Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Mar-2020

فلسطين بين الوباء وتوحش الاستعمار..!*د.عبد الرحيم جاموس

 الدستور

إذا كان العالم اليوم موحدا في مواجهة جائحة الكورونا والوباء المنتشر ولا تتقدم عليها أية قضية حتى بما فيها قضايا الاقتصاد الذي لحق به أفدح الضرر، لأنه لا شيء أهم من صحة وحياة الإنسان.
 
لقد بات اغلب سكان الأرض اليوم محبوسين في البيوت، وقد تعطلت ماكينة الإنتاج ولا يسيطر على العالم سوى توفير سبل الوقاية والعلاج من فايروس الكورونا الذي يجتاح سطح الأرض دون استثناء ويهدد بإفساد كل أشكال الحياة، فلم يبقي مكانا للهو أو للفرح، إنه يدفع البشر لمعرفة حقيقة ضعفهم مهما علو، ويحتم عليهم أن تصحو ضمائرهم التي تبلدت وسيطر عليها حب الدنيا وقادها إلى الجشع والغطرسة والى مد النفوذ والاستحواذ على الآخر واستخدام كل اشكال القوة والبطش من اجل المصالح المادية، لم تُفرِق الجائحة بين لون ولا بين جنس أو دين وآخر فالكل تحت وطأتها والكل هدف لها.
 
لكن الضمائر الميتة ومن تربوا على العنصرية والكراهية وسلب الآخرين حقوقهم وأموالهم لم يدركوا ذلك بل قد زادتهم الجائحة توحشا وفقدوا إنسانيتهم التي طالما تشدقوا بها وغالوا في نخبويتهم وداروينيتهم واستغلوا الوباء وبكل قذارة لتحقيق مصالحهم مثل تجار الحروب ومروجيها.
 
وأوضح مثال على هذا ما يجري في فلسطين المحتلة بكافة مناطقها سواء في أراضي 48 أو مناطق 67 وما يتعرض الفلسطينيون فيها من قبل المستعمرة والمستعمرين الصهاينة.
 
ففي مناطق 48 يرزح الفلسطينيون تحت وطأة النظام العنصري الذي يفرق بين المواطن والآخر على أساس الجنس والعرق والدين فلا يعنيه الا مجتمع الاستيطان اليهودي فالكيان والدولة وجدت من اجله، حياته هي فقط يجب أن تصان وان تتوفر لليهودي كامل شروط الحياة وما غيره من العرب الفلسطينيين فحياتهم رخيصة لا قيمة لها ولا تعني الكيان من قريب أو بعيد بل بالنسبة اليه يكون موته أفضل، دون أي احساس بالمسؤولية تجاه حياتهم وما يمكن أن يصيبهم من أذى جراء انتشار الوباء، فالإهمال الطبي هو سيد الموقف، هل هناك صور أبشع من هكذا عنصرية مقيتة وموت للضمير الإنساني، هكذا يتركون الفلسطينيين لتدبير أمورهم كيف شاؤوا ويواجهوا مصيرهم في مواجهة الوباء.
 
اما فلسطين67 فالحال لا يقتصر على الإهمال فقط وإخلاء المسؤولية كاملة تجاهها من قبل سلطة الاحتلال الصهيوني التي تعتبر مسؤولة مسؤولية مباشرة وكاملة عن وضع سكان الأراضي المحتلة بصفته القوة المحتلة لهم امام القانون الدولي، فهي بدلا من ان تتحمل مسؤوليتها القانونية واصلت ممارسة سياساتها الجهنمية والوحشية في ظل هذه الجائحة في تنفيذ مخططاتها التوسعية وبناء المستوطنات وتوسعة القائم منها وضم مساحات واسعة من الأراضي خصوصا في منطقتي القدس والأغوار وواصلت سياسة التهويد وتدمير منازل المواطنين الفلسطينيين وشق الطرق لربط المستوطنات بكيان المستعمرة ومواصلة سياسات القمع والاعتقال والاجتياحات للمدن والقرى الفلسطينية وإرهاب الآمنين، متخذة من هذه الظروف الوبائية الاستثنائية التي تشغل بالَ العالم فرصة ذهبية لتنفيذ ما يسمى (بصفقة القرن) وتجسيدها على أرض الواقع..!
 
هل هناك عنصرية أبشع وأكثر توحش من هذه الفاشية الصهيونية التي تمارسها المستعمرة في حق الشعب الفلسطيني في مختلف مناطقه بما فيها القدس..؟!
 
يضاف إلى كل ذلك الإهمال الطبي المتعمد بحق ستة آلاف فلسطيني أسير ومعتقل في باستيلات المستعمرة تتركهم في ظروف لا تتوفر على ابسط شروط الوقاية والعلاج من الوباء الذي يجتاح فلسطين المحتلة معرضةَ حياتهم للخطر البالغ حد الموت.
 
فلسطين المحتلة اليوم تقع بين مطرقة الوباء وسندان توحش الاحتلال والاستعمار العنصري وإجراءاته الجهنمية.
 
من هذا المقام نناشد كافة الدول الشقيقة والصديقة وكافة الهيئات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان من اجل العمل الفوري والسريع لإنقاذ حياتهم وإطلاق سراحهم قبل أن يعم الوباء تلك السجون والمعتقلات التي يقبعون بها وتقع الكارثة التي لن تحمد عقباها.