Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Nov-2019

الهيئات المستقلة بين العدالة والمساواة*عبير مامي

 الراي

تتجه نية الحكومة الحالية نحو دمج المؤسسات والهيئات المستقلة، وقد حظي هذا التوجه برضا شعبي في ظل المعتقد عن كونها باتت تشكل عِبئاً على كاهل الاقتصاد وتزيد عجز الموازنة، والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا هل كل الهيئات تشكل عبئاً على الاقتصاد ؟! هل يمكن الخلط بين الهيئات المستقلة التي وجدت للمراقبة ولها مهام والمؤسسات التي تقدم خدمات مشابهة؟ هل عملية الدمج هذه ستكون ضمن منهجية علمية وهل سيتم الأخذ بعين الاعتبار الفروقات بين هذه المؤسسات؟
 
لنأخذ على سبيل المثال هيئة تنظيم قطاع الاتصالات التي لا تكلف خزينة الدولة أي مبالغ مالية، فكُلف الهيئة التشغيلية تُدفع من شركات الاتصالات العاملة في المملكة، نفقات الهيئة يتم تغطيتها من عوائد الترخيص السنوية بما لا يتجاوز 1% من الايرادات للمرخص لهم والإيرادات المتأتية من كل من حصة المشاركات بالعائدات بنسبة 10 بالمائة.
 
فهل من المنطقي أن يتم التعامل معها اسوةً بالمؤسسات التي ترصد ميزانيات كاملة لها من خزينة الدولة! هل يمكن ببساطة دمجها أو إلغاؤها بذريعة تحقيق العدالة، وعن أي عدالة نتحدث إذا علمنا أن الهيئة من أكثر المؤسسات رفداً للخزينة والأقل إنفاقاً حيث بلغ مجموع ما تم رفده ما يقارب (1,809) مليار منذ 1997، ناهيك عن التخصصات التي لا توجد في أي مؤسسة أخرى مثل الترددات والتنظيم ما يستدعي وجود موظفين يحملون شهادات علمية.
 
لا خلاف على ضرورة دراسة التباين في الرواتب بين موظفي الهيئات وباقي موظفي القطاع، ولكن يجب أن تكون المقارنة مبنية على أسس علمية، لان العدالة لا تعني المساواة وبعض الهيئات لها خصوصية وعملها يستدعي وجود كفاءات تمكن العاملين من إظهار إمكانياتهم، وتمّكن المؤسسة من استقطاب كادر ومؤهل يتحمل المسؤوليات، ومن مهام الهيئة مثلاً وضع شروط منح رخص شبكات الاتصالات، ادارة الطيف الترددي وتنّظيم الدخول إلى الشبكات، ومنح الموافقات وتنظيم ادخال الاجهزة الى المملكة.
 
قد يتساءل البعض عن جدوى وجود هيئة الاتصالات في ظل وجود وزارة تُعنى بالقطاع، والاجابة بسيطة فدور الوزارة يتمركز حول رسم السياسات، الحكومة الالكترونية ومركز المعلومات بينما تتولى الهيئة النواحي التنفيذية كضمان توفير خدمات اتصالات ذات جودة مقبولة للمواطنين وحماية مصالحهم، إدارة الطيف الترددي، الثروة الوطنية التي تحتاج إلى التنظيم، ووجود واضع سياسة بشكل منفصل عن منفذ السياسة يخلق مزيدا من الاطمئنان لدى المستثمر، خصوصاً أننا نتحدث هنا عن حجم استثمار تجاوز 4 مليارات دينار في هذا القطاع. العدالة مطلب الجميع، والح?ومة معنية بأن يأخذ كل ذي حق حقه، ونتمنى أن لا يتم أخذ قرارات متسرعة والتعامل مع الموضوع بهدوء والأخذ بالأسباب حتى لا يدفع أحد ثمن قرارات اتخذها آخرون في أعوام سابقة، والمؤشرات ببساطة أكثر ما يوثق لحقيقة واقع قطاع الاتصالات الأردني الذي يعتبر قصة نجاح أردنية.