Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Jan-2018

القطيعة بين حماس وتنظيم ولاية سيناء - حسن أبو هنية

 الراي - راوحت تاريخية العلاقة بين حركة حماس والجماعات السلفية الجهادية في غزة عموما وسيناء خصوصا بنسق معقد يتأرجح بين الاحتواء والتعاون والمواجهة والقطيعة، وقد شهدت العلاقة مزيدا من التعقيد بعد بروز تنظيم «داعش» في العراق وسوريا وتأسيس فرع له في مصر باسم «ولاية سيناء»، وشكلت العلاقة بين حماس ومصر أحد أهم محددات العلاقة، فحماس لم تحبذ يوما المجموعات الجهادية في سيناء وهي تتوجس خيفة من احتمالات التعاون بين الخلايا الموالية لتنظيم داعش في غزة وتنظيم ولاية سيناء، خشية منها للتهديد الذي يمثّله جهاديو غزة على الاستقرار في القطاع، ومنذ تدهور العلاقة بين حماس ومصر بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي تجنبت حماس الدخول في عداوة مع تنظيم ولاية سيناء وتعاونت بحذر شديد.

 
العلاقة المعقدة لحماس بجهاديي سيناء هدفت أساسا إلى الحيلولة دون قيام المجموعات السلفية الجهادية بتأجيج الاضطرابات داخل غزة ومحاولة ردعها عن استفزاز إسرائيل بعمليات غير محسوبة قد تؤدي إلى عمل إسرائيلي عدواني ضد القطاع، وفي سياق تدبير وإدارة العلاقة المعقدة بين حماس والجهادية من جهة وحماس ومصر من جهة أخرى عمدت حماس إلى اتخاذ جملة من الإجراءات والخطوات تهدف إلى قطع الطريق أمام قيام روابط وصلات متينة بين الجهاديين في غزة وسيناء، وفي ذات الوقت كانت حماس تسعى جاهدة لإنهاء عزلتها بتحسين علاقاتها مع مصر، ففي أوج تدهور العلاقة مع مصر والحملة القاسية ضد اقتصاد الأنفاق عمل الجناح العسكري في حركة حماس على نسج روابط بديلة مع المجموعات الجهادية في سيناء، وبحسب مصادر استخباراتية مصرية وإسرائيلية، تبيع كتائب القسام الأسلحة أو تؤمّن الأسلحة والتدريب لمقاتلين على صلة بتنظيم داعش بهدف ضمان أمن الممر عبر الأنفاق الذي يشكّل «شريان الحياة» بالنسبة إليها.
 
العلاقة المعقدة بين حماس وولاية سيناء حسب إهود يعاري أدت إلى التعاون بهدف تخفيف الضغط الذي تسببه التدابير العسكرية المصرية المتشددة لعزل غزة عن سيناء، وعلى الرغم من الخلاف الأيديولوجي العميق بين «حماس» و تنظيم «الدولة الإسلامية» والعداء التقليدي بين جماعة «الإخوان المسلمين» والسلفيين، تنظر «حماس» إلى تنظيم «داعش» في سيناء كشريك لها في منع القاهرة من إحكام قبضتها على شبه الجزيرة، وتتشارك الجماعتان العداء العميق تجاه الرئيس السيسي، لدرجة أنهما على استعداد حتى للتغاضي عن تصاعد التوترات مع الجماعات المؤيدة لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» في غزة والتي تعارض سياسة «حماس» المتمثلة في الحفاظ على التهدئة مع إسرائيل.
 
في القاهرة في 23 يناير 2017 ،ثم زيارة وفد من الأجهزة الأمنية التابعة لحماس مصر في 31 من الشهر نفسه، بدأت العلاقة بين حماس عقب تحسن العلاقة بين حماس ومصر التي بدأت بزيارة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس ولقائه بمسؤولين مصريين وولاية سيناء بالتوتر، وصلت بحلول 9 سبتمبر 2017 إلى مرحلة من القطيعة بعد زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية القاهرة على رأس وفد رفيع من الحركة داخل القطاع وخارجه، والتي أفضت إلى توقيع اتفاق المصالحة مع حركة فتح في 12 أكتوبر 2017 برعاية المخابرات المصرية.
 
