Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Nov-2017

أبو شحوت... صفحة من تاريخنا - بلال حسن التل

 الراي - تصادف اليوم, ذكرى وفاة المرحوم شاهر أبو شحوت, وهي مناسبة تدفعنا إلى تجديد الدعوة لكتابة التاريخ الحقيقي للشعب الأردني, من خلال سيرة رجالاته, وكتابتهم هم لمذكراتهم, لأنها ليست ملكاً شخصياً لهم, لكنها ملك لشعبهم, باعتبارها جزءًا من تاريخه, ومصدراً من مصادر كتابة هذا التاريخ.

أكتب عن شاهر أبو شحوت اليوم بعد أن اطلعت على نسخة من مذكراته المعدة للنشر منذ سنوات, لكنها لم تر النور بعد, مما يجعلنا نلح على ورثته بضرورة الإفراج عنها, لأن من حق الأردنيين معرفة تاريخ رجل من رجالاتهم, ساهم في صناعة مرحلة مهمة من مراحل تاريخهم السياسي, وعبر عن أشواقهم الوطنية, في بُعدها القومي من خلال دوره في تأسيس وقيادة حركة الضباط الأردنيين الأحرار, وترؤسها, وهي الحركة التي عاضدت المغفور له بإذن االله الحسين في قراره التاريخي بتعريب الجيش العربي الأردني, مما يؤشر إلى أن الحركة لم تكن حركة تآمرية انقلابية, لكنها كانت حركة وطنية, ربطتها علاقة احترام متبادل بجلالة الحسين, وهو ما ذكره صراحة رئيس الحركة شاهر أبو شحوت في مذكراته غير المنشورة, التي تُبين أن جلالته كان على علم بالحركة وبأهدافها وكان على تواصل معها.
 
إن مما يزيد من إلحاحنا على ضرورة كتابة التاريخ الحقيقي للشعب الأردني, هو ضرورة إزالة التشوهات التي لحقت بهذا التاريخ, وإزالة الظلم الذي لحق بالكثير من رجالات الأردن, وحتى ننصف الكثيرين من الصنّاع الحقيقيين للأحداث, بعد أن خطف جهد هؤلاء الرجال نفر من الذين احترفوا خطف الأضواء, ومن خلال ذلك خطف جهود الصنّاع الحقيقيين للتاريخ, أمثال شاهر أبو شحوت.
 
لقد آن الآوان إنصاف شاهر وزملائه, من خلال نشر قصة حركة الضباط الأردنيين الأحرار, التي كتبها قبل رحيله إلى جوار ربه, والتي أعتقد أنها تشكل مصدراً نزيهاً من مصادر كتابة تاريخ مرحلة مهمة من تاريخنا الوطني, وهي نزاهة مستمدة من نزاهة الرجل وجرأته التي لمستها من خلال قراءتي لمخطوط كتابه, الذي يفصح عن شخصية الرجل, وهي شخصية منصفة, إنصافاً جعله يذكر مزايا خصومه السياسيين عندما تحدث عنهم في كتابه الذي لم ينشر بعد, وهذا الإنصاف مع الخصوم يعني أن الرجل ينظر إلى الأحداث نظرة موضوعية مكنته من معرفة مزايا خصومه, ولم تمنعه من معرفة وذكر عيوب أقرب الناس إليه..
غير الإنصاف الذي تتصف به شخصية شاهر أبو شحوت, كما يلمسها القارئ لمخطوط كتابه, فإن القارئ يلمس أيضاً أن الرجل رغم تدفق وطنيته الأردنية في بعدها القومي, فإن اندفاعته الوطنية وحماسته القومية لم تفقدانه واقعيته في حساباته العسكرية, والسياسية, والتي يلمسها القارئ في الكثير من المواقف التي اتخذها الرجل في حياته ودوّنها في مخطوطه.
كثيرة هي جوانب شخصية شاهر أبو شحوت التي تكشف عنها قراءة مخطوطه, لكن ما يهمنا من ذلك كله, أن شخصية الرجل تصلح كنموذج للشخصية الوطنية الأردنية, التي يمتزج فيها الإحساس العالي بالكرامة الشخصية, مع الإحساس العالي بالكرامة الوطنية, بحيث لا يمكن الفصل بينهما, وهو بالضبط ما ينطبق على الإحساس العالي للأردني بوطنيته الأردنية, التي تندغم بمشاعره وعواطفه القومية الجياشة, فتصبح وطنيته وقوميته هوية واحدة موحدة للأردنيين, لذلك فإن الأردنيين يتألمون للجزائر كما يتألمون لمصر, ويهبون للدفاع عن بغداد كما يهبون للدفاع عن عمان, كل ذلك في إطار من الطهر والنقاء والحمية, والإحساس بالتاريخ, وهي صفات يلمسها القارئ لمذكرات شاهر أبو شحوت في شخصية كاتبها, التي كانت بالإضافة إلى ذلك كله شخصية اجتماعية محبة للحياة, حيوية ونشيطة, ومتحضرة وذواقة ذات حس مرهف, وقبل ذلك محبة للمعرفة متعطشة للثقافة, وهي صفات تؤكد أن الشخصية الأردنية شخصية متوازنة متكاملة, وأن الجِد الذي يعلو وجوه الأردنيين يتكامل مع المعرفة في عقولهم, والطيبة في قلوبهم, والصفاء في نواياهم, والإنصاف في أحكامهم ومن أراد الدليل فعليه بكتاب شاهر أبو شحوت, عند صدوره الذي نأمل أن لا يتأخر.
Bilal.tall@yahoo.com