Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Jan-2018

التصنيف الأردني للجامعات ونتائجه.. وجهة نظر مغايرة - أ.د. محمد إسماعيل الوديان

الراي -  لعل على المتتبع لما كتب عن التصنيف الأردني للجامعات وكل ما أثير حوله وحول نتائجه أن يتردد في الكتابه حول الموضوع عندما يتعلق الأمر بطرح وجهة نظر مغايرة لجل إن لم يكن لكل ما تم نشره وتداوله عن التصنيف.

فقد ثارت حول التصنيف ونتائجه الكثير من الضجة بحيث تحول الموضوع لقضية رأي عام بامتياز خاض بها الخائضون من العارفين وغير العارفين على مختلف الصعد وفي مختلف منصات الرأي والتواصل. ولا أظنني أذيع سراً إن قلت أن طبيعة ردة الفعل وحجمها التي صاحبت إعلان النتائج شكلت مفاجأة كبيرة لكل من تابع هذا المجهود منذ بداياته وحتى النهايات.

 
أما وقد هدأت الموجة وتراجعت ردود الأفعال مع قرار مجلس هيئة إعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها إلغاء نتائج التصنيف بشكل رسمي, فقد يكون من الحكمة إبداء وجهة نظر مبنية على الخبرة والدراية وتحليل مهني حصيف لما ورد بخصوص التصنيف بهدف التوضيح والفائدة المستقبلية مع الإحترام الكامل لكل وجهات النظر ومصادر القلق التي تناولت الموضوع وذلك بإيراد النقاط التالية:
 
1 - التصنيف الأردني للجامعات جاء بعد جهد كبير ومضنٍ على مدى شهور طويلة وضعته مجموعة من الخبراء المشهود لهم بالخبرة والدراية في هذا المجال على المستوى الوطني يمثلون كل الأطراف المعنية من جامعات أردنية رسمية وخاصة في مختلف توجهاتها ومواقعها على امتداد جغرافيا الوطن وقطاع خاص وغيرها وبمشاركة أصحاب المصلحة والعلاقة المعنيين.
 
2 - التصنيف وإن كان بمثابة مبادرة خلاقة من هيئة الإعتماد إلا أنه أيضاً كان بمثابة تنفيذ لما هو منصوص عليه صراحة في الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية مؤطراً تشريعياً بنظام خاص معتمد وموافق عليه من مجلس الوزراء الموقر. وبالتالي, جاء التصنيف كجزء من صلب مهام هيئة إعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها ولغايات واضحة ترمي لإصلاح مواطن الخلل في الجامعات وبث روح التنافس الإيجابي فيما بينها إضافة لمنحها الحافز والأساس للعالمية وتصنيفاتها.
 
3 - أما مواطن الضعف والخلل في الجامعات فهي موجودة بصرف النظر عن مصادرها وأسبابها الموضوعية ولا يستطيع أحد أن ينكرها وقد أظهرتها البيانات التي تم جمعها من الجامعات بكل موضوعية ومهنية وشفافية. وفيما يتعلق بخلق روح التنافس, فيكفي الإشارة إلى الحراك الإيجابي النشط وغير المسبوق الذي بدا جلياً وعلى أعلى المستويات في جل الجامعات الأردنية قبل وخلال وبعد إعلان النتائج من وضع خطط لإصلاح نقاط الضعف والتقدم في سلم التصنيف الأردني مستقبلا.
 
4 - أما التوافق مع المعايير العالمية فقد تم تبني منهجية الحل الوسط, إذ ينبغي التوضيح هنا,من جهة, أن الجامعات الأردنية تختلف عن الجامعات العالمية بكونها عموماَ جامعات شاملة, اي, تدريسية «أساسا» وبحثية «بصورة أقل», وبالتالي لا تناسبها أغلب التصنيفات العالمية التي تعطي الوزن الأكبر من التصنيف للبحث العلمي يصل في كثير من التصنيفات لـ 100 %ويشارك بها عدد كبير من جامعات العالم بما فيها أعرق وأفضل الجامعات. ومع ذلك, ومن جهة أخرى, فقد بلغ عدد المعايير الرئيسة في التصنيف الأردني المشابهة كلياً لما هو متبع في الكثير من التصنيفات العالمية الأكثر انتشاراً 3 من 5 معايير إضافة لمعايير فرعية أخرى وبنسبة تقترب من حوالي 60% من الأوزان الكلية.
 
5 - لاحظنا الكثير من الخلط بين التصنيف الأردني كنظام تصنيف وطني نهل من التصنيفات العالمية المحترمة وتم تكييفه وتجييره لخدمة خصوصية التعليم العالي الأردني والعربي والإقليمي والذي جاء من وجهة نظرنا كفكرة نبيلة ورائدة على مستوى العالم العربي والإقليم وبين إعلان نتائجه و/أو آلية إعلان النتائج. ويبدو أن هنا يكمن مربط الفرس.
 
