Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Aug-2019

Proposal*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-بالمناسبة: سأكتب يوما «خطة»؛ أطالب فيها بإعادة النظر في قانون العقوبات على بعض الجرائم والجنح، فقد لفت انتباهي تركيز «بلطجي» الصويفية على اطلاق النار تحت ركبة المجني عليه، يبدو أن الطخيخ مهني، ويعرف القانون ويدرك بأن عقوبة طلقة تحت الركبة تختلف عن طلقة فوقها، ومن الواضح أن حادثة الاعتداء تمت بخطة مرسومة ومحسوبة بدقة، حتى أتعاب المصورين..بنحكي بعدين.

بما أننا نذكر القوانين؛ سأكتب اليوم عن خطة لتشجير الحارات، وصولا لبلد يتمتع ببيئة حيوية خضراء قابلة لحياة أفضل.
قبل عقود سمعت فرقة الفور إم « أصبحت عزت ابو عوف لاحقا»، تغني مقطعا غريبا (ازا حبيت تزرع مولوخية هاتلك عرقين وشوية ميّة...الخ ثم يجيب الكومبارس: إي والله حاجة هايلة..إي والله حاجة سهلة..ووظفت المقطع الساخر للتعليق على كثير من المواقف في الحياة الصعبة وقسوتها الباعثة على السخرية، سخرية نابعة من تخلف وضعف في التشريعات، والإتكاء على سياسات المناسبات والفزعة والحظ والقرعة..
لم تكن حارتنا القديمة خضراء، وكنا نعيش الإخضرار في الربيع باعتبارنا رعيان، وفي بداية الحصاد، ثم في المقاثي..كانت المقاثي واحات في صيف قاس، أما الحارة فكانت مميزة بشجرة تين كبيرة في حوش دار المرحوم أبو جليل، وشجرتا تفاح في حوش سالم ابن موسى وكانتا «وديعة ومرثا» تقدمان لنا كروة، هي حبة أو أكثر من ذلك التفاح حين تحملنا أمنا لهن شوية لبن مخيض، وفي دار المرحوم علي ابن عياد دالية تتحصن بسور كبير، لا يمكن سرقتها دون الولوج الى الحوش، ومثلها في دار المرحوم كسّاب، وثمة في رأس الشارع شجرة غريبة «زهرها شوكي بلون خمري، عرفت بعد سنوات بأنها شجرة خروع..
لكن بعد سنوات نبتت في حوشنا دالية، ثم شجرة مشمش، وقبل أن أهاجر الى عمان استطالتا قليلا شجرتا زيتون، زرعناهما على الرصيف خلف السور..ومضت بنا الأيام، نتنسم رطوبة صيفية جزيلة بالإنتعاش كلما زرنا القرية، وجلسنا نتسامر على إحدى بوابات بيوتنا..الشجر يفعل فعلته فينا، ويمددنا بمزيد من الإيجابية، ونصحو فجرا على تغريدات مختلفة لعصافير غدت من سكان الحارة..ما أطيب الربة وما أنقاها آنذاك!.
لماذا لا تقوم الدولة بإيجاد تشريعات واضحة تجاه اعتماد احترام وزراعة الشجر في المناطق العامة والأراضي المصنفة حرجية؟ كم زرعنا أشجارا ونحن طلاب لو نمت لأصبحنا نملك غابات كثيفة في تلك المناطق؟!.
قبل سنوات اعتمدت الجامعة الأردنية تعليمات، تلزم خريجيها بأن يشاركوا بنشاط تطوعي، يقوم الطالب فيه بزراعة شجرة واحدة، لكنها تراجعت عن الموضوع بعد عامين لأن أعداء الحياة كثر، وذلك رغم أن أشجار الجامعة الجميلة تشيخ وتهرم وتسقط أو يعتدى عليها ببشاعة!.
ثقافة احترام الشجرة مسألة إنسانية حضارية راقية، تتجسد فيها عمارة الأرض وجعلها أكثر جمالا وحيوية، ولن أتحدث عن ثروتنا الحرجية والاعتداء عليها، ولا عن التصحر الذي يتزايد بفعل قلّة الاهتمام أو الاعتداء على الأراضي الزراعية بالبناء وغيره، لكنني أتحدث عن تشريع بسيط، يلزم كل المؤسسات بزراعة الأشجار والمساهمة في زيادة الرقعة الخضراء، وقد تحدث أمس الأول وزير الزراعة ووزير البيئة المهندس ابراهيم الشحاحدة بل وجه الوزارة الى البحث في خطة، لقوننة ثقافة زراعة الشجر، وأورد مثالا عن الطريق الصحراوي: لماذا لا تقوم كل محافظة بتوجيه مؤسساتها العامة والخاصة لزراعة أطراف الطريق الصحراوي الذي يمر من واجهة كل محافظة؟!
الفكرة ممكنة وسهلة؛ وتخصيص بعض المساحات للمؤسسات التعليمية والعسكرية والشركات في كل محافظة، لتقوم بزراعتها زراعة مستديمة، تقع ضمن مسؤولية تلك المؤسسات في المستقبل، كأن يقوم كل طالب بزراعة شجرة منذ الصف الأول، ويرعاها ويتم توجيه نشاطاته المدرسية ولو مرة واحدة كل عام، لرعاية شجرته التي زرعها، والتي ستكون شاهقة حين يكمل دراسته الثانوية، وكذلك يفعل العسكري والموظف الحكومي وموظف الشركات الخاصة..المسألة ليست صعبة، وتصبح المشاكل الفنية الأخرى سهلة جدا ويمكن حلها..
هذه ثقافة غائبة لا يمكن تجذيرها بالفزعات والمناسبات، بل يجب أن تحميها تشريعات، وتصبح في صلب العمل الوطني المعزز للانتماء لهذه الأرض.
اترك أثرا جميلا في وطنك وبيتك، ولا أثر أفضل من زراعة الشجرة فهي رمز الحياة والأمل ومصنعهما.. أيها الأردنيون: ازرعوا شجرا ليتمكن أحفادكم من طبخ مناسف ع الحطب وذلك أضعف الانتماء لهذا البلد الطاهر.