Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Sep-2017

الحروب الصغيرة أفضل! - سليم ايوب قونة
 
الراي - سيكون الثالث من ايلول 2017 احد الايام التي تغير فيها مسار التاريخ المعاصر ، فهو اليوم الذي اجرت فيه كوريا الشمالية تجربة ناجحة على قنبلة هيدروجينية تفوق قوتها قوة القنبلة الذرية بعشرة اضعاف.
 
لم تكن التجربة مفاجئة لأنه سبقتها تصريحات استفزازية متصاعدة متبادلة بين الولايات المتحدة وبين تلك الدولة الشيوعية التي تعيش عزلة سياسية واقتصادية منذ عشرات السنين ، مما وضع الولايات المتحدة وحلفاءها في مأزق عسكري وسياسي لن يكون من السهل الخروج منه في وقت قريب.
 
من وجهة نظر كوريا الشمالية جاء هذا التطور الاستراتيجي استكمالا لمشروعها القديم لتوحيد الكوريتين الذي تعطل قبل أكثر من ستة عقود بسبب اتفاق وقف اطلاق النار مع الولايات المتحدة الذي أنهى الحرب الكورية التي حصدت حوالي 5 ملايين ضحية بين قتيل وجريح خلال 3 سنوات فقط. اذ كانت تلك الحرب نتيجة حتمية لتوزيع غنائم الحرب العالمية الثانية بين المنتصرين ، ومنها تجزئة كوريا الى شمالية وجنوبية ، بعد استسلام اليابان التي كانت تحتل كوريا الموحدة.
 
تاريخيا لم يكن التواصل بين المجتمعات البشرية وخاصة المتجاورة جغرافيا يوما بهدف تبادل الافواج السياحية أو البعثات التجارية أو جاهات المصاهرة، بل كان الدافع الاول والاهم هو غريزة البقاء وشهوة الغزو.
 
في العصور اللاحقة وبعد انشاء معاهد الدراسات الدولية توصل المنظرون السياسيون الى وصف تلك العلاقات بالنزاعات الاقليمية وسمحوا لأطرافها بحلها بواسطة الاقتتال الثنائي أي خوض الحروب المحدودة زمانا ومكانا!
 
شذ المجتمع الدولي خلال القرن الماضي عن هذه القاعدة مرتين عندما وقع في فخ «الحرب العالمية « التي في كلتا المرتين خلقت مشاكل جديدة أكثر تعقيدا من تلك التي نشبت الحرب بسببها أصلا.
 
ومنذ نهاية الحرب الباردة وانهيار المعسكر الشيوعي ازدادت قناعة القوى الكبرى بجدوى الحروب الصغيرة المحدودة سواء في البلقان أو الشرق الاوسط وافريقيا وجنوب شرق اسيا وحتى على حدود الاتحاد الروسي في أوكرانيا والشيشان، وكأننا نشاهد مسلسلا مكررا يترجم بتصرف مقولة «لا يموت الراعي ولا يفنى الغنم»! أليس هذا بالضبط ما يحصل اليوم في ليبيا والعراق واليمن وسوريا وافغانستان وارجاء اخرى في العالم الثالث؟ أليس ما نراه اليوم هو تعطيل متعمد لمنهج الحوار السلمي وانتصار للغة القوة في ظل استمرار تدفق السلاح والمقاتلين من كل صوب؟
 
صحيح مثلا ان الحرب العالمية الثانية وضعت حدا للحركة النازية العنصرية، لكن نتائج تلك الحرب اليوم خير شاهد على فشل فكرة الحرب الكونية. فأزمة الشرق الاوسط التي بدأت مع قيام اسرائيل ما فتئت تتفاقم وتتعقد، وكذلك الازمة الكورية والحروب الثلاثة بين الهند والباكستان والحرب في نيجيريا والفوكلاند فيتنام وغيرها.
 
في كل هذه النزاعات كانت القوى العظمى هي المستفيد الاكبر بينما الشعوب المغلوبة على أمرها هي التي تدفع الثمن بدمها وعرقها واحلامها. ومع ذلك لا يغيب مندوبو الدول الكبرى عن أي اجتماع أو مبادرة للتوصل لحلول سلمية في هذه المناطق التي تمارس فيها الحروب الصغيرة المحدودة بجدارة وكفاءة عاليتين!
 
كل المعلومات عن الازمة الكورية اليوم مصدرها الولايات المتحدة وحليفتاها اليابان وكوريا الجنوبية. أما ما يتسرب من معلومات من داخل كوريا الشمالية فيأتي على شكل تعليقات مقتضبة ساخرة وصور شبه كاريكاتيرية تذكرنا بالأفلام المتحركة ومسلسل الخيال العلمي المعروف «بحرب النجوم» الأميركي المنشأ ايضا. الفرق ان هذه التسريبات الشحيحة هي التي ستجبر الجانب المقابل على اعادة النظر في جدوى «الحروب الصغيرة « خاصة في شبه الجزيرة الكورية!