Tuesday 19th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Jan-2018

باي باي لحل الدولتين، أهلا وسهلا بجحيم الضم - حيمي شليف

 

هآرتس
 
الغد- أتباع حل الدولتين سيشبهون قريبا "اتباع الموت"، كما تمت تسمية اتباع الحاخام نحمان من بارسلاف باستخفاف، الذين تمسكوا بزعيمهم الميت ورفضوا تعيين وريث له. عندما سيموت حل الدولتين نهائيا، فإن التمسك به سيتحول إلى ارث لاصحاب الايمان الطاهر والساذج فقط. كل الباقين من اليسار الجذري واليمين المعتدل، الآن في المراحل الخمسة للعزاء حسب نموذج كوبلر- روس: بعد الانكار والغضب ومحاولة المساومة مع الواقع، تأتي مرحلة الكآبة، وبعدها التسليم. 
في المقابل، في اليمين هناك سعادة وبهجة، خطاب محمود عباس، قال بنيامين نتنياهو، يبرهن على أننا كنا محقين. من خلال غضبه ويأسه فإن عباس عبر بشكل علني عن الرواية الفلسطينية المؤسسة، التي بشكل عام يحاول إخفاءها والتي لن يتنازل الفلسطينيون في أي يوم عنها، كما يعرف ذلك نتنياهو. ولكن بدلا من التركيز على حل براغماتي يمكنه في يوم ما أن يؤدي إلى المصالحة والتسليم مثلما حدث في كل مكان تم فيه حل نزاع عرقي طويل، فإن نتنياهو يطالب بأن يعترف الفلسطينيون في البداية بأنهم هم واجدادهم قد اخطأوا، وفقط بعد ذلك إسرائيل ستقرر أي فتات يمكن أن ترميه لهم. عبقريته تتجلى في أنه نجح في اقناع الرأي العام في إسرائيل، في اليمين، ولكن ليس فقط فيه، بأن ادعاءه الدعائي يجب أن يستخدم كاختبار اساسي ملزم للعملية السياسية كلها.
الاحتفال في اليمين هو احتفال مضاعف. زعماؤه مسرورون من اثبات مصداقيتهم التاريخية، ظاهريا، لكنهم مسرورون ليس بدرجة أقل من الضائقة التي يعاني منها اليسار الآخذ في الاحتضار. مع دونالد ترامب منفلت العقال في واشنطن ومع اوروبا والعالم العربي الذين اصبح الفلسطينيون بالنسبة لهم حاليا مثل قشرة الثوم، يمكنهم التقدم براحة نحو تصفية الاحتمال الاخير لتقسيم البلاد. الفلسطينيون سيكون عليهم الاختيار بين استمرار الاحتلال وحكم ذاتي كانتوني، ولكن مهما كان الامر فإن إسرائيل ستحكمهم إلى الأبد. 
باي باي لحلم اليقظة لحل الدولتين، وأهلا وسهلا بالقادمين إلى جحيم الاحتلال، حيث أنه في واقع النصر الايديولوجي الذي حققه اليمين ظاهريا فإنه يتجاهل التداعيات المحتملة وغير المتوقعة. معسكر السلام ربما يفقد الراية التي وحدته، لكن من الآن سيفقد اليمين القبة الحديدية التي كانت تحميه. أيضا اذا كان حل الدولتين هو وهم، مثلما يدعي نفتالي بينيت وامثاله، فإنه يوفر منذ عشرات السنين ستار الدخان الذي من خلفه تستطيع حكومة اليمين أن تسير دون أن تتقدم وهي تشعر بأنها تتقدم، وتستطيع أن تجذر الاحتلال دون تقديم حساب عن لذلك، ليس للرأي العام الإسرائيلي ولا لدول العالم. وقد فهم ذلك كل رؤساء الحكومات، من مناحيم بيغين فما فوق، لكن في عهد نتنياهو فإن الرغبة في الخروج محقين تفوقت منذ زمن على الحاجة إلى أن نكون عقلانيين.
ليس اليسار وحده الذي "سيضطر منذ الآن إلى مواجهة الخيار الوحيد الذي سيبقى، بين السيء والاسوأ، بين الابرتهايد الفعلي والدولة ثنائية القومية المحتملة، في غياب افق سياسي، فإن ثقة الرأي العام الإسرائيلي بقدرة اليمين على تحقيق سلام آمن ستفقد الحق في الوجود. أيضا على المستوى الدولي فإن امكانية تحققها هي التي وفرت حتى الآن الدرع الواقي الذي دافع عن الاحتلال والمستوطنات التي بنيت في ظله. 
إسرائيل اليمينية تتعرى اليوم تماما بفرح تظاهري، ولكن في اليوم الذي ستتوقف فيه النجوم الدولية عن الضحك لها ويسوء حظها، ستبقى مكشوفة دون حق ودون دفاع. إن اصدار شهادة الوفاة الرسمية لحل الدولتين سيخلق ازمة عميقة في اليسار، لكن على المدى البعيد ربما أن اليمين سيشتاق اليه أكثر.