Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Mar-2017

ليبيا: «صَوْمَلة» برائحة.. «نَفطِيّة»! - محمد خروب
 
الراي - فرضت الاحداث الدراماتيكية المتواصلة في ليبيا, نفسها على المشهدين الاقليمي والدولي، بعد ان نجح اعداء رجل ليبيا القوي (حتى الان) المشير خليفة حفتر، في توجيه ضربة عسكرية واخرى معنوية وثالثة سياسية قاسية, إن لم نقل قاصمة..له، اطاحت ، بكثير من الاوراق التي كان الرجل يتوفر عليها، بعد ان بدا حتى ما قبل سيطرة «سرايا الدفاع عن بنغازي» على ميناءين من مجموعة اربعة موانئ في المنطقة المعروفة بـِ»الهلال النفطي» ، والتي يُفتَرَض ان تعود عوائدها الى الحكومة «المعترف بها دولياً» اي حكومة الوفاق التي يرأسها فايز السرّاج والمجلس الرئاسي الذي انبثقت عنه بموجب اتفاق الصخيرات, الذي تتفاوت قراءات الافرقاء الليبيين لمواده، ما يجعله نقطة تجاذب وخلافات لا تنتهي وسط محاولات اقليمية (وبخاصة من دول الجوار الليبي الثلاث مصر، الجزائر وتونس) واخرى دولية يمثلها المبعوث الخاص مارتن كوبلر وثالثة داخلية عبر وساطات قبائِلية لم تنجح كلها في جمع المتصارعين على السلطة إلى طاولة واحدة, نظراً لتحالفاتهم الخارجية والارتباطات التي تُكبّلهم وخصوصاً في الدعم الذي تقدمه دولة عربية (وتركيا خصوصاً) لحكومة خليفة الغويل, التي يدعمها تيار اسلاموي سلفي.
 
معركة اجتياح الهلال النفطي التي فاجأت بها سرايا الدفاع عن بنغازي.. الجميع، واطاحت من خلالها بكثير من المخططات والمشروعات السياسية، وتلك التي كانت في طور التبلور وإنضاح تحالفات جديدة، قد تُسهِم في التجسير على الخلافات وتقريب وجهات النظر بين المكونين الرئيسيين وهما حكومة طبرق برئاسة عبدالله الثني التي يدعمها برلمان طبرق والجيش الوطني الذي يقوده الجنرال حفتر, وتلك التي لم تنل ثقته وتسمى حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، رغم فشل محاولات الوساطة التي جرت في القاهرة لجمعهما ورفض حفترالإلتقاء بالسراج, ما اثار حفيظته وغضبه لكنه لم يُسارع الى القطيعة رغم شعوره بالإهانة وادلى بتصريحات «هادئة»، فإذا بالمفاجأة المدوية تفرض نفسها وتبدو في بعض جوانبها رداً قاسياً ومؤلماً من السرّاج على اهانة حفتر له, والتي برزت أيضاً في مسارعة فريق حفتر وخصوصاً «نوّاب طبرق» الى اتهام السرّاج وحكومته, بالوقوف خلف هذا الهجوم ويتهمون وزير الدفاع المهدي البرغثي برعاية متمردي «قاعدة الجفرة» التي جاء منها المهاجمون.
 
قد يكون في مثل هذه الاتهامات بعض الصحة, إذا ما أُخذَت بعض المواقف والتصريحات التي صدرت عن حكومة السرّاج, والتي لا تبدو حاسمة سواء لجهة ادانتها الخجولة للهجوم الذي وصفته بالتصعيد العسكري, أم «البرودة» التي اتسمت بها تصريحاتها وبخاصة تهديد المجلس الرئاسي بانه» لن يقف مكتوف الايدي ازاء استمرار التصعيد العسكري في منطقة الهلال»، وإن كان نفى صلته بالهجوم، إلاّ انه قال في البيان ذاته ان «لديه من الخيارات ما يردع كل مستهتر».
 
هل فقد المشير حفتر.. زمام المبادرة؟
 
ما تعكسه موازين القوى الراهنة, يشي بأن جيش حفتر في وضع لا يحسد عليه وما تستبطنه بيانات الجيش الوطني الذي يقوده, تزيد من الاعتقاد بأنه قد يحتاج الى وقت طويل لاستعادة ما «فقَدَه» في منطقة الهلال، وربما لا يتمكن من ذلك إذا ما مضت «سرايا الدفاع عن بنغازي», التي قادت الاجتياح, قُدماً في تنفيذ ما جاء في بياناتها التي تفيض «ثقة» بالنفس وبخاصة عندما تقول: انها لاتنوي السيطرة على منطقة الهلال النفطي, بل هي متجهة الى بنغازي ضمن عملية اطلقت عليها اسم «عملية العودة الى بنغازي» لتحريرها وإعادة المُهجّرين، مؤكِدة بان وجهتها بنغازي «بعد ان ظهر للجميع, عبث الانقلابيين وميليشيات حفتر, واتخاذ منطقة الهلال قواعد عسكرية وجعلها مرتعاً لمرتزقة الحركات التشادية والسودانية, كان لزاما علينا «تحريرها» داعية في الوقت نفسه «الدولة» الى استلام الحقول النفطية بعد تحريرها».
 
مصطلحات ونبرة جديدة تفرضها سرايا الدفاع (مجهولة الهوية والانتماء حتى الان) على المشهد الليبي، فهل ثمة «دولة» موجودة في ليبيا كي تتسلم الحقول؟ ثم مَن هم مرتزقة الحركات التشادية والسودانية؟ الذين باتوا في الوقت ذاته «كرة» يتقاذفها الطرفان، حيث يتهم انصار الجنرال حفتر «ميليشيات من تنظيم القاعدة الفارّة من بنغازي والمدعومة من ميليشيات تمرّد تشادية» بالمشاركة في الهجوم الذي ادى لسيطرتها على مينائي السدرة وراس لانوف, في الوقت ذاته الذي اتهَمَت فيه حكومة السرّاج أيضاً، رغم ان الاخيرة ابدت شكوكاً قوية في «التوقيت الحالي للهجوم الذي يتزامن بطريقة مشبوهة (كما وصفَته) مع ما يُبذَل من جهود مكثفة, على مستويات داخلية واقليمية ودولية ,لتحقيق المصالحة الوطنية ,لتجتاز البلاد ما تمر به من محنة».
 
لعبة عض اصابع وهروب من تحمل المسؤولية تمارسها اطراف اللعبة الليبية العبثية التي تتغذى وترْضَع من اطراف اقليمية ودولية, تسعى كلها الى فرض قواعد جديدة على ليبيا, التي ظن كثيرون انها من الهشاشة ما يُمكِّنها وبخاصة دول الغرب الاستعماري وبعض العرب, من الإمساك بها والسيطرة على ثرواتها واضافتها ورقة اضافية, الى لعبة المحاور والحروب بالوكالة الدائرة الان في المنطقة العربية وعليها.
 
لكن السحر انقلب على الساحر وبات الجميع في ورطة لا يعرف – وربما لا يستطيع – كيفية الخروج منها او تقليل خسائره الآخذة في التصاعد.
 
الكرة (الليبية) ضائعة الان، على نحو يبدو «الارتباك» سيد الموقف, وبخاصة ان اجتياح الهلال النفطي والتهديد بالتوجه الى بنغازي, قد خلط الاوراق واعادها من جديد الى نقطة الصفر.
 
kharroub@jpf.com.jo