Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Oct-2017

ماذا بعد الاستفتاء؟ - احمد ذيبان
 
الراي - تقزم العراق «العظيم» الى درجة صرنا نقرأ في الأخبار العاجلة.. «حكومة كردستان ترفض قرارات برلمان بغداد وحكومتها»، وليس البرلمان والحكومة العراقية، وفي ذلك استخفاف بكل التهديدات والتحذيرات والتصريحات، المتعلقة بتداعيات الاستفتاء على انفصال الاقليم!
 
ردود فعل الحكومة العراقية على استفتاء الانفصال نبرتها مرتفعة، لكنها في الواقع تبدو عاجزة عن التعاطي بحسم، مع أخطر عملية تقسيم لوحدة البلاد، والاكتفاء بإطلاق تصريحات عن مخالفة الدستور، والتهديد باتخاذ اجراءات لوجستية، مثل فرض حظر الرحلات الجوية الى مطارات الاقليم ، والتنسيق مع ايران بشأن السيطرة على المعابر الحدودية في الحدود الشمالية، وقيام رئيس الاركان بزيارات للتنسيق العسكري الى طهران وأنقرة، وإرسال قوات أمنية الى المناطق المتنازع عليها، ما يؤشر على أن المسألة ستنحصر ب»خلافات حدودية»!
 
كانت الانظار تتجه الى الدولتين الاقليميتين الكبيرتين «تركيا وايران»، وهما الأكثر تخوفا من نتائج الاستفتاء والانفصال المتوقع ،خشية انتقال العدوى الى المجتمعات الكردية داخل أراضيهما ،لكن اللافت ان ردود فعلهما تراجعت سخونتها ، فبعد أن وصلت مرحلة التهديد بالتدخل العسكري، أصبحت التصريحات الصادرة من أنقرة وطهران ، تتحدث عن «عدم شرعية وقانونية الاستفتاء من ناحية الدستور العراقي والقوانين الدولية « ، والتلويح بإغلاق المعابر الحدودية وفرض عقوبات اقتصادية ! بضمنها استهداف المسؤولين عن الاستفتاء دون استهداف المدنيين ! ووصف الدولة الكردية في حالة الانفصال بأنها ستكون «مصطنعة» لن تستطع ان تتنفس، كما قال رئيس وزراء تركيا علي يلدريم !
 
أما ردود الفعل الدولية وخاصة الدول الكبيرة النافذة فيمكن ملاحظة ما قاله الرئيس الروسي بوتين خلال لقائه نظيره التركي اردوغان في انقرة قبل أيام ، الذي أشار أن موقف بلاده أوضحته وزارة الخارجية ،التي قالت إنها «تحترم الكفاح الوطني للأكراد لكنها تؤيد سيادة ووحدة وسلامة أراضي العراق «! وفيما يتعلق بمواقف أميركا وأوروبا فهي ضبابية ، تؤكد ضرورة الحوار بين حكومتي كردستان و بغداد ! ويمكن قراءة ما بين سطور هذه التصريحات استعداد مبطن ، للاعتراف بالاستفتاء وما سينتج عنه ، دون أن يغيب عن الذهن أن من أولويات الاستراتيجية الاميركية والاسرائيلية ، إشغال منطقتنا بحروب وانقسامات متواصلة الى ما شاء الله، فهذه أكبر خدمة للكيان الصهيوني. وليس عبثا أن الولايات المتحدة ،تنفرد بتقديم الدعم العسكري والسياسي اللوجستي لأكراد سوريا ، الذين يسعون الى الانفصال أيضا !
 
ذلك يعني أن « الرصاصة الاولى» في مسيرة الانفصال أصابت هدفها، وتم امتصاص انفعالات وغضب دول الجوار، واذا كان الاستفتاء أصبح «ورقة تاريخية «بيد القيادة الكردية لابتزاز حكومة بغداد والضغط عليها ، لكنني أعتقد ان إعلان الانفصال فعلا ورسميا لن يتم خلال وقت قريب، رغم أن مؤسسات الدولة قائمة فعلا ، لكن سيتم التفاعل مع المعطيات السياسية والاقتصادية واللوجستة الى أن تنضج الظروف العملية.
 
بطبيعة الحال لن تتسامح تركيا وايران مع انفصال كردستان العراق، وربما لن تلجآ للتدخل العسكري ، لكن علاقتهما لن تكون طبيعية مع جار مزعج وسيبقى التوتر قائما ، وبخاصة في المجال الاقتصادي وعلى صعيد إغلاق الأجواء من والى الاقليم المتمرد! اما العرب فهم غارقون في حروبهم الأهلية وانقساماتهم، ولم يفكروا حتى الان كيف سيتعاملون مع تداعيات زلزال كردستان الخطير، الذي يصب مزيدا من الزيت على الحرائق المشتعلة في الجسد العربي !
 
ولان اسرائيل هي الدولة الاكثر حماسا وتأييدا لانفصال كردستان ، الذي يقدم لها خدمة استراتيجية ، فستكون معنية ومن خلفها واشنطن لتقديم كل أشكال الدعم العسكري والاقتصادي لانجاح الانفصال، وتعويض الحصار الذي سيواجهه الاقليم من دول الجوار ، وهو منطقة مغلقة ليس له منفذ على البحر ! ولان هذه فرصة ذهبية لاسرائيل ، فمن المتوقع أن تقيم قواعد عسكرية في الاقليم ، وطالما أن الاجواء التركية والايرانية ستكون مغلقة، فإن التواصل بين اسرائيل وكردستان سيكون محصورا في الرحلات الجوية ، وليس هناك أجواء مستباحة غير السموات العربية للقيام بهذه المهمة !
 
Theban100@gmail.com