Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Nov-2017

عمان انتصرت للحياة.. ولكننا لم نبدأ بعد بمحاربة التطرف - رومان حداد

 الراي - مر إثناء عشر عاماً على تفجيرات عمان، حين استهدفت يد الإرهاب عاصمتنا البهية، وحاولوا أن يغتالوا الفرح وأن يجعلونا نعيش حالة من الرعب والقلق، ولكن استطاع الأردنيون بمختلف تلاوينهم الصمود أمام هذا التحدي، والانتصار للحياة، واستطعنا الاستمرار والبناء، ولكن ذلك لا يعني أن ثمة فجوات مجتمعية ظهرت خلال الأعوام السابقة أتاحت لمن يتبنون الفكر التكفيري والعمل الإرهابي أن يعملوا ويحاولوا تحقيق مرادهم، كما حدث في إربد والكرك. ورغم رفض غالبية الأردنيين الأفكار المتطرفة والأعمال الإرهابية إلا أن قلة تراوح نسبتهم بين 3 %و7 %من الأردنيين يبدون تعاطفهم ويؤيدون الأعمال الإرهابية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية، وهو ما يعني وجود بيئة متصالحة مع التطرف والإرهاب تنمو وتتغلغل في مجتمعنا، بالإضافة إلى وجود بيئات متسامحة وتغض النظر عن السلوكات المتطرفة والتحضيرات الممكنة للأعمال الإرهابية.

 
فمع انتهاء الحرب العسكرية ضد داعش في كل من سوريا والعراق، فإن الحرب الأمنية والفكرية لم تنتهِ بعد، بل قد تكون الحرب الفكرية لم تبدأ أصلاً، فالخطورة الحقيقية هي أن التطرف صار يجد أرضية ثقافية يرتكز عليها وتغذيه وتمده بكل المبررات التي يحتاجها لتبرير وجوده، وهو ما أدى على ظهور حواضن شعبية لظاهرة التطرف من خلال تعزيز مفهوم الهويات الفرعية على حساب الهوية الجامعة.
 
وبالتالي فعلينا التعامل مع التطرف كمنظومة فكرية متكاملة وليس حصر التطرف في مجال واحد هو التطرف الديني، والذي يتم استخدامه كغطاء مقبول لدى العديد من فئات، فثمة أشكال مختلفة من التطرف كالتطرف الاجتماعي والإثني والطائفي والمذهبي، وغيرها العديد من أشكال التطرف.
 
علينا اليوم التعامل بجدية مع منظومة التطرف، وعلى الدولة أن تعيد قراءة الأسباب الحقيقية التي تدفع عدداً من الشباب إلى التطرف والإرهاب، فتبني التطرف كمنظومة معرفية من قبل بعض الأفراد والجماعات يعود لعدة أسباب، قد يرى البعض أن أبرزها هي الأسباب الاقتصادية، أو كيفية توزيع الريوع في الدولة وعدم كفاءة آليات توزيع الريوع في تحقيق العدالة والإنصاف، وقد يرى البعض أن الأسباب الرئيسية للتطرف قد تكون أسباباً سياسية مثل ضعف التمثيل الشعبي وضعف دور المواطن في صناعة القرار.
 
ومع احترامي لوجهات النظر تلك، إلا أني أرى أن الأسباب الرئيسية تعود إلى أسباب معرفية وأسباب اجتماعية، فضعف المنظومة المعرفية لدى العامة والنخبة المستحدثة أدى إلى ضعف الجهاز المناعي المعرفي، مما أدى إلى التطرف، وكذلك سرعة التبدل الاجتماعي سواء أكان على مستوى تكوين الوحدات الاجتماعية وأدوارها داخل المجتمع كمؤسسات مرجعية، أو كان على مستوى استحداث مرجعيات اجتماعية جديدة دون قدرة على إحداث التغيير المطلوب على مستوى القاعدة، مما جعلها مستنبتة بصورة غير فاعلة في بيئة اجتماعية رافضة لها.
 
كما أن انهيار منظومة الثقة بين المجتمع والحكومة تعد سبباً إضافياً لتنامي ظاهرة التطرف، فعدم حدوث الإصلاح الاجتماعي القائم على إيمان المجتمع أو معظمه الأعم بمفهوم الصالح العام والمصلحة العليا، وتغليبها على الصالح الخاص والمصلحة الخاصة، أدى إلى ظهور مظلات تمثل هويات فرعية وإعلاء مصلحة هذه الهويات على الهوية الجامعة، فلم يعد المجتمع قادراً على اجتراح الخطوات الإصلاحية الضرورية له لتجاوز منعطفاته، وفقد وسيلته الدفاعية تجاه ما يهدده من (عطب أو خراب) سياسياً واقتصادياً وقبل ذلك اجتماعياً.
 
كما تبرز في مجال محاربة التطرف والإرهاب خطورة غياب البطل عن المشهد العام، حيث لا توجد منظومة من القيم تحمي العامة، وكذلك لا يمكن إحداث تأثير مباشر وملموس سريعاً وبصورة مستدامة، حيث يمكن تحشيد العامة لمصلحة موقف معين، شريطة أن يكون التحشيد محدوداً زمنياً.
وبقاء الساحة العامة للنجوم والمشاهير ينتج أجيالاً بلا طموحات وآمال بل يتحول أبناء الجيل القادم إلى مجرد مستهلكين غير قادرين على التأثير ولا يمكن الاعتماد عليهم للقيام بعمل عام، وذلك بسبب ضعف مرجعيتهم القيمية وتضاؤل شعورهم العام.
 
اليوم يقف الأردن إحياء للذكرى المأساوية لتفجيرات عمان وعينه على المستقبل وتحصين أجيالنا القادمة من التطرف والإرهاب، ولكن لا يمكن تحقيق الإنجاز بالأماني فقط بل يجب أن يكون هناك عمل ملموس وفعال مع جيل الشباب كي نستطيع القول بصوت عالٍ إننا تعلمنا الدرس وها نحن نحارب التطرف والإرهاب