Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Oct-2020

التبليغ عن “المجرمين”.. تشاركية تحقق الأمان المجتمعي

 الغد-تغريد السعايدة

فرحة استقرت بالقلوب يملؤها الاطمئنان والراحة والأمان المجتمعي والثقة بأجهزة الدولة، ظهرت بعبارات تم تداولها ومشاهد تناقلت عبر الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر بعضا من حيثيات الحملة الكبيرة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية لإلقاء القبض على مرتكبي الجرائم وفارضي الإتاوات على المواطنين، والعابثين بالأمن، في الوقت الذي أصبح فيه المواطن جزءا من هذه الحملات بالتبليغ عن “الخارجين عن القانون”.
الجريمة “البشعة” التي هزت وجدان الشعب الأردني مؤخراً، “جريمة فتى الزرقاء”، كانت بمثابة جرس إنذار، إذ وضعت اليد على الجرح، ليطالب الشعب بكافة أطيافه بضرورة أن يكون هناك سطوة أمنية أكثر حزما على هذه الفئة من المجرمين، الذين يتسترون خلف ضعف المجني عليهم والمتضررين وخوفهم من الشكوى التي قد تضعهم تحت مطرقة الانتقام فيما بعد في حال خروج المجرم بعد فترة قصيرة.
بيد أن الجهات الأمنية كانت حازمة وبقوة في تعقب المجرمين والخارجين عن القانون الذين أمسوا يبثون الرعب في الأحياء السكنية، لما يقومون به من أعمال مخالفة للقانون، ليكون الإجراء الأمني المتبع حاليا، هو الأكثر أمانا للمواطنين، ويعطيهم الحق أن يكونوا شركاء في هذه الحملة الأمنية من خلال وجود رقم يمكن من خلاله التبيلغ عن المجرمين وبكل سرية وخصوصية.
المواطنون ومنذ الساعات الأولى للإعلان عن الحملة، تفاعلوا مع هذا الإجراء بشكل فوري، والذي ظهر من خلال دعم الفرق الأمنية “معنويا” من خلال إطلاق عدة عناوين و”هاشتاغ” لإيصال رسالة للأمن مفادها #مع_الأمن #مع_الوطن #مديرية_الأمن_العام #الأردن، حيث كانت تلك الدعوات كفيلة بأن تكون مساندا وداعما للجهات الأمنية لتلبية حاجة ملحة للمواطنين الذين يخشون وجود تلك الفئة فيما بينهم.
الراصد لمواقع التواصل الاجتماعي، يلمس مدى سعادة الغالبية العظمى بهذا الإجراء، إذ تقول نور، التي تسكن بالقرب من بعض الأحياء التي تم مداهمتها أمنيا أنها تفتخر كما ملايين المواطنين بهذه الحملة التي ستكون رادعة للآخرين ممن يتطاولون على حقوق الآخرين، وتتمنى أن تكون هذه الحملات دائمة وليس آنية، حتى تكون مؤثرة بالفعل وتعاقب كل من تسول له نفسه أن يؤذي الآخرين.
فيما يُقول وسام حسن، وهو شاب جامعي، ان رقم واتساب الذي وضعته مديرية الأمن العام للتواصل والتبليغ عن الخارجين عن القانون، فرصة يجب على الجميع ممن يشاهدون أو يتعرفون على اي أحد من هؤلاء المخالفين أن يبادر إلى الاتصال والإبلاغ عنهم، إذ يرى أن هذا الأمر أمسى واجبا على المواطنين كما هو على رجل الأمن.
ويؤكد وسام أنه من خلال تنقله في وسائل النقل العام يوميا، يرى الكثير من التجاوزات التي يمارسها بعض المخالفين، كما يتمنى أن يكون للشباب دور بارز في هذه المهمة وفي مساعدة رجال الأمن، الذين لا يتوانون عن التجاوب مع تلك الشكاوى، ولكنه يأمل ان تكون العقوبات التي يخضعون لها كفيلة أن تكون رادعة ومؤثرة وتحق الحق.
وكانت مديرية الأمن العام قد أعلنت قبل ايام قليلة عن تخصيص رقم خاص على خدمة واتساب 0790196196 للإبلاغ عن اي شكاوى او معلومات ترتبط بقضايا فرض الاتاوات واعمال البلطجة وترويع المواطنين، وتهيب المديرية بالمواطنين عدم التردد والابلاغ عن اي اشخاص يقومون بعمليات فرض الاتاوات والبلطجة، وسيتم التعامل مع كافة المعلومات الواردة بكل حزم وجدية وبسرية تامة، كما جاء في التصريح الاعلامي لمديرية الامن العام.
من جهته، فقد كان مدير الأمن العام اللواء الركن حسين محمد الحواتمة قد أكد في تصريح صحفي خلال تواجده في إحدى المواقع المستهدفة للحملات الأمنية أن هذه الإجراءات الأمنية التي بدأتها مديرية الأمن العام تهدف “الى القبض على البلطجية وفارضي الإتاوات، جاءت لحماية المواطنين الذين وقفوا مع الأمن العام في هذه الحملات”.
كما شدد الحواتمة على أن مديرية الأمن العام “ستضرب بيد من حديد هذه الفئة الخارجة عن القانون والتي تقوم بترويع المواطنين، وهذه الحملة ليست رد فعل على حدث معين وانما ستستمر بدون توقف، مجددا شكره للمواطنين على الدعم المعنوي الذي ابدوه من خلال تثمينهم لهذه الحملات، التي تهدف حمايتهم.
