Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-May-2017

الخطوط الحمر على الحدود الشمالية - فيصل ملكاوي
 
الراي - خلال السنوات الماضية من عمر الازمة السورية التي دخلت في اذار الماضي عامها السابع وقفت القوات المسلحة الاردنية الباسلة على طول الحدود الاردنية السورية تدافع بكل قوة وبسالة عن خط الحدود الذي يزيد عن 370 كليومترا ، وكان هذا الجهد الجبار ، يغطي هذه الحدود الطويلة على الجانبين ، مع عدم وجود جيش نظامي على الجانب الاخر ، وفي ظل انفلات الازمة السورية وتحولها الى حرب اهلية طاحنة وتعدد اللاعبين على الساحة هناك وكل له اجنداته ويحاول بسط نفوذه باي وسيلة كانت فيما كان الارهاب يظهر ويستشري بكل اشكالة ومسمياته وصوره وجرائمه القذرة وسيطرته على جزء كبير من الاراضي السورية ومحاولته توسيع هذه الرقعة باكبر قدر كان.
 
وفي كل المناسبات ومنذ البداية دعا جلالة الملك عبدالله الثاني مرارا وتكرارا ، الى ان الحل السياسي هو الوصفة الوحيدة لحل الازمة ، وحذر من ان التاخر في ذلك سيكون له كل التبعات الخطيرة على حاضر ومستقبل سوريا وشعبها ومقدراتها والدولة كلها ، كما كان الصوت الاردني قويا بان بيئة الصراع في سوريا ستكون مرتعا للارهاب وشذاذ الافاق من كل مكان ، وهو ما كان وليس لرغبة اردنية ان يحدث مثل هذا السيناريو بل لأن الازمة تركت لتفلت من كل سيطرة ، مترافقا مع ذلك حالة في اشد حالاتها من الاستقطاب الاقليمي والدولي الذي شكل في النهاية علامة فشل كبيرة للدبلوماسية في بلد تحول الى كتلة من النار والدمار وشرد شعبه ونزف دمه وتحولت ارضه الى ساحة صراع مفتوحة وباجندات نفوذ وتدخل متصارعة بلا هوادة عبر الارهاب والميليشات الطائفية وحروب الوكالة والاصالة ايضا. لم ولن تكون الساحة السورية ساحة صراع بالنسبة للاردن ولا تصفية حسابات ولا تدخل بالمعنى الذي يحب ان يوحي به البعض ، فسوريا بلد شقيق ومجاور ، وعلى مرأى العين يرى المواطن الاردني شقيقه السوري على الجانب الاخر من الحدود ويسمع صوته ، وقد عاش الاردن كل تداعيات وتطورات الازمة السورية منذ يومها الاول حتى استقبل اكثر من مليون وثلاثمائة الف لاجئ ، قبل ان يوقف استقبال اللاجئين على وقع الجريمة الارهابية التي طالت كوكبة من الجيش العربي ،وهم يمدون يد العون الانسانية في منطقة الركبان ثم كانت قبل ذلك نداءات الاردن للعالم بمد يد العون للاردن واللاجئين تقع على اذان صماء من المجتمع الدولي الذي تجاهل الى حد بعيد ماساة القرن في الازمة السورية بكافة مفاصلها.
 
وبالطبع وبكل حزم فان من حق الاردن في ظل هذا الانفلات للازمة السورية ، وفشل المحاولة تلو الاخرى لحلها ، ان يبقى على اهبة الاستعداد والجاهزية الكاملة للدفاع عن حدوده وامنه وامن مواطنيه، وهذا قام به الاردن على مر السنوات الماضية ، ولم يتوقف للحظة ولن يتوقف ، وما اكده وزير الخارجية ايمن الصفدي في محادثته الهاتفية مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بان لا مكان للارهاب ولا لاي ميليشات مذهبية على الحدود الاردنية ، هي استراتيجية اردنية شديدة الوضوح والصواب ايضا. كما انه لا مجال للتهاون بهذا الشان الحيوي السيادي المطلق بالنسبة للاردن الذي تقوم القوات المسلحة الاردنية الباسلة والاجهزة الامنية بكل اقتدار ليس من اليوم انما على طول سنوات الازمة بتامين الحدود بل وعلى الجانبين ،كما ان التقارب الجغرافي الشديد بين جانبي الحدود لا يجعل هناك امكانية الا لممارسة اقصى درجات الحزم والقوة ضد كل من يمكن ان يفكر بالحاق الاذى بالاردن بل ان الموت والهلاك والدمار هو مصيره ان حاول ذلك ولن يقبل الاردن ان يكون جنوب سوريا الاقرب للحدود الاردنية بيئة رخوة ومنفلتة سواء للارهاب او الميليشيات او غيرها من عوامل التهديد وسيحرص على ان تكون هذه المنطقة خالية من اي تهديدات على الامن الوطني.
 
هذا البعد هو جزء حيوي من استراتيجية الاردن وموقفه السياسي لحل الازمة السورية الذي كان هو الاصدق والاكثر عملية بين مختلف الاطراف ، فاذا كانت الساحة السورية هي ساحة نفوذ وتدخل لاجندات اقليمية عبر مليشياتها الطائفية وبيئة باتت حاضنة للارهاب وكذلك ضحية لفشل الدبلوماسية الدولية وعلى حساب دم ابناء الشعب السوري ووحدة اراضي بلاده ومقدرات دولته فان سوريا بالنسبة للاردن بلد عربي شقيق ومجاور وحدة ترابه وشعبه ووقف نزيف الدم والدمار فيه تتطابق فيها الاجندة الاردنية مع اجندة اي مواطن سوري عادي يريد الخلاص من استباحة الدم والدمار والارهاب والميليشيات وتريد الملايين التي شردت كلاجئين خارج سوريا ونازحين ومهجرين داخلها الى العودة اليوم وقبل غد الى بلادهم بعيدا عن كل الشرور التي طاولتها في السنوات السبع العجاف الماضية. وبموازاة كل ذلك فان القوات المسلحة الاردنية–الجيش العربي والاجهزة الامنية المقتدرة ، ستبقى كما كانت دوما بالمرصاد لقطع ،كل يد آثمة يمكن ان تحاول ان تمتد بالاذى للاردن والحدود الشمالية مع سوريا خطوط حمراء ليس لاحد الاقتراب منها وليس لاي جهة خلق بيئة تهديد قريبة منها، الى حين عودة سوريا الى مفهوم الدولة والاستقرار وفق حل سياسي ثابت ودائم وشامل.