Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Apr-2018

.. وتحطمت الصواريخ عند الفجر !! - محمد كعوش

 الراي- يستيقظ اهل الشام صباح كل يوم على صوت فيروز ، وهي تنشد أجمل قصائدها لمدينة الياسمين وحاراتها القديمة العابقة بشذى الورد الجوري المشبع بالتاريخ العربي الأصيل والسيرة الأموية. ولكن فجر يوم السبت الماضي كان مختلفا ، كان ألدمشقيون على موعد مع زائر الفجر الغريب ، يحمل اليهم دوي انفجارات الصورايخ ، كذلك ضجيج ارتطامها بالصواريخ السورية المعترضة ، قبل وصول بعضها الى اهدافه القليلة المهجورة أو المدمرة ، كما اتضح في وقت لاحق.

في ذلك الصباح ، واعني بعد « عدوان الفجر « توقفت طويلا عند ثلاثة وجوه نسائية كانت تقرع طبول الحرب ، واعني: الأميركية نيكي هايلي ، ورئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي ، ووزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي ، ولكن هذا النعيب تلاشى مع شروق شمس يوم جديد ، ومع اطلالة صوت فيروز التي انحازت للحياة والتاريخ والجمال الذي يحمينا ، تخاطب الشعب الواحد فتمدهم بالقدرة على الصمود أمام الواقع وتنشد للجميع « يا شآم انت المجد لم يغب «. منذ البداية كان اجماع المتابعين والمهتمين على أن الرئيس ترمب سيضرب في سوريا لا محالة ، بعد تورطه باعلان قراره عبر تغريدة على التويتر ، وهي خطوة غير مسبوقة في تاريخ أميركا التي كانت تحكمها المؤسسات ، ولكن الثابت أن ترمب باصراره على القيام بهذه المغامرة أراد تصدير ازماته الداخلية ، خصوصا انه يقود ادارة مضطربة ، اضافة الى أنه وجد في المنطقة من يسانده ويشجعه على تنفيذ تهديداته.
والذي دفعه أكثر باتجاه العدوان هو تحالفه مع فرنسا الساعية الى العودة للمنطقة لأخذ نصيبها من الغنائم ، وبريطانيا التي قامت بدور الطبّـال في جوقة الحرب ، فعندما يهدأ الرئيس الأميركي أو يتردد كانت تريزا ماي ( تشعللها ) من جديد ، وهو ذات الدور الذي لعبه بلير في الحرب على العراق. ما حدث فجر السبت كشف صراحة عن أهداف أخرى للعدوان الذي وقع قبل التحقيق في مزاعم أصحاب « الخوذ البيضاء» الذين يظهرون في كل وقت تتعرض فيه الفصائل المسلحة المتطرفة للهزيمة ، كما أن العدوان بدأ مع وصول بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية الى مواقعها في دوما ، وهذا يعني انه لم يعد اية قيمة لتقريرها ، فقد سبق السيف وتمت الضربة بأقل الخسائر !!
الذين شنوا عدوان الفجر الثلاثي على سوريا ، ومن ايدهم ، لا يريدون لسوريا أن تخرج من النفق المظلم ، فهم يدعمون المسلحين لادامة الفوضى حتى تقويض الدولة وتقسيم البلاد ، لأن وراء هذه الحرب بعض الأهداف الأستراتيجية ، واقصد الصفقة الكبرى ، وتصفية القضية الفلسطينية ، اضافة الى قضية غائبة ، أو بعيدة وهي مسألة استثمار الغاز في الحقول البحرية السورية ، في مواجهة الغاز الروسي ، والا لماذا هذا الأصرار على ادامة الحرب في سوريا ؟
بهذه المناسبة يتساءل البعض عن غياب الموقف الروسي الميداني العسكري في مواجهة هذا العدوان الخاسر الفاشل. الحقيقة أن روسيا دولة كبرى لها مصالحها ، ولها استراتيجيتها ، ولا يمكن النظر الى الرئيس بوتن كمستأجر شقة مفروشة في حي « ابو رمانة « يتحرك في حال تعرض مسكنه للخطر ، فهناك معاهدات عسكرية واتفاق دفاع مشترك وعلاقات ومصالح مشتركة بين روسيا وسوريا.
لذلك يجب متابعة التفاصيل السابقة واللاحقة للعدوان ، ففي البداية كانت روسيا تستعدة للمواجهة العسكرية ، وبعثت رسائل واضحة للبيت الأبيض ، ولكنها عادت عن هذا الخطاب المتشدد وبدأت الحديث عن حلول سياسية للمشكلة ، صاحب ذلك اخراج سفنها الحربية من ميناء طرطوس ، وهذا يعني انها علمت بموعد وحجم الضربة الصاروخية ، واذكر أن وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس مارلي كشفت عن تمرير معلومات حول العدوان للقيادة الروسية ، بحيث تم اخلاء الكثير من المواقع ، ووفق هذه المعلومات المسربة ، تركت روسيا وايران للمضادات السورية التصدي للعدوان ، ولم يكن هناك حاجة للتصعيد أو الأشتباك مع قوى عظمى قد يتطور الى حرب كبرى.
في النهاية اقول أن نتيجة لهذا العدوان الثلاثي الفاشل ، الذي لم يغير شيئا في قواعد الأشتباك ، خرجت سوريا اقوى سياسيا وعسكريا ، وكسبت المزيد من التعاطف والتاييد الشعبي على امتداد الوطن العربي والعالم.. ولكن لا ارى أن الأمور توقفت عند هذا الحد فسيكون هناك تداعيات كثيرة وكبيرة لهذا العدوان.