا فلسفيًا عميقًا ومعانيَ بعيدة من خلال الغوص في أعماق الذات البشرية وسبر أغوارها الدفينة وكشف المساوئ والأخطاء والعيوب وأوجه القصور في شكل أدبي مكثف. وقد برع في التعبير عن أفكاره بلغة أنيقة ورشيقة وبسيطة في آن وتبتعد عن الابتذال، فعلى الرغم من روح الكوميديا والتي حملت بين طياتها شيئًا من الكوميديا السوداء، إلا أنه قد حافظ على سلامة الأسلوب اللغوي والذي ابتعد عن العامية وتجلت براعة قلمه الأدبي الفريد في التشبيهات والصور البلاغية التي تضمنت القصص.
 
وفي سياق تقديمها للمجموعة الصادرة عن دار غراب للنشر تقدم ميرا أحمد استعراضا مهما لتاريخ الأدب الساخر في الصين، حيث تشير إلى أن أول ظهور للأدب الساخر كان في «كتاب الأغاني» في عهد أسرة تشين الأولى، ثم ظهر في بعض الروايات في عهد أسرة تانغ ومينغ، لكنها كانت كتابات مبالغا بها ولا تمت بصلة إلى الحياة الواقعية والمشاعر الإنسانية الحقيقية، وحملت الكثير من التباس المعاني. وفي عهد أسرة تشينغ صارت الكتابات الساخرة موضع إدانة وخاصة التي تتعلق بالأمور السياسية، مثل رواية «السجلات الرسمية للموظفين» للكاتب ليو باو جيا، و»أزهار في بحر الخطيئة» للكاتب تسنغ بو وغيرها من الروايات الأخرى.
 
وتضيف: في مطلع القرن العشرين بات الأدب الساخر قالبًا فنيًا مهمًا، وكان رواد هذا القالب الأدبي في هذه الفترة الكاتب لوشون، وتشانغ تيان يي، وخوانغ تشون مينغ. وتجسدت بعض السمات التي ميزت كل كاتب عن الآخر، فعرفت سخرية لوشون بـ «السخرية الباردة»، وسخرية تشانغ تيان يي بـ»السخرية الساخنة»، بينما اتخذ خوانغ تشون مينغ قالبًا قائمًا بذاته وهو «الكوميديا الهزلية».
 
وتختم ميرا أحمد تقديمها للمجموعة بتوضيح أسباب تحمسها إلى ترجمة هذا العمل تقول ميرا «ما زلت أذكر اليوم الذي كنت فيه في العاصمة بكين للمشاركة في دورة تدريبية للترجمة الأدبية ويومها كنت أحضر ندوة للكاتب لاوما على هامش معرض بكين الدولي للكتاب، وأخذت أطالع كتابه، وقبل الانتهاء من القصة الأولى، كنت قد انتويت ترجمة هذا العمل. وبعد انتهاء الندوة جمعني بالكاتب حديث طويل ورحب بمشروع الترجمة لأعماله. ما زلت أتذكر هذا الشعور الذي خالطني منذ الوهلة الأولى وأنا أطالع الكتاب، فأحسست أنني لم أصادف مثل هذا الأسوب الأدبي من قبل، رغم أنني قرأت الكثير من الأعمال الإبداعية الصينية وترجمت منها الكثير، لكن ثمة شيء مختلف في هذه القصص.. نكهة مختلفة في أسلوب الكاتب لم أعهده من قبل.. نعم، قد ترجمت من قبل معظم أعمال الكاتب الكبير لوشون رائد الواقعية النقدية وقد حملت أعماله ظلال الكوميديا السوداء لواقع المجتمع الصيني آنذاك.. لكن هذه القصص تشعرك أنها قصص كل العصور، ترى فيها نفسك وواقعك وحياتك.. ترى عبر أبطالها الوطن والصديق وكل فرد من أفراد عائلتك.. ترى الماضي والحاضر وربما تبصر المستقبل. فالكاتب هنا ليس مجرد كاتب، بل تشعر أنه فيلسوف يرى الأمور بنظرة فلسفية عميقة، أو ربما تشعر أنه طبيب يداوي الجراح.. جراح القلوب وعلات النفوس.. فهو على يقين أنه لا محالة أن الضحكات سترن في الأنحاء والتي قد تواري خلفها بحورًا من الدموع.. ضحكات انتزعها من تفاصيل الحياة ومن مفارقات الأحداث. ويبدو أن الكاتب يعلم أننا جميعًا في حاجة إلى الضحك حتى نقدر على العيش على أرض الواقع، وربما كان هو من في حاجة إلى هذا الضحك؛ لأنه قد ضجر ذلك البكاء الأخرس الذي يميت أرواحنا بالموت البطئ... ربما!. فهذه المجموعة القصصية تحمل سمة مهمة ألا أنها ستخلد كاتبها، وكاتبها سيخلدها في تاريخ الإنسانية وتاريخ الأدب الصيني».