Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Jan-2020

مقتل سليماني وساحات الرد*موفق ملكاوي

 الغد

لطمة قاسية تلقتها إيران أمس تمثلت في نجاح الولايات المتحدة باغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، الرجل القوي في نظام الملالي. لطمة قاسية أدخلت الإيرانيين في حالة صدمة وحزن شديدين.
سليماني لم يكن مجرد عسكري برتبة كبيرة، فالهالة الإعلامية التي رافقت مسيرته خلال العقدين الأخيرين، والعبقرية التي صيغت بها أخباره، صنعت منه شخصية أسطورية، أو جنديا ينفذ أوامر الرب بلا تردد، ما جعل منه نموذجا ملهما، ليس للإيرانيين فحسب، بل لكثيرين من شباب دول المنطقة.
في حالة كهذه، يبدو النظام الإيراني واقعا في حرج كبير بسبب هذه الخسارة الجسيمة التي تعرض، خصوصا أن المواجهة الممتدة مع الولايات المتحدة لم تمنح واشنطن مثل هذا النجاح من قبل.
إيران اليوم، وأكثر من أي مناسبة أخرى، تشعر أنها مطالبة بالرد على هذه اللطمة، وبالتأكيد هي تعي أن المطلوب ليس ردا سياسيا أو دبلوماسيا، بل رد عسكري تستطيع من خلاله أن تستعيد هيبتها.
تمتلك طهران طريقين للرد، الأول من خلالها مباشرة، وذلك من باستهداف قوات أو مصالح أميركية، تستطيع من خلاله إيلام الولايات المتحدة، خصوصا استهداف الجيوش الأميركية المنتشرة في دول المنطقة. غير أن ذلك يمثل مجازفة كبيرة بوضعها نفسها هدفا مباشرا للانتقام الأميركي، ولرد قد لا يكون في حسبانها، خصوصا إذا كانت الضربات مؤثرة فعلا، ما قد لا يترك للإدارة الأميركية أي فرصة للتغاضي عنها أو تجاوزها.
لعل الطريقة الأكثر سلامة، هو الرد من خلال الوكلاء المنتشرين في لبنان وسورية واليمن، والعراق خصوصا الذي يبدو أنه الساحة المفضلة للعمل الإيراني. في هذه الحالة، سيبدو الرد استمرارا لأسلوب الاستنزاف الذي انتهجته ضد الولايات المتحدة منذ احتلالها للعراق، واستيلاء طهران تدريجيا على القرار فيه.
الإدارة الأميركية، بدورها، تمتلك فهما لطبيعة التمدد الإيراني في دول المنطقة، كما أنها تعلم أن ساحات الرد مفتوحة لدى طهران، ولكنها بالتأكيد تركن إلى تفوق عسكري هائل على إيران، وتدرك أن طهران لن تدخل في مغامرة مصيرية من خلال مواجهة مفتوحة معها، ما يهدد نظامها السياسي برمته.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يعلم أنه حقق نجاحا كبيرا بتصفيته قاسم سليماني، وهو نجاح كان في أشد الحاجة إليه في الوقت الراهن الذي تبدو فيه إدارته في أكثر أوقاتها ضعفا. لذلك فهو لا يلتفت كثيرا إلى الضجة التي يثيرها الديمقراطيون باتهامه بأنه لم يأخذ تفويضا من الكونغرس على الهجوم، فهو يعلم أن شن الحرب هو ما يتطلب تفويضا، وأن ما قامت به قواته هو توجيه ضربة محددة بمكان وهدف، لذلك يعلم أن الديمقراطيين يشنون حربا إعلامية لا يمكن أن يفوزوا بها، ما يمنحه مزيدا من القوة في مواجهة أي خطوة إيرانية مقبلة.
يبدو من شبه المؤكد أن الإيرانيين سيردون، ونتوقع أن تكون المنطقة مقبلة على صراع جديد، ومواجهات متجددة، سواء مباشرة أو بالوكالة، وهي جميعها ترشح المنطقة لشتاء ساخن يدخل فيه كل شيء على خط المواجهة، بدءا بالنفط الذي بدأت أسعاره بالارتفاع، وليس انتهاء بمزيد من التعقيدات الاقتصادية.. أو بالإنسان الذي سيكون وقودا رئيسيا لهذه المواجهات.