الراي - أقر مجلس التعليم العالي في الآونة الأخيرة العديد من القرارات التصحيحية التي من شأنها تحسين مسار الجامعات في اتجاهات الحوكمة والشفافية والتميز المؤسسي وعلى رأسها تعليمات لاختيار رؤساء الجامعات الحكومية، وبعدها أوصى مجلس التعليم العالي بوضع أسس ومعايير او مؤشرات اداء رئيسية Key Performance Indicators لتقييم رؤساء الجامعات الرسمية كخطوة لاحقة لتطبيق معايير الاختيار.

 

وفي هذا المقام، يمكن القول ان هذه الخطوة جديرة بالاهتمام لا سيما في ظل التنافسية الشديدة التي تفرضها التغييرات الاقليمية وزيادة عدد الجامعات، وشح الموارد المالية، ومعايير الجودة والتميز، وتصنيف الجامعات التي تطالب الجامعة بمؤشرات ايجابية تتضمن زيادة رضى الطالب، وتحسين البيئة الجامعية، وزيادة الانتاج العلمي الاصيل لاعضاء الهيئة التدريسية، وزيادة وتنويع مصادر التمويل الذي تحصل عليه الجامعة لدعم مشاريعها البحثية او تلك ذات العلاقة بخدمة المجتمع.

 

وانطلاقا من اهداف الجامعة والمتمثلة في البحث العلمي، والتدريس وخدمة المجتمع، فهذه دعوة الى اللجنة المشكلة لوضع مؤشرات اداء لتقييم رئيس الجامعة ان تنطلق من تلك الاهداف وان يضاف لها معايير أخرى مثل قدرة رئيس الجامعة على جلب التمويل (والذي نحن بأمس الحاجة اليه خصوصا في ظل سياسة الحكومة نحو التمويل الذاتي للجامعات)، وقدرته على ادارة الشراكات الاستراتيجية والموارد الجامعية بهدف الاستثمار الأمثل لها، وقدرته على خلق بيئة تنافسية للجامعة، وقدرته على التخفيف من وطأة العنف الجامعي، بالاضافة الى خلق قيمة مضافة Added Value للطالب وعضو هيئة التدريس والمجتمع برمته، وتطبيق معايير التميز المؤسسي والجودة.

 

ولي ان اسوق مثالا على الجامعة التي درست فيها وهي جامعة Birmingham في المملكة المتحدة والتي تعد من الجامعات المتميزة والمصنفة من أول مئة جامعة في العالم، حيث كان يتقاضى رئيسها راتبا مقداره نصف مليون جنيه استرليني سنويا وهنا نتساءل لماذا هذا الرقم الفلكي الذي كان يُنتقد من قبل الاوساط الاكاديمية في المملكة المتحدة؟ لكن الاجابة عن هذا السؤال قد تكون بسيطة، فالسبب كان أن رئيسها يجلب تمويلا مقداره 200 مليون جنيه سنويا للجامعة! ناهيك عن المشاريع الاستراتيجية والشراكات مع الجامعات الأخرى والتبادل الثقافي وقدرة الجامعة على توظيف خريجيها والذي يعد من المؤشرات الأساسية في تصنيف الجامعات وصولا الى العالمية او النجومية.

 

وللإنصاف إن مؤشرات الأداء لتقييم رئيس الجامعة ليس وحده مطالب بها بل لا بد من توافر منظومة متكاملة تعينه على تحقيق رؤية الجامعة ورسالتها واهدافها الاستراتيجية وتطلعاتها المستقبلية متمنيا أن ترى مؤشرات الاداء الخاصة بتقييم رؤساء الجامعات الأردنية النور قريبا.

 

* أكاديمي - جامعة اليرموك