Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Mar-2015

تعديل وتلزيم * طاهر العدوان
المقر - لن يتعلم الاردنيون الديموقراطية ، ولن تصل الأجيال اليها في عهد قريب، ان لم تجربها وتمارسها وتخطئ وتتعلم من اخطائها
 
زمان اول ، كان التعديل والتغيير الوزاري يشغل الجمهور الاردني ، كان هذا قبل زمن الاصلاح السياسي الذي سيُكمل ربع قرن في العام القادم ( منذ هبة نيسان عام ١٩٨٩)، اليوم ستجد نسبة غير قليلة بين معارفك وأصدقائك وأقاربك وجيرانك من اذا سألتهم عن التعديل الوزاري الأخير لحكومة النسور سيجيبون : هو فيه تعديل !!. ثم يتبعون ذلك بالعبارة الشعبية ( على بال مين )التي تعكس اللامبالاة وحالة الاغتراب القائمة بين الناس وحكومتهم .
 
مشان الله بكفي ، مشان الله خلي كلام السياسة يطابق واقعها على الارض . لقد دُوخ الشعب على مدى سنوات طويلة في دوامة لا تنتهي من الحديث عن الاصلاح ، والمشاركة ، وحكومة الظل والمعارضة البرلمانية ، والتناوب في تشكيل الحكومات على ضوء انتخابات حرة ونزيهة ، فمتى يطل القمر ؟. متى نُخلص من تعديل وتغيير لا طعم فيهما ولا رائحة ؟.
 
في دول العالم الذي نعيش والذي ندّعي اننا ننتمي اليه ونسعى للوصول الى ما وصل اليه في الممارسة السياسية ، لا يجري التعديل الوزاري الا عندما ١- يستقيل احد الوزراء لسبب معلن مثل وجود خلاف بينه وبين رئيسه ٢- لاعتراضه على قرار اتخذته الحكومة التي يشارك فيها ٣- بسبب فضيحة فساد او غيرها تتعلق بشخصه ، عندها يخرج وزير ويستبدل باخر من حزبه او من ادارته .
 
في بلادنا لا نعرف لماذا يخرج وزراء في (عادة التعديل) التي تتداولها الحكومات وكأنها عرف وقانون، وشر البلية انه احيانا وقبل ان يستريح الوزراء الجدد على مقاعدهم بتطير الحكومة كلها !. في بلادنا يجري الاهتمام بدعم الحكومة القائمة لكن لا تنال المعارضة ضدها اي دعم واهتمام ، فكيف إذن ستقوم بين ظهرانينا ديموقراطية وحكومات ظل وتناوب ؟ اذا ما كنا جادين فعلا في تطبيع الديموقراطية حسب الرؤيا الملكية في أوراق النقاش التي طرحها جلالته ، وحسب كل ما تضمنته وعود الحكومات في البرنامج الاصلاحي.
 
لن يتعلم الاردنيون الديموقراطية ، ولن تصل الأجيال اليها في عهد قريب، ان لم تجربها وتمارسها وتخطئ وتتعلم من اخطائها ، لا يمكن ان تتعلم السباحة نظريا وانت جالس على الشاطئ ، فان أردت ان تتعلمها عليك ان تنزل في الماء و تواجه الخوف والخطأ ، لكنك في النهاية ستتقن السباحة . هذا ينطبق على الشعوب ايضا (فالديموقراطية الشفهية هي مثل الصحفي الشفهي الذي يُحسب على الصحافة وهو لم يكتب سطرا ولا أنجز سبقاًصحفيا ) . لو ان المعارضة النيابية أسقطت ( او تُركت ) لتسقط هذه الحكومة ، لحقق النظام خطوات مهمة ومقنعة على طريق الاصلاح والوعي الشعبي بأهميته . والخشية اليوم ان يستكمل هذا المجلس سنواته الأربعة في احتضان حكومة لم تخرج من اغلبيته، هذه ستكون سابقة ووصفه مقبلة لتجميد الاصلاح وجعله يراوح مكانه عندئذ ما معنى وجود معارضة نيابية ؟.
 
اضرب مثالاً : منذ ولادة حكومة النسور قيل ان مجلس النواب هو من يقرر رحيل الحكومة في حال توفرت اغلبية لإسقاطها ، حسناً ، منذ ان وجدت هذه الحكومة وهي تنال الثقة باغلبية بسيطة ( في حدود الثمانين نائبا ) من ١٥٠وهذا يعني ان هناك ٧٠ نائبا على الأقل يعارضونها في جميع الجلسات التي شهدت طرح الثقة والتصويت على الموازنة ، واذا اخذنا بالاعتبار ان حكومة النسور لم تأت من كتلة نيابية كبيرة ، وبان هناك دائماً اكثر من ٧٠ من نواب الامة يعارضونها، فلماذالا نجرب في سبيل الديموقراطية وتطبيعها برلمانيا ، القيام بخطوة غير عادية تتجاوب مع هذه المعارضة النيابية من خلال تشكيل حكومة تتوافق مع مطالبها ( اذا كانت الحكومة النيابية متعذرة )ما دامت الأغلبية النيابية الحالية هي تشكيل سياسي غير حزبي وكذلك الأقلية المعارضة ان تم ذلك ستدخل البلاد مرحلة التناوب وامامنا التجربة الانتقالية الناجحة للشقيقة المغرب في نهاية التسعينات .
 
قد يقول قائل ( انت وين عايش حتى تتحدث عن مثل هذا ) وأقول : والله زهقت كمراقب من اصلاح يراوح مكانه ان لم يتراجع ، كما اتعجب ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين من استمرار التمسك بسياسة التغيير والتعديل الحكومي بالتلزيم ( التي تناقض التنافس كما في عالم العطاءات ) التي تعكس تجاهل ما تفرضه التحديات الخطيرة في الإقليم على جميع الانظمة بلا استثناء ، نحن وسط حرب إقليمية تدور حول طبيعة الانظمة وهوية الدولة بين أطراف تريد بالدم والارهاب فرض (نظام سياسي ) على العرب ينتمي الى ظلامية مرعبة او ديكتاتوريات تقوم على المجازر ، ومن يدفع الثمن شعوب ما كانت لتصل الى الكارثة لو انها عاشت في ظلال انظمة العدالة والكرامة والمواطنة ، اعتقد ، وليسمح لي أصدقائي القراء ان أوكد المرة تلو الاخرى بان المعركة ضد قوى الظلام لن تنجح أبدا بالسلاح فقط بل بالنموذج السياسي الثقافي العصري الذي يجعل المواطن شريك صلب في صناعة امن ومستقبل واستقرار دولته ووطنه .