Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-May-2017

صفقة دونالد - أورلي أزولاي

 

يديعوت احرنوت
 
الغد- لدونالد ترامب تفوق واضح على أسلافه في زيارته الى الشرق الاوسط. فهو بريء من الآراء المسبقة، غير ملزم بأحد، يحتقر تفاصيل، السوابق والمذكرات، يتبنى الرأي الذي يطلقه آخر من يهمس في اذنه، يغير القرارات بثبات، يلغي لقاءات ويدعو الى أخرى، يطلب كل شيء باختصار، بمستوى الشعار مما لا يمنعه بعد وقت قصير من ذلك من سرقة الاوراق وقلب الجرة رأسا على عقب. ما كان صحيحا أمس ليس له صلة اليوم.
لأسلافه في المنصب كانت معرفة معمقة: فكلينتون عرف كيف يرسم خريطة كل زقاق في القدس كي يحدد أين تبدأ وتنتهي السيادة الاسرائيلية في اتفاق مستقبلي. اوباما فهم عميقا المخاوف الاسرائيلية والتطلعات الفلسطينية. بوش هو الاخر كان يعرف عما يتحدث. كلهم فشلوا حين وصلوا الى اللغم المركزي الذي يسمى حدود 67.
يدير ترامب بيتا ابيض خرج عن نطاق السيطرة، يتدخل فيه الجنون والفوضى، ولكنه يقف منيعا حين يصل هذا الى الصفقة المثلى التي يريد ان يحققها بين اسرائيل والفلسطينيين. ولعله في المكان الذي تحطم فيه العارفون سيأتي الرجل الذي لا يعرف شيئا عن اي شيء، وبألاعيب رجل أعمال يكره الحجج اللجوجة والتباكي على الظلم سينجح بالقيام بعمل ما. غير أنه من أجل ان ينجح يحتاج لأن يخضع الجميع.
اليمين الاسرائيلي الذي فرح مع انتخابه، وحدده كمن سيكون الصديق الافضل لاسرائيل في اي يوم من الايام، والذي كان مقتنعا بأن تجميد البناء في المناطق سيلغى، والذي صرح بأن كباسات اوباما صدأت وان العلاقات بين البيت الابيض والقدس دخلت في شهر عسل، يقف الآن امام واقع مختلف. الرئيس الأميركي على الطريق، ولكن المسيح لا يأتي. يأتي رجل اعمال مخضرم، يحاول شطب اخفاقاته في الداخل حتى الآن من خلال تحقيق اتفاق تاريخي يسجل على اسمه.
على مدى السنين عملت إسرائيل على ان تسوق للعالم فكرة ان النزاع الاسرائيلي الفلسطيني ليس العائق امام المصالحة الاقليمية وليس المشكلة لانعدام الاستقرار في الشرق الاوسط. ترامب لا يشتري هذا النهج. وليس صدفة انه اختار السعودية كمحطة اولى في الزيارة، وهو مصمم على عمل كل شيء معاكس لاوباما: سلفه لم يتدبر أمره مع السعوديين، ترامب يريدهم كشركاء في صفقته للسلام وفي الصفقات بشكل عام.
في موضوع صفقة السلام التي يطبخها، أعلن ترامب انه يقبل اجزاء واسعة من المبادرة السعودية، بؤبؤ عين مضيفيه في الرياض. اراد منهم التزاما بأن يقيموا علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، السعوديون اوضحوا بانهم مستعدون لعمل ذلك، ولكن قبل كل شيء فلسطين، وفقط بعد ذلك سيرفعون الاعلام.
ترامب، الذي يتطلع لان يخلق بقيادته ائتلافا من الدول السنية لمواجهة ارهاب داعش، يريد ان يثبت في الرياض مكانته كزعيم العالم الحر. ولما لم تكن المشاعر هي التي تحركه، فان الضغط الذي سيمارسه على اسرائيل سيكون فظا مثله. والى جانب الأقاويل الممجوجة عن الحلف القوي والضمانة لأمن اسرائيل، سيطلب لجم البناء في المناطق (المحتلة 67) والمرونة تجاه الفلسطينيين، حتى قبل بدء المفاوضات. معقول ان يتنكر ايضا لوعده بنقل السفارة الأميركية الى القدس، وعلى الاقل ليس فورا. ليس صدفة ان أبعد الدبلوماسيون الأميركيون اول أمس موظفين اسرائيليين جاءوا ليعدوا معهم الزيارة في الحائط الغربي (البراق). ليس صدفة ان تملص مستشار الامن القومي ماكماستر من الرد على سؤال اذا كان الحائط الغربي هو جزء من اسرائيل. ليس صدفة انه لن يرافق ترامب الى الحائط الغربي اي زعيم اسرائيلي. صحيح أن شون سبايسر قال امس "الحائط الغربي هو احد الاماكن المقدسة للدين اليهودي وواضح انه في القدس"، ولكن هذا ليس القول الذي تمنوه في شارع بلفور. في البيت الابيض يريدون لنتنياهو ايضا ان يتصبب عرقا.
الصديق الاكبر سيصل الى المنطقة بينما ليس اي من اللاعبين في المسرحية الشرق اوسطية في جيبه، وهذا يخلق أملا في أنه ربما هكذا فقط، بضغط غير معتدل، على شفا الاكراه، يمكن ضرب رؤوس الاطراف الواحد بالآخر والقيام بما يبدو في هذه المرحلة كمسرح عبث: سلام شامل. ترامب يأتي الى حارتنا وهو لا يأتي لاحتلال القلوب بل لتحقيق انجاز كبير مثل رجل الاعمال المتحمس لقص الشريط. لعل هذا هو السبيل.