Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Apr-2019

مكافحة الفقر: الحاجة لمقاربة جديدة* د. موسى شتيوي

 الغد-كان الأردن من أوائل الدول التي أجرت الدراسات على الفقر في نهاية الثمانينيات، والتي نُشرت نتائجها في بداية التسعينيات من القرن الماضي. تبِع ذلك تطوير استراتيجية لمكافحة الفقر في أواسط التسعينيات، ثم توالت الدراسات و الاستراتيجيات. وبالرغم من ذلك، فلم نستطع تغيير واقع الفقر في الأردن، وبقيت النسب تتراوح بين 14 % و18 % كنسبة فقر عام أو مطلق، مع تغيير خطوط الفقر بين فترة وأخرى. وبما أننا لا نعلم لماذا لم يتم إطلاق نتائج دراسة الفقر رسمياً حتى الآن، إلا أن الرقم لم يعد هو الأهم بهذه المعادلة بقدر أهمية السياسات الموجهة لمكافحة الفقر.

المهم، الإشارة الى حقيقة ثانية من الدراسات للفقر، وهي أن أغلبية الفقراء هم من العاملين، ولكن دخولهم متدنية. هذا لا يعني عدم وجود فئة غير عاملة ( متعطلة) من الفقراء، لكن أغلب من يعملون ويحاولون كسب رزقهم من خلال العمل، غير قادرين على الإفلات من فاقة الفقر، أو أنه إذا أفلت جزء منهم دخل غيرهم في براثن الفقر. وهذا يدل على أن هناك فئة من ذوي الدخل المتدني فوق خط الفقر معرضة للانزلاق لحالة الفقر في ظل ظروف محددة، كالأزمة الاقتصادية، أو نتيجة تحولات اقتصادية، أو لتباطؤ وضعف النمو الاقتصادي في الأردن.
أما في ما يختص بالسياسات الموجهة للحد من الفقر، فهي لم تتغير منذ بداية التسعينيات، وجلها ينصب باتجاه توفير الحماية للفقراء المُعدمين وغير العاملين، من خلال صندوق المعونة الوطنية، الذي ازدادت ميزانيته بشكل كبير منذ ذلك الحين، أو من خلال برامج الإقراض العديدة الموجهة للمتعطلين عن العمل بشكل عام، والفقراء بشكل خاص.
كلتا السياستين على أهميتهما، لا تستهدفان الفئة الأكبر من الفقراء، وهم الفقراء العاملون، ولا فئات ذوي الدخل المحدود فوق خط الفقر، وهذا أحد الأسباب الرئيسية في عدم قدرة هذه السياسات على إنجاز تقدم ملحوظ بمكافحة الفقر في الأردن.
بدايةً، إن غالبية العاملين من ذوي الدخول المحدودة يتركزون في القطاع الخاص، ورواتبهم متدنية، نتيجة لضعف هذا القطاع، وضعف النمو الاقتصادي، إضافةً الى الأزمات الاقتصاية التي تأثر بها الأردن. إذاً، على المدى البعيد، الحل يكمن في النمو والتنمية الاقتصادية. ولكن ذلك لن يكون كافياً، وباتت الحاجة لمقاربة جديدة للحد من هذه الظاهرة ؛ لأن زيادة النمو الاقتصادي في ظل السياسات الاقتصادية الحالية مسألة قد تطول، وغير مضمونة نتائجها.
المقاربة الجديدة يجب أن تبنى على واقع وخصائص الفقر والاحتياجات لدى الفقراء. وعليه، تمكينهم من سدّ احتياجاتهم، والخروج من براثن الفقر.وهذا يتطلب إعادة النظر بعلاقة السياسات الاقتصادية والمالية والاستثمارية، وأثرها على الفقر والفقراء، وكما يتطلب ذلك سياسات مدمجة متكاملة، تأخذ بالحسبان مجمل السياسات العامة، ومدى تحيزها للفقراء أو ضدهم.
لذلك، نحن بحاجة لإعادة توجيه السياسات الحالية، وهذا قد يتطلب إعادة النظر بكيفية وطريقة إعداد الموازنات لتأخذ بالحسبان توجيه برامج دعم بالصحة والتعليم والمواصلات، موجهة لذوي الدخل المحدود بشكل عام. إن الاعتماد على الدعم النقدي من خلال صندوق المعونة الوطنية بوصفه ذراعاً أساسية لمحاربة الفقر قد يكون بحاجة لإعادة نظر، لأنه لا يستهدف سوى فئات معينة من الفقراء كفئات اجتماعية وليس كل الفقراء، ولا سيما العاملون منهم.
المقاربة الجديدة للحد من الفقر، يجب أن ترتكز على سياسات اقتصادية تأخذ بالحسبان الفقراء من جانب، ومن جانب آخر تطوير برامج دعم لهم في مجالات الصحة والمواصلات والسكن، وغيرها من الحاجات، وذلك للمساعدة في توفير الظروف التي تمكن الفقراء من سد احتياجاتهم الأساسية، وتمكينهم من الخروج من دائرة الفقر.