في الوقت الذي كانت علاقة حماس تشهد تحولا ايجابيا وتعاونا مع مصر وحركة فتح كانت العلاقة تشهد تدهورا مع فرع ولاية سيناء التابع لتنظيم «داعش» أفضى إلى حالة من القطيعة والعداء السافر، حيث جاءت رسالة ولاية سيناء مخضبة بالدماء، حيث بث تنظيم «ولاية سيناء»، الموالي لتنظيم «داعش» في 3 يناير 2018 إصداراً مرئياً جديداً، بعنوان «ملة إبراهيم»، خصصه لمهاجمة حركة «حماس»، ودعوة أنصاره في قطاع غزة لضرب المقرات الأمنية والمحاكم التابعة للحكومة هناك، وأعلن التنظيم، في التسجيل، عن قتله أحد أفراده، بزعم معاونته «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية «حماس» بعد وصفه بالوقوع بمعاونة المشركين، ونعت حركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين بالكفر والردة، وقد ظهر في نهاية الإصدار مقطع فيديو يظهر فيه إعدام شاب يدعى «موسى أبو زماط»، بإطلاق النار على رأسه، على يد شاب آخر اسمه «محمد الدجني»، وبحسب الإصدار كلاهما كان يعمل في الجناح العسكري لحماس.
 
بعد يوم من إصدار ولاية سيناء احتفى العدد الجديد من صحيفة «النبأ» التايعة لتنظيم «داعش» بإصدار الولاية، وأكد على أن حركة حماس وقعت في الكفر والردة وخرجت من الإسلام من سبعة أوجه، وهي: الإيمان بالديمقراطبة، والتحاكم للتشريعات الطاغوتية، والمشاركة في كتابة التشريعات الكفرية في البرلمان، ومولاة الطواغيت والمرتدين في إيرن وغيرها، والتنسيق والاستعانة بالطواغيت لقتال ولاية سيناء وغيرها، وجحود وتعطيل أحكام الكتاب والسنة، وأخيرا أسلمة الرافضة وتصحيح دينهم والتقارب معهم.
 
إن حالة القطيعة بين حماس وولاية سيناء هي نتاج إختلاف إيديولوجي واستراتيجي عميق وقديم، فقد بدأت متاعب حركة حماس مع السلفية الجهادية مبكرا على خلفية قرار حركة حماس المشاركة في الانتخابات التشريعية التي نظمت في 25 يناير عام 2006 ،والتي أسفرت عن فوز صريح لحركة حماس على حساب الفصائل الفلسطينية التقليدية وفي مقدمتها حركة فتح، ولم تكن السلفية الجهادية تتمتع آنذاك بحضور لافت في قطاع غزة، إلا أنها برزت كردة فعل تجاه الإيديولوجية السياسية لحماس التي تجيز المشاركة في العملية الديمقراطية التعددية والانتخابات، وقد تنامت السلفية الجهادية عقب سيطرة حماس العسكرية على قطاع غزة بعد صراع مسلح مع حركة فتح في 14 يونيو 2007 ،والانفراد بالسلطة، حيث تنامت مشاعر الاحتجاج السلفي تجاه حماس بحجة تخليها عن منظومة «تطبيق الشريعة» التي تقع في صلب أهداف حماس كحركة تنتمي إلى فضاء «الإسلام السياسي» وممثله الأبرز «الإخوان المسلمون».
 
