Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Apr-2013

عرض كتاب (اكتشاف الجرثومة)
العرب اليوم - حزامة حبايب ــ مكتبة الأسرة ــ وزارة الثقافة
أبدأ بشكر وزارة الثقافة على جهودها المتواصلة الرامية إلى تشجيع القراءة، بنشرها كتباً عالية المستوى وبأسعار متدنية للغاية، بل هي تكاد تكون مجانية (35 قرشاً للكتاب).
كنا قد عرضنا وانتقدنا سابقاً في هذه الصفحة كتاباً من إصدارات الوزارة، بسبب كثرة الأخطاء الطباعية وضعف اللغة. لكننا اليوم أمام مجموعة متميزة من الكتب التي تضمنتها معارض الوزارة الأخيرة تحت عنوان "مكتبة الأسرة الأردنية/ مهرجان القراءة للجميع". اخترنا كتاب "اكتشاف الجرثومة"، وهو يقع في 224 صفحة من القطع المتوسط، ويعمل مؤلفه منذ عام 2002 مدرّساً لتاريخ الطبّ والعلوم في كلية لندن الجامعية.
 
كشوف نتيجة تعب وكفاح
نعلم أن الألماني روبرت كوخ اكتشف جرثومة السل والهيضة (الكوليرا أو الكلرة). ويسود الانطباع لدى الكثيرين بأن مثل هذه الاكتشافات عملية سهلة، ربما وليدة الحظ، مثلما تعثر، وأنت تسير على شاطئ البحر، على صدفة غريبة جميلة. وهكذا قد يعتقد أي منا أن بإمكانه أن يحقق كشوفات مشابهة، فقط لو أنه كان محظوظاً، أو لو أنه انتبه قليلاً لما يجرى حوله.
لكن كتابنا هذا يقدم تصويراً بالغ الروعة للكفاح والمثابرة والإصرار التي تمتع بها كوخ، حتى تمكن من اكتشاف جرثومة السل، واقناع مجتمع العلماء والسياسيين بصحة كشفه.
وما ينطبق على كوخ ينطبق على باستور الذي خاض حرباً ضارية مع معارضي نظريته القائلة بإن الميكروبات أو البكتيريا تسبب الأمراض. كما أن ابتكاره لأسلوب التلقيح ضد مرض الكلب (السعار) لم يكنْ مجرد وليد مصادفة سارة.
أما تأثير المصالح السياسية والتجارية فيتبدى خاصة في قضية كشف سبب مرض الكُلرة. نقرأ في الصفحة 161 ما يلي: بحلول عام 1880 كان ما يقرب من 80% من السفن التي تعبر قناة السويس بريطانية. وكانت السرعة عاملاً حاسماً في السماح لبريطانيا بأن تحافظ على صدارتها الإقتصادية. لكن، إلى جانب البهارات والحرير والشاي التي تأتي من الشرق، كان المرض أيضاً يأتي من هناك.
كانت طواقم السفن تُرغم على الخضوع للحجر الصحي قبل إنزال بضائعهم، لكن هذا كان يكلف بريطانيا الوقت والمال. وفي عام 1882، أصبحت بريطانيا صاحبة السلطة المطلقة في مصر، فعمدت إلى إلغاء أكبر قدر ممكن من إجراءات الحجر الصحي.
كنتيجة لذلك، حين ضربت الكلرة مصر في عام 1883، وقتلت 5000 شخصاً كل أسبوع، وجدت الحكومة البريطانية نفسها في مأزق حرج؛ وحاولت أن تثبت أن الكلرة ليست مرضاً قابلاً للانتقال. أرسلت إلى مصر فريقاً طبياً لا يضم أي شخص مؤيد للنظرية القائلة: إن الجراثيم تسبب الكلرة. وتوصل الفريق إلى أن هذا الوباء يعزى إلى أنماط طقس غير مألوفة، نشّطت سموم الكلرة التي ظلت خامدة في التربة المصرية منذ اندلاع الوباء آخر مرة عام 1865؛ أي أن الوباء لم يأتْ من الهند. لكن الفريق الألماني الذي وصل مصر متأخراً نوعاً ما، بقيادة روبرت كوخ، تمكن من اقتناص الميكروبات المسببة للمرض، ثم تابع الفريق رحلته إلى الهند للتوصل إلى نتيجة قطعية. ولحسن الحظ أن المانيا لم يكنْ لها مصالح تجارية في نفي السبب الميكروبي، أو إنكار أن المرض قدم من الهند.
ويصور الكتاب كيف كان الشرق عارفاً بفوائد التلقيح ضد الأمراض. نقرأ في الصفحة 37: بحلول العام 1000 م، طور الصينيون وسيلة تطعيم ضد الجدري باستنشاق مسحوق مجفف من قشور بثور المصابين بالمرض. وفي القرون الوسطى راج في الشرق الأوسط وضع قشور بثور الجدري تحت الجلد باستخدام شفرة حادة للحصول على مناعة ضد المرض. ولم تعرفْ هذه الأساليب في أوربا حتى أوائل القرن الثامن عشر.
أخيراً، لا يفوتنا أن نقدر للمترجمة لغتها المتينة وندرة الأخطاء اللغوية والطباعية، وأيضاً جهدها الواضح في وضع هوامش سفلية في معظم الصفحات تعرّف بكل اسم أو مصطلح بحاجة إلى تعريف.
فشكراً للمترجمة وشكراً لوزارة الثقافة على هذا الإصدار القيم، الذي يستحق أن يقرأه الجميع.