Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Aug-2018

صندوق النقد الدولي: إفقار مُمنهج للبلدان النامية - يوسف عبداالله محمود

 الراي - "إن ظاهرة المديونية الخارجية للبلدان النامية مُرشحة للاستمرار طويلاً"د. فؤاد مُرسي من الملاحظ ان صندوق النقد الدولي اعتاد ان يوقع البلدان النامية في مصيدة القروض. فأعباء الديون التي تستوجبها هذه القروض تنمو بمعدلات أسرع من نمو حجم الديون ذاتها، وهذا يعني أن فوائد هذه القروض باتت تستنزف الجزء الأكبر من أية قروض جديدة.

وفي تعليقه على سياسة صندوق النقد الدولي وكيفية تعامله مع العميل يقول الخبير الاقتصادي المصري البارز أ.د. فؤاد مرسي: "يستخدم صندوق النقد الدولي "سَوط المشروطية" لتجديد شروط المدين الصالح للحصول على ائتمانه على الرغم مما هو معروف من ندرة هذا الائتمان.. ولقد وضع شرطاً جديداً تتضمنه عقود القروض هو شرط عدم حصول تجز في السداد في سائر الديون الأخرى التي تلتزم بها الدول النامية". (د. فؤاد مرسي: "الرأسمالية تجدّد نفسها"، ص 311 ،عالم المعرفة، الكويت). انها الوصاية الرأسمالية على البلدان النامية.
ما معنى هذا؟ معناه أن هذا الصندوق الذي أُسميه "صُداع العصر" يتولى شئنا أم أبينا الاشراف على إدارة اقتصاد البلدان المقترضة. يلوي ذراعها إن قصرت! وحين يتم هذا الاشراف الجائر فإن ما يسمى بتحسين ظروف الدول النامية يصبح مجرد كلام في الهواء.
الشروط التي يفرضها صندوق النقد الدولي على البلدان المقترضة هي بحق شروط قاسية للغاية، فهو أولاً وقبل ان يقدم قروضه "يناقش صلاحية العميل أصلاً للتعامل معه". وعلى هذا العميل ان يقبل بالشروط.
وكما يقول د. فؤاد مرسي:"يتطلب الصندوق قيام البلد المَدين بعدد من الاجراءات النوعية التي تعني إقرار أولوية الزراعة على الصناعة وأولوية القطاع الخاص على القطاع العام وأولوية المشروع الاجنبي على المشروع الوطني، وأولوية الانشطة التجارية على الانشطة الإنتاجية،".(المرجع السابق ص 310.( أولويات جائرة يضعها صندوق النقد الدولي لتبقي على البلدان النامية متخلفة تابعة للرأسمالية.
أليس هذا ما هو حاصل بالفعل؟ لماذا تُستثنى الصناعة وتقع في المرتبة الثانية؟
لماذا لايسير الاهتمام بها جنباً الى جنب مع الزراعة؟ ثم لماذا يتم تهميش القطاع العام وإعطاء الأولولية للقطاع الخاص؟ إنها سياسة الاحتواء التي يلجأ اليها النظام الرأسمالي العالمي لإبقاء البلدان النامية متخلفة عن ممارسة الانشطة الانتاجية وبالتالي خاضعة لقروض الصندوق.
إن قروض صندوق النقد الدولي لاتؤدي كما هو ماثل على الأرض إلى أي انتعاش اقتصادي حقيقي للبلدان النامية. على العكس تزيد المديونية وتتضاعف الفائدة!
"ومن مفارقات هذا العصر ذلك التناقض بين الكفاءة التي كشفت عنها الرأسمالية في نقل قوى الركود الى البلدان النامية والعجز الذي سجلته في نقل قوى التوسع والانتعاش اليها". (المرجع السابق ص 312 .(إن سياسة صندوق النقد الدولي تقوم على إدارة خدمة الفائدة وأصل الدين مركزة بصفة خاصة على الاستمرار في دفع الفائدة بهدف خدمة الاوضاع المُربحة للقروض.
نحن كما هو معلوم –واعني البلدان النامية- بقاؤها على قيد الحياة مرهون بقدرتها على سداد القروض وفوائدها التي تلتهم حجم القروض نفسها في كثير من الحالات.
وفي وصفه لهذه الظاهرة الشاذة يضيف د. مرسي قائلاً:"إننا في الواقع أمام ظاهرة لا مثيل لها في التاريخ لتحويل الموارد من البلدان الفقيرة للبلدان الغنية ومن الفقراء للأغنياء داخل البلدان الفقيرة". ص 322 .قُل لي ما معنى بيع "القطاع العام" في البلدان النامية، ومنها بلداننا العربية للقطاع الخاص؟ أليس معناه تفاقم الفقر وزيادة البطالة؟ اليس معناه اختراق سيادة الدول؟ أليس معناه إثراء قلة من اصحاب القطاع الخاص على حساب الغالبية من فقراء هذه البلدان؟ إن الهدف النهائي لقروض صندوق النقد الدولي هو إدماج البلدان النامية في الرأسمالية العالمية. إنه الاستعمار بعينه. وهنا أودّ الاشارة الى بلداننا العربية والاسلامية التي لو خلصت نوايا قادتها فاستثمروا مواردهم الاقتصادية الهائلة وبخاصة النفطية استثماراً قومياً يُلبي حاجات بلدانهم الفقيرة بعيداً عن خلافات السياسة، لما عادت بلدانهم بحاجة الى قروض صندوق النقد الدولي"المهينة"المكرسّة للتبعية.
لقد آن الأوان لتبني استراتيجية عربية حقيقية ترفع سَوط صندوق النقد الدولي وغيره من الصناديق الدولية عن رقابنا. آن لعرب اليوم أن يتقوا االله في شعوبهم وأن يُفعّلوا"التضامن العربي"فعلاً لاقولاً!