6 - ليس أدل على ما سقناه في النقطة السابقة أعلاه من إسراع جهات تابعة لاتحاد الجامعات العربية وهيئات ذات علاقة تابعة لجامعة الدول العربية بتبني هذه الفكرة الأردنية ما يمنح التعليم العالي الأردني قصب السبق في هذا المضمار الحيوي ويمنحة مقعد القيادة والريادة فيه.
 
7 - لاحظنا الكثير من عدم الوضوح من ماهية نظام التصنيف الأردني إذ لا بد من التوضيح هنا أن التصنيف لم يأت البتة كنظام لتصنيف الجامعات الأردنية وإنما هو ”تصنيف أردني“ للجامعات بدأ بالجامعات الأردنية على محدودية عددها على أن لا يقتصر عليها بل ليشمل مستقبلاً جامعات عربية وفي الإقليم على أقل تقدير وربما أبعد.
 
8 - أن ما تم عمله في التصنيف الأردني هو قطعاً «تصنيف Ranking «وليس «نجوم Rating «كما أشيع. ذلك أن ما يميز التصنيف عن النجوم–كما يعلم العارفون في هذا المضمار - هو أساساً المنهجية إضافة لاختلاف بعض المعايير بينهما مع التأكيد على وجود قواسم مشتركة مهمة بالمعايير بين التصنيف والنجوم. وبالتالي, فإن استخدام النجوم في التصنيف الأردني للجامعات جاء رمزياً فقط ولا يدعو للإرباك, وهو ما يبين أيضاً أن «النجوم» لم تكن بدعة التصنيف الأردني وإنما هو رمز مستخدم من جهات التصنيف العالمية في الـ «QS.«Rating
 
9 - مع أن التصنيف الأردني استعان واسترشد بالتصنيفات العالمية وجاء متوافقاً مع توجهاتها العامة - كما أسلفنا- إلا أنه لم يكن المراد به ابتداءً أن يكون نسخة مكررة من أي من التصنيفات العالمية الأخرى بما في ذلك الفروع والتفاصيل والأوزان, مما يترتب عليه أن لا تأتي نتائج الجامعات بالتصنيف الأردني بالضرورة مشابهة أو متطابقة مع نظيراتها من التصنيفات الأخرى.
 
10 - كذلك, لم يكن المقصود من التصنيف الأردني أن يراعي ويتناسب مع الأمر الواقع السائد بما فيه الجوانب والممارسات السلبية في الجامعات الأردنية وإنما صيغ بعناية فائقة ليساهم في دفع الجامعات لتجنب السلبيات والتوجه للمارسات التي تساهم في تحقيق وتوطيد الجودة وتسهيل الطريق نحو العالمية.
 
11 -أنني أجزم أنها المرة الأولى في تاريخ التعليم العالي الأردني التي يتم فيها جمع هذا الكم الهائل من البيانات من الجامعات الأردنية وبهذه الدرجة من الموثوقية ومعالجتها آلياً وتحويلها لمعلومات على شكل مؤشرات كمية محددة تشكل أداة غاية في الأهمية وفرصة نادرة لأصحاب القرار في الجامعات والتعليم العالي في المملكة الأردنية الهاشمية لوضع خارطة طريق وحتى استراتيجيات مبنية على أسس علمية لمستقبل التعليم العالي الأردني.
 
وأود أن أختم بالقول بأننا نعتقد أن التصنيف الأردني أو التصنيفات العالمية هي وسيلة لتحقيق التميز وليست غاية, وأن التصنيف الأردني كان وسيبقى يمثل آلية فاعلة وفرصة ذهبية للنهوض بقطاع التعليم العالي الأردني وريادته وتمهيد الطريق له نحو العالمية بدأ بالجامعات وبدأ بالتحضير على مستوى البرامج, لأن التأخر في أخذ زمام المبادرة لمعالجة جوانب الضعف في جامعاتنا سيترتب عليه عواقب غير محمودة على المدى المتوسط والطويل تتعلق بسمعة التعليم العالي الأردني الذي تميز عبر عقود طويلة وبالعالمية واستدامة استقطاب الطلبة الأجانب وغيرها, ذلك أن الكثير من جامعات الإقليم العريقة وغير العريقة في مصر والخليج «ساهمت كفاءات أردنية بتطويرها» ومستقبلاً دول أخرى قريبة وبعيدة بدأت تتجاوز جامعاتنا وتتفوق عليها.
 
وإن كنت أرى بعض المسوغات المنطقية في بعض جوانب طروحات إلغاء النتائج على المدى القصير, إلا أنه لا مفر وبدعم ومؤازرة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي واللجنة النيابية المختصة والخبراء من الإسراع بإطلاق الجولة القادمة من التصنيف الأردني وممارسة الضغط على إدارات الجامعات لابتكار أساليب خلاقة غير تقليدية في إدارة جامعاتها والتركيز على الميزات التنافسية لكل منها ومن ثم اللجوء للحكومة لتوفير المصادر المادية والبشرية للجامعات التي تحتاج للدعم في الأطراف لنرتقي جميعاً لرؤية جلالة الملك عبداالله الثاني بن الحسين المفدى في تعليم أردني ريادي ومتميز.