في ذات الوقت، أكد الحواتمة أن ما تقوم به الجهات الأمنية من حملات رادعة هي أمر أمني لا يتعارض مع حقوق الإنسان التي تعتبر محط وتقدير واهتمام القيادة الهاشمية، بل أن القبض على هذه الفئة هو للمحافظة على حقوق الانسان في العيش الآمن والكريم، كما أهاب الحواتمة بالمواطنين عدم التردد بالابلاغ عن أي ظاهرة من ظواهر البلطجة وفرض الاتاوات من خلال رقم واتساب المخصص للابلاغ، وسيتم التعامل معها بسرية تامة وحزم.
أخصائي علم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع يؤكد أهمية هذه الخطوة الأمنية المجتمعية، إذ تأتي في السياق الطبيعي لحماية المجتمعات من المخالفين فيها على الرغم من إجماع الكثيرين على أنها تأخرت تماماً”، غير أن ذلك لا يعني انها فقدت أهميتها بل هي محاولة جدية وصارمة لفرض القانون وتخليص الناس من هذه المجموعة من أصحاب ظاهرة البلطجة التي أمست تشكل خطراً على الأمن المجتمعي.
بيد أن جريبيع يوضح أن هذه الظاهرة “فارضي الإتاوات والبلطجة” موجودة في كل المجتمعات وكل الدول، ولكن تمددها وسطوتها تعتمد على مدى استخدام الدولة وفرض القانون وسيادته وتحقيق مفهوم الأمن المجتمعي. وما يميز هذه الخطوة التي تقوم بها الجهات الأمنية في الأردن ما هي إلا “فرض مفهوم الأمن المجتمعي وهو ما يحتاجه الجميع، خصوصا مع أجواء التوتر التي تسيطر على العالم، والأردن، جراء انتشار جائحة كورونا بكل تفاصيلها وآثارها الاقتصادية والأمنية والأسرية على حد سواء.
ويؤكد جريبيع في سياق حديثه أن ما يميز هذه الخطوة الأمنية أنها تساهم في إعادة بناء الثقة مجدداً في مفهوم الأمن وتحقيقه لسيادة القانون.
الخطوة الأبرز التي تظهر من خلال هذه الحملات، بحسب جريبيع، هو اتباع الأمن العام خطوات تشاركية مع المجتمع الاردني، من خلال توفير قناة اتصال فيما بينهم، والمتمثلة بوجود رقم هاتف “واتساب”، يستطيع الأفراد من خلاله التبليغ عن أي ظاهرة يمكن أن تزيد من نشر ظاهرة الخروج عن القانون، وكسر الرهبة من التبليغ، كون العزوف عن هذا الأمر كان واردا في الفترات الماضية، خوفا من ردود فعل الجاني فيما بعد.
“المجتمع الأردني بطبيعته مجتمع متماسك ويعرف بعضه بعضا وكل شخص مخالف للقانون قد يتعمد الاحتماء بجماعته وأقاربه ويقوم بفرض الإتاوت على الضعفاء، ومتيقن بأنهم لن يقوموا بالتبليغ عنه فيما بعد”، كما يصف جريبيع، ولكن بعد وجود حالات جرمية خطيرة وتأثير على حياة الناس وامتداد يد الأمن، قد يساهم في تلاشي هذا الاحتماء واندفاع الناس للتبليغ مهما كان الأمر أو درجة المعرفة والقرابة.
ووفق جريبيع، آن الآوان للحد من انتشار الجريمة المجتمعية، من خلال إجراءات واقعية وهذا فيه نوع من التشاركية والثقة التي تدفع المواطن للمساهمة في علمية “تنظيف البلد من هؤلاء البلطجية وهذا يعزز مبدأ التشاركية وجزءا من مفهوم الأمن المجتمعي ومن منظومة الأمن الوطني الكاملة”، على حد تعبير جريبيع.
أخصائي علم النفس التربوي الدكتور موسى مطارنة يتفق مع جريبيع بأن الحملة الأمنية جاءت في وقتها ومتطلب ضروري لإعادة ترسيخ مفهوم فرض هيبة الدولة والأمن على الخارجين عن القانون، والذي من شأنه أن يعيد الاستقرار النفسي للعائلات التي تضررت من هذه الفئة على مدار سنوات، كانت يد “البلطجة” فيها تتمتدد دون وجود قوانين كافية رادعة. ويؤكد مطارنه أن الممارسات الجرمية الأخيرة التي مورست على الناس من هذه الفئة، وبعض القصص المشابهة التي تم تداولها، بثت الرعب في قلوب الناس، وزاد من خوفهم على عائلاتهم وابنائهم، وكان لزاماً أن يكون هناك طريقة للحد من هذا الرعب عليهم، وعبر حملات أمنية مدعومة بوعي المجتمع ومساعدته للأمن الذي يكمن دوره في بث الأمان والاستقرار في البلد، وهو ما تقوم به الجهات الأمنية حالياً، بشكل مواز تماماً لحقوق الإنسان، فمعاقبة المخالفين هو بسبب مخالفتهم لحقوق الإنسان والمجتمع، وعليهم أن يتلقوا عقوبة على ذلك، ولبث الإحساس كذلك بأن الجميع سواسية ويطبق القانون عليهم ويحاسب المجرمين منهم ممن سلبوا حقوق الآخرين.
ويشير مطارنة إلى أن ما أظهرته ردود فعل الناس من حالة من الفرحة والتفاؤل والسعادة والمبادرة في مساعدة الجهات الأمنية، ما هو إلا دليل على حاجة المجتمع لهذه الحملة الأمنية، و”تنفيس” عن حالة السخط التي كان يعانيها الناس من تجاوز المجرمين على حقوقهم، ومدى تأثير ذلك على حياتهم الأسرية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية على حد سواء، وما حدث من ردود فعل سيؤدي حتما إلى الاستقرار النفسي الذي ينعكس على مختلف جوانب الحياة لديهم فيما بعد”، على حد تعبير مطارنة.