Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Aug-2017

الأردن لم يتغير إزاء سوريا..العالم هو الذي تغير ؟! - فيصل ملكاوي
 
الراي - ما قرره العالم بعد سبع سنوات من اندلاع الازمة السورية باعتماد الحل السياسي وترك الخيار العسكري لانه شكل حالة فشل لكافة الاطراف كان الاردن اعتمده لا بل نادى به منذ اليوم الاول للازمة وحذر في وقتها من ان اهمال هذا الخيار كحل وحيد للازمة من شانه ان يقود الامور الى اسوأ السيناريوهات وهو ما حدث بالفعل فانزلقت سوريا الى حرب اهلية وساحة للتدخلات والاستقطابات الاقليمية والدولية ومرتعا للارهاب وشذاذ الافاق من كل صوب وحدب.
 
وعندما يجدد الاردن موقفه ازاء الحل السياسي ويسعى له بكل قوة ومع كافة الاطراف في هذه المرحلة، فان الاردن لم يغير موقفه باي حال من الاحوال بل يحاول استثمار اي فرصة لاعتماد هذا الحل، واذا كان هناك من غير موقفه من الازمة السورية في هذه المرحلة وبعد سبع سنوات من مجريات الازمة فهو المجتمع الدولي وخصوصا القوى المؤثرة فيه سواء الولايات المتحدة او روسيا او الدول الاوروبية وهو الموقف الذي بالتاكيد ينعكس على القوى الاقليمية المختلفة وحتى اطياف المعارضة السورية المعتدلة المنخرطة اساسا في مساري استانا الامني وجنيف السياسي ولهما جولتان جديدتان على الاغلب في منتصف الشهر المقبل.
 
الاردن دولة جوار لسوريا ويرتبط معها بخط حدودي يتجاوز 370 كليومترا ، واستقبل اكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري منهم اليوم نحو مليون وثلاثمائة الف لاجئ على الارض الاردنية ، وقد تضرر الاردن كثيرا من تداعيات الازمة واكلاف الاستجابة لها ، وادى الوضع الامني داخل سوريا الى اغلاق معبري نصيب والرمثا الحدودين ، ما ادى الى اثار ونتائج سلبية كثيرة على الصادرات الاردنية التي لم تكن سوريا فقط هي وجهتها بل ومنها الى تركيا ولبنان واروبا ، اضافة الى توقف قطاع الشحن بشكل شبه تام خصوصا بعد اغلاق معبر طريبيل الحدودي منذ العام 2014 والذي يستعد الاردن والعراق خلال فترة قريبة لاعادة فتحه.
 
هذه الكلف المباشرة على الاردن على مدى سنوات الازمة السورية الى جانب مهمة الجيش والاجهزة الامنية التي قاما بها بكفاءة واقتدار خلال السنوات الماضية عبر اداء الواجب الانساني باستقبال اللاجئين ، وحماية الامن الوطني الاردني بل وتغطية هذه الحماية لجانبي الحدود ، لانه لم يكن على الطرف الاخر خلال السنوات الماضية جيش نظامي للدولة السورية ، بل مخاطر ارهابية وحالة فوضى عارمة وايضا خطر اقتراب مليشيات مذهبية من الحدود كان ولا زال الاردن يرفض قطعيا وجودها ، وقد امن ذلك بالنجاح في اقامة منطقة خفض التوتر في جنوب سوريا التي اعلن عنها في تموز الماضي وقبل ايام تم الاعلان عن اقامة مركز مراقبة سير الاوضاع في هذه المنطقة بالتزام روسي اميركي مباشر.
 
كل هذه الاعباء والمخاطر التي تحلمها الاردن خلال السنوات الماضية ، رافقها موقف اردني واضح وثابت ولم يتغير قيد انمله ، بل وقدمت الدبلوماسية الاردنية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني النصائح قبل التحذيرات من خطورة الاوضاع على الجميع ، وضرورة التقدم الى الحل السياسي ، وفي هذه المرحلة يجري العالم حالة تحول ازاء الازمة السورية فالولايات المتحدة وفرنسا والدول الاوروبية وبالطبع روسيا لم تعد اليوم تعتمد الخيار العسكري لحل الازمة السورية بل يمكن القول انه تم اسقاط هذا الخيار دوليا فكل هذه الدول تقول صراحة ان رحيل الاسد لم يعد شرطا وهي التي كانت تقول حتى الامس القريب ان هذا الرحيل شرط مسبق للحل في سوريا.
 
هذا التحول لا يعني فهمه ان سوريا ستعود الى ما كانت عليه قبل اذار 2011 فهذا بالتاكيد غير ممكن ، بل هو اقرب الى مهمة مستحيلة لان الواقع على الارض وحالة الدم والدمار والخراب الذي لحق بسوريا ، لاتسمح الا بالذهاب الى سوريا جديدة ، تعالج كل ما سبق وفق قواعد واسس ونظام سياسي يتشارك فيه كافة ابناء الشعب السوري ويعيد ملايين اللاجئين الى ديارهم للاسهام في الاعمار والعملية السياسية وبناء مستقبل سوريا في اطار دورها على الساحة العربية واعادة مكانتها في الاسرة الدولية.
 
وعندما يلفت الاردن على الدوام وفي هذه المرحلة بوجه الخصوص الى مفهوم ( الدولة السورية ) هذا يعني بالضرورة تجنت السيناريو الذي حصل بعد غزو العراق في العام 2003 وقيام الاحتلال الاميركي والبريطاني انذاك بحل مؤسسات الدولة العراقية بما فيها الجيش العراقي ، ما ادى الى انهيار البنى الرئيسية لحماية الدولة والشعب العراقي واحتاج العراق الى سنوات طويلة للتخلص من التداعيات الهائلة السياسية والامنية التي يتعافي منها هذه الايام وهو السيناريو الذي لا يريد الاردن ان يتكرر في سوريا خصوصا وان كافة الاطراف تعيد تموضعها هذه الايام خلف الحل السياسي المنتظر والذي سيتم اختباره بشكل محدد خلال شهري ايلول وتشرين الاول المقبلين.