Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Sep-2017

تمهيداً لمقال.. عن كردستان! - د. زيد حمزة
 
الراي - نضع رؤوسنا في الرمال كلما جاء الحديث عن الاكراد.. نحبهم لأنهم ببساطة جزء منا وهم دائماً بين ظهرانينا، وحينما نفاخر بتاريخنا لا نتردد لحظة واحدة في الاشادة ببطلنا الكردي العظيم صلاح الدين محرر القدس من ايدي الصليبين، وعلى حين غرة ننسى كل ذلك عندما تأتينا الأنباء من العراق بأنهم يطالبون بحقوقهم في استعمال لغتهم والتمتع بتراثهم الثقافي لا بل نستنكره ويعده البعض منا خيانة ! لم نفعل ذلك منذ اسبوعين فقط بعد ان حددت حكومة اربيل موعداً للاستفتاء على استقلال اقليم كردستان بل منذ ثلاثة ارباع القرن كما تعي ذاكرتي على الاقل، ففي أوائل الصحف التي قرأتها في حياتي كان من اهم الاخبار(مدفعية الجيش العراقي تدك معاقل الثوار الاكراد في الشمال) !
 
وبعدها تراوحت في وعي الاجيال اللاحقة تهديداتٌ بلهجة جيوش الاحتلال تكررتْ في عهود حكومات نوري السعيد وغيره ضد ثورة مصطفى بارزاني لتتأرجح وراءها مشاعرنا طوراً مع وحدة التراب العراقي (العربي) وطوراً مع حق تقرير المصير لمواطنين يحبون تراثهم ويتشبثون بلغتهم الاصلية، ولا نعمى في نفس الوقت عن رؤية خيوط التآمر الاجنبي في صلب سياسة (فرق تسد) التي تبناها الاستعمار البريطاني المتغلغل آنذاك في دول المنطقة حول العراق وفي مقدمتها تركيا وايران بالتواطؤ مع الاستعمار الفرنسي في سوريا، وبعد ذلك ساورنا القلق ونحن نحاول جاهدين التعرف على حقيقة سياسة الحكومات الثورية التي استولت على السلطة في العراق تحت شعارات اليسار ثم القومية ، لكنا لم نر بارقة أمل واحدة في نظرة جدية جديدة الى المواطنين الاكراد في الشمال، تراعي ليس فقط مشاعرهم نحو قيمهم الثقافية المتمثلة في فنونهم وآدابهم بل والأهم من ذلك حقوقهم الانسانية البسيطة في العيش في موطنهم بحرية وكرامة.. كما أننا لم نلمس لدى تلك الحكومات العقائدية فهماً عقلانياً متطوراً لمعنى الوطن العراقي الذي يضم فسيفساء جميلة من التنوع العرقي والديني الذي يمكن ان يشكل مع الحرية والديمقراطية وطناً قوياً متماسكا يبنيه مواطنوه المتنوعون ويتعاون على قدم المساواة مع شعوب العالم المختلفة وأولها شعوب الجوار دون التوجس من تاريخٍ شابته في الماضي القريب والبعيد حروب طائفية ونزاعات حدودية ولّت وانقضت مع تعاقب الاجيال التي عانت منها، ودون الالتفات الى أصحاب المصالح الخاصة الخفيه الذين دأبوا على اثارة الذكريات المرة حتى تظل الاجواء متوترة مشحونة تصلح تماماً لحياكة مؤامراتهم ! لا بل استمرت الانظمة الحاكمة في بغداد المستكينة كغيرها لاتفاق سايكس بيكو الذي رسم حدود دولنا، تستخدم ورقة الاكراد لتثبيت نفوذها وفرض هيمنتها بحجة الدفاع عن ((عروبة)) العراق أو ((وحدة)) اراضيه فكانت تفرض الاحكام العرفية وقوانين الدفاع (!) لتسلب بها حريات المواطنين جميعاً وليس الكرد فقط وتنكل بهم وتقمع اشواقهم لحياة كريمة ، وفي نفس الوقت تبدد ثرواتهم الطبيعية وتسهل للشركات الاجنبية نهبها !
 
وفي موازاة ذلك كانت (عائلات) كردية كبيرة ذات سلطان ممتد حتى عهود الاقطاع تستغل مشاعر مواطنيها في الشمال وتبشرهم بان امانيهم لا تتحقق الا بالتخلص من سيطرة بغداد والاستقلال بهوية قومية اوهمتهم بأنها الكفيلة بأن ترفع رؤوسهم ! وكانت دول اجنبية تعرف منذ زمن مكامن البترول في العراق فتغذي هذه النزعة وتوفر لها الدعم المسلح حين يصل الخلاف حد الاشتباك الحربي، ولقد تدخلت مخابراتها لمساندة هذه العلائلات التقليدية ليس حبا في الشعب الكردي وتأييداً لاستقلاله بل خدمة لمصالحها في الاستيلاء على ثروات الاقليم، او لمآرب أخرى فاسرائيل مثلاً وهي الدولة المارقة المحتلة لاراضي الشعب الفلسطيني انتهزت الفرصة (وادّعت وصلاً بصلاح الدين) واصبحت مع الوقت والظروف المواتية أكثر الدول التصاقاً بكردستان وتعاملاً معها..
 
وبعد.. هل أجازف بطرح السؤال التالي على عقول القراء: لماذا دولٌ قوية ناجحة مثل سويسرا أو بلجيكا أو بريطانيا أو الهند تكتفي باسمها المجرد وتستطيع أن تٌظلَّ تحت راية واحدة كل مواطنيها من مختلف المنابت والاصول والاعراق والاديان ولا تفعل الشيء نفسه دول عربية تصر ان تضيف الى اسمها صفتها القومية متجاهلة انها متعددة القوميات ودون ان تحقق من ذلك هدفاً ايجابياً محدداً ما دام معروفا انها عضو في جامعة الدول العربية منذ اكثر من سبعين عاماً ! تماما كما تصر دول أخرى على أن تنص في دستورها على تحديد ديانتها بواحدة يشاركها فيها حول العالم على سبيل المثال إندونيسيون وماليزيون وسنغاليون وصينيون ! ويكون التشريع فيها مستمداً منها مع ان بين مواطنيها من يدينون باخرى ومع ان جزءًءا كبيراً من تشريعاتها المعمول بها منذ انشائها ذو اصول قانونية مختلفة نُقلت عن دول أخرى ولا علاقة لها بالدين ؟!