ازدادت متاعب حماس مع السلفية الجهادية عقب ظهور تنظيم الدولة الإسلامية وإعلان الخلافة في 29 يونيو 2014 ،وبعد أن سيطر على مساحات واسعة في العراق وسوريا، وانتشار ولاياته في دول عديد وخصوصا «ولاية سيناء»، وقد تنامت سردية الجماعات الجهادية في غزة وبدأت تتماهى مع إيديولوجية تنظيم الدولة الإسلامية فأحد أقدم الجماعات الجهادية في القطاع وهي «جيش الإسلام» بزعامة ممتاز دغمش أصدرت في 7 يوليو 2015 ،شريطا مصورا بعنوان «بل ملة إبراهيم»، أطلقت على زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي، وصف «خليفة المسلمين»، واعتبرت حكومة «حماس»، بأنها «طائفة ردة، وكفر»، بسبب «تحكيمها للقوانين الوضعية، وموالاتها للمشركين» والتزامها بالديمقراطية، وقد دخلت حماس في صدام مسلح مع جيش الإسلام بعد أن أطلق أحد منتسبي الجماعات الجهادية النار على شرطي من حماس، حيث تعاملت حماس بصورة حازمة مع جيش الإسلام في سبتمبر 2008 ،في عملية أسفرت عن مقتل أحد عشر شخصاً وجرح عشرات آخرين.
 
تطورت علاقة حماس مع الحركات الجهادية من الاحتواء إلى المواجهة بصورة متدرجة ودخلت مرة أخرى في صراع دموي مع جماعة «جند أنصار االله» بزعامة أبي النور المقدسي الدكتور عبد اللطيف موسى الذي أعلن عن قيام إمارة إسلامية في رفح تمت تصفيتها بقسوة في 4 أغسطس 2009 ،وأسفرت المواجهة عن مقتل أكثر من 20 شخصاً، وجرح أكثر من 100.
 
لم تقتصر المواجهة وتصعيد التهديدات بين «حماس» و»داعش» في داخل قطاع غزة بل امتدت إلى ساحات خارجية، فقد أصدر تنظيم «داعش» من سوريا شريطا مصورا في 30 يونيو 2015 ،يظهر فيه عدة أشخاص يهددون حركة حماس، حيث توعد خلاله التنظيم حركة حماس بقوله: «إلى طواغيت حماس بإذن االله سنفعل بكم في غزة كما فعلنا بكم في مخيم اليرموك، وستشهد غزة دماء وأشلاء..أنتم زبد زائل يذهب مع زحفنا وستحكم الشريعة في غزة رغما عنكم»، وكان تنظيم الدولة الإسلامية قد دخل في مواجهة مسلحة مع جماعة «أكناف بيت المقدس» المحسوبة على حماس في مخيم اليرموك أسفرت عن طرده من المخيم.
 
وعلى الرغم من وجود محموعات سلفية جهادية عديدة في غزة، إلا أنها لا تزال ضعيفة ومن أبرزها مجلس شورى المجاهدين الذي تأسس في 18يونيو 2012 ،وهو عبارة عن ائتلاف يضمّ العديد من التنظيمات الجهادية التي ظهرت منذ سيطرة حماس على غزة في العام 2007 ،ثم انتشرت في سيناء، ومن أهم مكوناتها: «جيش الإسلام» و»جيش الأمة» و»جماعة التوحيد والجهاد» و»جند أنصار االله»، وكانت قبل ذلك قد ظهرت جماعة «أنصار بيت المقدس» إلى العلن في 5 فبراير 2011 ،والتي أعلنت بيعتها لتنظيم الدولة في تشرين ثاني/ نوفمبر 2014 ،وباتت تطلق على نفسها «ولاية سيناء».
 
خلاصة القول أن علاقة حماس مع السلفية الجهادية دخلت مرحلة من القطيعة، ورغم تهديد ولاية سيناء باستهداف حماس، ودعوة أنصاره في قطاع غزة لضرب المقرات الأمنية والمحاكم التابعة للحكومة هناك، إلا أن ذلك لن يفضي إلى مواجهة كبيرة شاملة نظرا لاختلال موازين القوى واحكام حماس قبضتها على القطاع، لكن قد نشهد بعض الهجمات الانتقامية.