Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Apr-2017

ألآه بين اللّحم و.. العظم - م. باهر يعيش
 
الراي - كان فنانًا يملأ الخشبة,خشبة الحياة خشبة المسرح,كان من أهل الشاشة الصغيرة.لعب أدوارا كثيرة كوميديائيا في معظم أدواره.غاب لم نعد نراه طواه نسيان أهل العلم والأضواء وسحب البساط من تحت الأقدام.صفّقوا له شابًا..لحما و(يصفقونه) شيخًا...عظما.كان يجالس مقعدًا منزويًا في حديقةٍ بعد الغروب,بعد الأفول , يباسم نفسه بمرارةٍ ابتسامة خافتة يتلفّع بكوفيّة يخفى بها تقاطيع وجهه.
 
مررنا بقربه بضعة من رجالٍ يتريّضون سيرا على الأقدام في مضمار يتحدّثون في مواضيع كثيرة كانت مثيرة باتت مملّة وما أكثر مللًا وسرعةً من مواضيع الساعة في أواننا المقلوب في كلّ ثانية تقلب الساعة...ساعة.لم ينتبه إليه أحد.
 
شغل فكري تذكّرته وعدت تقدّمت مددت يدايَ أحتويت بها يده المعروقة كيمامة لم تعد تتذكر فنّ الطيران,أحنيت رأسي احترامًا, نظر أليّ:حفرت محاريث الدّنيا أثلامها تجاعيدًخطوطً عميقة ًفي وجهه،ثار وفار شعر حاجبيه شيطانيًا في كلّ أتّجاه.هو لا يكاد يُرى ولكنه حين بادرته بتحيّة الأكبار»مساء الخير فناننا الرائع»لمع ضوءٌ خافتٌ نَوّاسٌ وسط شحوب الغروب ,ضوءٌ من فتيلة مصباح بتروليّ عتيق وسط ظلمة حالكة لفّ بها نفسه لمع كبرٍق وسط ظلامٍ دامسٍ,خفّت انحناءة ظهره إستطالت قامته,إعتدل رأسه وأبتسم حقيقة ودهشة ويده ما زالت بين يديّ,شعرت برعشتها مزيج من أنفعال وربّما نشوة كاد أن ينسى طعمها , شعرت بالحنين بالتعاطف بالتأسّي بالغضب والغيظ أمن خشبة المسرح ومن شاشة التلفاز الى مقعدٍ منزوٍ؟! وسط ظلام لا يرحم في حديقة تكاد تخلو من مرتاديها.حتى لو طفحت بهم لن يشعروا به وهو يقينًا لن يأبه لهم.هو يتمنّى الخير للجميع لكن لن يعيرهم إهتمامًا ولا يرغب في ذلك.
 
أصبح يعاقر الوحدة والإنعزال يجترّ ذكريات أضواء كانت تشعّ وسط حلكة الحياة.هي لا تظلم أحدا بل من على وجهها ديدنهم طبعهم جبلّتهم يظلِمون و يُظلمون يبدعون في محو أدوار بعضهم وغصبها.ألحياة حيّزٌ زمنيٌ يفتح الآفاق للكل يبدأ دورك ثمّ ينتهي أو يُنهى منّا من يعيش بعده في فراغ كرفيقنا صاحب اليد المعروقة و السّجل الجميل بعد أن كان لا فراغ لديه.
 
أمسى لا يأبه بمن بقي أو بمن يمرّ كلّهم سيمرّون حتى من نسوه في وهنه سيمرّون كما مرّ فنّانا كان أم كاتبا، موسيقارا مهنيّا سياسيا.. نجما في سماء وقته,بل والأهم الأهم أن لا يكونوا بعض من جيناتهم في أجسادنا (آبائنا وأمّهاتنا) نكران فادح فاضح لأجمل الجمائل.
 
هي ليست دعوة الى تغليب أدوار الماضي والتّشبّث بها بل أنّ لشباب الحاضر والمستقبل أهمّ الأدوار لكلّ سنّ دوره وألّا فإنّ الحياة يجب أن تتوقّف عند سنّ الشّباب الخبرة والعراقة والتاريخ يحتّم التكريم والتبجيل والإستفادة من تجاربهم المحافظة على الكرامة لجيل أعطى أو ما زال قادرا على العطاء إن لم تفعل / تفعلي ستجد نفسك يومًا و... مهما بلغت من لمعان: منزويًا وحيدًا تجالس مقعدًا في حديقةٍ بعد الغروب،بعد الأفول تعاقر الذّكرى والألم,تتلفّع تتخفّى بكوفيّة في عتمة حالكة و سيمرّون بك لن يعرفوك... لن يأبهوا وستتألّم وتتسائل لماذا يا رعاكم الله لَم تأبهوا؟! الا تأبهون؟!متى تأبهون؟! لن يسمعوك و... سيمرّوا.
 
mbyaish@gmail.com