Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Feb-2019

أين الرواية الحكومية؟* د. صبري الربيحات

 الغد

الشارع الأردني تلاشت آماله بحدوث انفراج قريب متعب من الاوضاع وغاضب من الحكومة وعاتب على الاجهزة الرقابية. فبالإضافة الى تسريبات قضية الدخان وحجم تورط ابطالها تطل عليهم قصة تعيينات الوظائف العليا مقرونة باستخفاف الحكومة بمشاعرهم وتجاهلها للاستياء الشعبي وتداعياته المحتملة.
باستثناء تصريحات مقتضبة على لسان وزير الشؤون القانونية وبعض الوزراء لم تقدم الحكومة رواية متكاملة يمكن ان يقتنع بها الناس حول التعيينات التي تمت الاسبوع الماضي. فلا أحد يصدق ان ذلك تم بالصدفة ولا يوجد منطق في ان تعيين اربعة اشقاء لنواب في مواقع متقدمة في مؤسسات وشركات وادارات تديرها او تشرف عليها الحكومة مجرد صدفة.
الاجابات التي قدمها الرئيس لا علاقة لها بالاسئلة المطروحة فالكل يعرف ان من حق كل أردني ان يتولى الوظيفة العامة اذا كان مؤهلا، والجميع يقر ان لا شيء يمنع تولي اشقاء النواب او اقاربهم مواقع متقدمة في الدولة. ما يسأل عنه الناس يتعلق بمدى التزام الحكومة بآلية التعيين في الوظائف العليا التي قال الرئيس غير ذي مرة ان حكومتة تتبعها. كما يسأل الشارع عن الاسباب التي دفعت الحكومة ان تعين هؤلاء الاشخاص دون غيرهم، وهل جاء هذا التعيين مكافأة للنواب على مواقف اتخذوها، اي هل هناك مؤامرة نيابية حكومية على حقوق ومصالح المواطن!!
للاسئلة التي يطرحها الشارع ابعاد تتجاوز تعيين اربعة اشخاص خارج الآلية المقرة بنظام. فمن الناحية القانونية يملك المجلس الحق في اتحاذ القرار الذي يراه مناسبا. اهمية الاسئلة التي يطرحها المراقبون تتمثل في ما اذا خالفت الحكومة روح الدستور ونصوصه التي تشير الى المساواة بين الأردنيين والحق في تولي المواقع العامة ومبدأ تكافؤ الفرص. وفيما اذا درست الحكومة اثر مثل هذا القرار على تعميق ازمة الثقة بين الدولة والمواطن.
وبالإضافة الى اثارة اسئلة جوهرية حول عدالة ونزاهة وشفافية الحكومة واجراءاتها يأتي القرار ليؤكد الانطباعات والصورة الذهنية التي يحملها الشارع لمجلس النواب واعضائه، كما يشير الى حرصهم على تغليب مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة ومقايضتهم المواقف بالمنافع الخاصة الامر الذي يؤدي الى رفع منسوب قلق المواطن على مصير البلد وتراجع ثقتة بالحكومات والنواب، ويدفع بهم الى استحسان السلوك الخارج على القانون وتوظيف كل وسائل الضغط لتمرير مصالحهم بما في ذلك الواسطة والاحتجاج والاعتصامات ورفع سقف المطالب اسوة بالغير.
من بين القرارات الحكومية المثيرة للجدل قرار تعيين الرئيس السابق لديوان الخدمة المدنية في موقع آخر بالتزامن مع قرار إحالته على التقاعد لبلوغة الستين. اي ان الحكومة ومطبخ قراراتها كانت معنية بتفصيل الموقع للشخص واجراء الترتيبات الخاصة به حتى قبل ان يحال على التقاعد.
في سرعة تعيين رئيس الخدمة المدنية المحال الى التقاعد، والذي ظل يذكر الأردنيين بعدالة اسس التعيين وضرورة الالتزام بالدور، استخفاف بعقول الناس وتجاوز على حقوقهم، ففي الأردن آلاف العاطلين عن العمل من حملة الماجستير والدكتوراة ممن تلقوا تعليمهم في افضل جامعات العالم وينتظرون فرصة لخدمة بلدهم ونيل فرصهم.
الحديث الذي ادلى به الرئيس حول احتمالية وقوع خطأ في التعيين والتأكيد على اهمية الالتزام بالأسس ونية الحكومة مراقبة أداء المعينين كلام لا يعني شيئا ولا يجيب على الاسئلة المطروحة او يقنع الناس بسلامة السياسات والاجراءات التي تنهض بها الحكومة.
مهما كانت امكانات الرئيس ومهارة فريقة ونظافة ايديهم فما يزالون بحاجة الى رواية كاملة يعرفها كامل اعضاء الفريق ويحسنون سردها ويعرفون ادوارهم في فصولها. حتى اللحظة الحكومة بلا رواية، وهناك ارتجال واجتهادات غير مترابطة لبنائها دون جدوى.