Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Jan-2018

حسابات القلب - عبدالهادي راجي المجالي

 الراي - في الصحافة , كنا نقول دوما: الصورة أحيانا أبلغ من ألف خبر..في السياسة الأمر متشابه نوعا ما فالصورة أبلغمن المواقف الرسمية والبيانات , واللقاءات..وكل الحديث الحكومي.

لم يكن مخططا أول أمس للنواب بأن يضعوا صورة جلالة الملك على صدورهم , ومكتوب تحتها خادم أولى
القبلتين وثالث الحرمين , بل جاءت كحركة عفوية من أحد النواب الذين اجتهدوا , وقاموا بطبع الصورة...مما
جعل الحكومة والنواب معا يعلقونها على صدورهم , وللعلم أخذت هذه الحركة مساحات واسعة من الإعلام
العالمي والمحلي بحيث أنها طغت على مناقشات الموازنة نفسها.
في العام (91 (خرجت الرأي بمانشيت عريض , حول خبر عن الملك الراحل وقد أطلقت عليه تسمية (الشريف الحسين بن طلال)..والملك
الراحل يحمل هذا اللقب فهو لم يمنح له , لأنه في حقيقة الأمر من سلالة الأشراف التي تمتد نسبا للنبي محمد..ولكن حين يمنح القائد
لقبا من الناس , يكون المشهد أبلغ بكثير من البروتوكول الرسمي..البعض فسر الأمر على أنها رسالة سياسية , ولا نريد استفزاز أحد
من خلالها..والبعض فسرها كجزء من الولاء , في النهاية من أرسل الرسالة هو مجلس النواب ممثل الشعب وليس وزارة الأوقاف أو
الداخلية...ومثلما نجيز للنائب أن يهاجم الحكومة ويصب جام غضبه عليها , يجيز التشريع له أيضا أن يحب ويعبر عن الولاء ذلك أن هذه
القيم لا تخضع لتشريع أو قانون..
لا يوجد في دستورنا شيء يسمى الحب , لأن الحب والولاء طبيعة بشرية..فأنت لا تستطيع أن تمنع مواطنا من تعليق صورة الملك في
منزله , ولا تستطيع أن تمنع طالبا في الثانوية العامة من طبع صورة جلالة الملك على قميصه , ولا تستطيع أن تمنع سائقا من إلصاق
صورة الملك على زجاج سيارته...الحب لا يحتاج لقانون..والشعوب حتى لو أرادت أن ترسل رسائلها فهي لا تخضع لضوابط أو قوانين.
مثلما نخاف على علاقتنا مع الأشقاء , على الأقل علينا أن نسأل أنفسنا هل يخاف الأشقاء على علاقاتنا معهم بحجم خوفنا...؟ علينا أن لا
نتحسس كثيرا من هذه الأمور وأن لا نقوم بحسابات تضعنا في دوائر الخوف...كيسنجر كان يقول: في الحب والحرب كل شيء
مباح...وأبلغ الرسائل السياسية تلك التي تكون قاعدتها الحب والإخلاص...والتي تكون شعبية , بعيدة عن المزاج الرسمي..
الحكومات في الغالب تجر النواب لقراراتها وسلوكها , أمس مجلس النواب بوضع الصورة هو من جر الحكومة والرئيس
لوجدانه...وبالتالي علينا أن ندرك أن حسابات القلب لا تقودها المصالح ولا المناكفات بل هي حسابات صادقة وحقيقية.