Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Aug-2019

مقتطف من (ديوان الغجر)

 الدستور-هاشم غرايبة

 أنا غني
أنا غني. الطريق صديقي ينقلني حيث أشاءُ، بلا هوية ولا إقامة
غني بزوجاتي الفاتنات، وعنزتي الحلوب، وكلبيَ اليقظ.
غني بأولادي المهرة، وبناتي الجميلات، وعشاقهن المجانين
أنا غني
غني بالطبل والمزمار وربابتي الشجية
غني بموقدي والحطب، وبقهوتي الفوّاحة والشاي المعطّر
***
مثلكم أنا، لدي أحزاني السَّرية وخيباتي الكثيرة، وأخطائي التي لا تغتفر.
في مرمى السهام أنا، لكنني أرحل دون إذنٍ من أحد، وأحط رحلي بلا استئذان من أحد، وأقرع طبلي لمجد أمنا الشمس وقتما أشاء.
 الشيخوخة
الرجال ابتعدوا مذ فقدت أسناني
النساء مشغولات بالمرايا
وأنا أخاف مرآتي
هي الشيخوخة مرض يهابه الغجر
ويخافه السلاطين
***
أيتها الشمس العظيمة
قولي لهن
كانت أمهر من نقرت دفّا
أرشق من تمايلت على الحبال
وأجرأ من لاعبت الأفاعي
(واي واي يا شمس أيامي
كنت براجة وبصارة
أفهم لغة الودع
وأقرأ خطوط الرمل
وأعرف سرّ السراب
كنت أرمي الودع
فألم حولي العاشقات والملهوفات
والتائهين
كان لساني ينقط عسلا وحنظلا
وكانت كلماتي ميسما حاميا للموهومين
ومرهما لمكلومين)
***
أيتها الشمس العالية
قولي لهم
كانت تغني كالكنار
فتشجي المحزون وتطرب الولهان
وكانت ترقص كوردة من نار.
1
 سوق الجمعة
في سوق الجمعة
عصافير بأثداء كبيرة
الكلاب مسروجة كالخيول
القط يتجول في سروال أخضر
والتيس يتيه فخورا بلحيته السوداء
الدجاجة مزينة باللآلئ
والديك يتباهى بطربوش أحمر
في سوق الجمعة
الليمون ليس أصفر ولا أخضر
البندورة زرقاء والخيار أحمر
الفلفل يتباهى بكل الألوان
في سوق الجمعة
ماكينة قهوة بلا محرك
دراجة لا مقعد لها
وإبريق مخزوق
بين الزبائن والرغبات
أزاحم باعة البسطات
وأمشي تائها بلا بضاعة ولا نقود.
 تفاحة واحدة تكفي
أندفع في شوارع المدينة الضيقة
أتعثر بالأواني البلاستيكية الرخيصة
صدى خطواتهم تقول إنهم خلفي
المباني العالية تحجب الشمس عني
مطاردة باللعنات أشقّ طريقي
في الساحة المزدحمة بالحافلات
أتسلل متلصصة بين نداءات الباعة:
تخسر ولا تبات البندورة..
جاي يا بو العيال جاي
أصوات خشنة مجروحة،
يتجاوب معها أصوات نزقة مبحوحة:
آخر راكب لصويلح..
آخر راكب للزرقا
يدي المرتجفة خطفت تفاحة لامعة،
وهربت
ركض ورائي: البائع، والسائق، والمتسكع
الطالب الجامعي، وبائع الترمس
ماسح الأحذية، وعامل البلدية
إسفلت الشارع يركض أيضا
وصلت خيمتي
أكلت تفاحتي، ونمت
2
 وليمة
حصلت على جلد عجل طازج
طويته مثل بساط تحت إبطي
وهربت
لحم طري وخشن
وأنا جائع وخائف
تحت الشجرة الكبيرة
جلست
أخرجت مديتي وكرفت الشعر عن الجلد الطري
مثل الإبر تبعثر شعر العجل الفتي
الذي كان فتيا
طريا وناعما صار اللحم
قطعته قطعا بحجم الكف
وقلت لزوجتي
أشعلي النار تحت القدر الكبيرة
وأولمي لجوع الغجر الكبير
عند الشجرة الكبيرة
تجمع الغجر
عزفوا وغنوا
والفتيات الرشيقات
رقصن
والنساء الخبيرات
جلبن مزيدا من الحطب
مزيدا من الملح والفلفل
مزيدا من الماء والخل
فاحت رائحة اللحم المطبوخ
فانتشى الكبار
وسال لعاب الأطفال
عندما بزغ القمر هلالا يتوكأ على التلال
وبح صوت الناي
وتبعثرت خطى الراقصات
زوجتي أضافت مزيدا من الخل والفلفل
وجلست أمام النار تبكي
بماذا تفكر زوجتي؟
ربما تفكر بولدنا الذي خرج ولم يعد
(أماه
عِمِي مساء وصحة  يا أماه
سيقوم ابنكِ بما عليه حتى النهاية
سأبحث عن التجار المتربصين
عن اللصوص المجهولين
سرقوا حبيبتي الجميلة
يا أماه
وأنا اتخذت الطريق الذي رسمه لي القدر
علىابنكِأن يقوم بما عليه
حتى النهاية)
لو يجيء ابننا فجأة
لانقلب الليل نهارا
ليس لي من فرح يا ولدي سواك
جوعي سرقه طائر الليل
وأنا حزين
صارت النار تخبو
والغجر الجوعى
يسألون النساء الخبيرات
متى سينضج الطعام
متى سيشبع الغجر.
* يصدر قريبا عن وزارة الثقافة