Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-May-2017

جماعة ال «كَتْ آندْ بيست»! اقطَع والْصِقْ.. - ناديا هاشم العالول
 
الراي - تعبيرات متعددة يستعملها الحاسوب -الكومبيوتر–تندرج تحت لغات عدة وإن كانت اللغة الإنجليزية ومظلتها هي الأكثر تداولا بما يتعلق بالمصطلحات التقنية المتداولَة.
 
فالغالبية تدرك أبعاد مصطلحات كُوبي: انسخ، وديليت: إحذف وكَتْ: اقطع، وبيست: ألصِقْ.. الخ مما يجعلنا نتساءل كيف كانت حياتنا قبيل اختراع تقنية اختصرت المسافات وشذّبت المساقات مختزلة الحركات؟
 
فهذه التسهيلات التي تتيحها التكنولوجيا تختصر الجهود التي تُصرَف عادة على تعقيدات عملية مخلّصة إيّانا من مطبّاتها، فاسحة لنا بذلك مجالات الإبداع والابتكار والتجديد والإختراع مما ينعكس إيجابا على كل عمل أصيل بعيد كل البعد عن التقليد والمحاكاة التي تعتبر أكثر العلل المتفشية بالعالم النامي وحتى غير النامي، ولكن بنسبة أقل بكثير بالعالم المتطور..
 
فنرى البعض عندنا يجيّر التكنولوجيا لتخدمه اكثر بمجال التقليد والإدعاء معطّلة عليه فرصة الولوج الى عوالم التحليل النقدي والابداع والابتكار، مجيرين تقنية- كت أند بيست – «اقطع والصق» لنقل كل ما يجوز او لا يجوز ونِسْبَتِهِ إليهم..
 
علما بان المسموح بنقله هو الآيات والأحاديث والحِكَم والأمثال والإحصائيات والمعادلات والآرقام والأقوال للاستشهاد بها اثناء تضمينها للبحث او القصة او المقالة، عبر امانة علمية وأدبية تؤطرها حقوق الملكية الفكرية ليخرج العمل حرا أصيلا، بعيدا كل البعد عن الزيف والتحايل على الحقيقة..
 
ولا أدري لماذا يصر البعض على نيل لقب لا يستحقه مثل كاتب او كاتبة وهو اصلا لا يملك الخامة الأساسية، خامة الموهبة التي بدورها تحتاج للصقل المستمرعبر عمل متواصل لا يكلّ ولا يهدأ، لتصبح براقة شفافة تستقبل وترسل..تأخذ وتعطي بتناغم إبداعي اصيل..
 
فمثلا عند قراءة المُنْتَج المنبثق كله عن «تقنية الكَتْ أنْد بيست «، يشعر القارئ الخبير بنفَس آخر غير نفْس الكاتب وغير روحه، كلها لا تمت بصلة للكاتب بخاصة إذا كان معروفا لديه، فبينما يخط بكتاباته الدرر إلا أنه حين يتكلم ويناقش ينكشف مستوى ضحالة افكاره التي لا تتناسب والعمل المنسوب إليه.. وكيف لا ؟ وهو الذي ترعرع على التلقين ونضج على «الكَت أند بيست».. ومع ذلك يصدّق نفسه واهما بانه وصل الى مرحلة عليا من الرقيّ والإبداع.
 
ناهيك عن أسلوب آخر أدهى من «كَت اند بيست» وهو كتابة مقاطع لغوية متقطعة لا صلة لها بالموضوع من قريب او بعيد، مختارا أسلوبا اشبه بالفن التجريدي والتكعيبي، متباهيا به متحايلا بذلك على ضعفه اللغوي والتحليلي وعدم قدرته على سبْك العمل الأدبي وغيره واجدا ضالّته بكلمات مبتورة وأشباه جَمَلِ مشبوهة بعبارات منقولة لا صلة بينها، لكنها تشكّل حصيلة زخمة بالنسبة للكاتب المعتمِد على النقل و «الكت اند بيست» وللقارئ الذي تنقصه الخبرة، فالخبرة تلتقط بسهولة ثغرات «إقطع والصق» وغيرها..
 
فيكتب احدهم بيت شعر: سقطت حبة تين فبكت سمكة!
 
اية عبثية كلامية هذه؟
 
وكما انه لا يحق لرسام ان يبدأ رسمه بالفن التكعيبي والتجريدي دون ان يمر بمراحل مسبقة من الفن الواقعي كرسم المناظر الطبيعية والبشر.. الخ؟ والا سيُعتبر انتاجه كومة « شخبط شخابيط وخربش خرابيش» لا تعكس محصلتها فنا او مضمونا..
 
فالفن التجريدي يعتمد في الأداء على أشكال ونماذج مجردة تنأى عن مشابهة الاشكال الطبيعية والواقعية... وكذلك الكتابة بما فيها الشعر، فلا بد من التدرج مثلا بكتابة الشعر العمودي اولا من وزن وقافية ثم الولوج بعالم الشعر الحديث الحرّالمتحلل منهما تماما، فنتساءل: تجدهم يصِلون اعلى المراتب العملية ومع ذلك يُقحمون أنفسهم بعالم الكتابة إقحاما، لا يهم كيف.. إنما المهم ان يرى اسمه ملصقا على مقالة او كتاب بعيد عن كل ما هو أصيل..
 
حتى بلغ الاستهتار ببعضهم الإستيلاء على كتاب بأكمله لآخر، نازعين عنه الغلاف الأصلي، مصممين غلافا آخر، باسم آخر، وعنوان آخر..
 
وبالنهاية يتباهون بإنتاجهم سواء اكان مقالة او ديوان شعر او بحث او رواية متباهين بانتاج يقوّض كل معايير الملكيه الفكرية..
 
ولا عجب ان غالبيتهم تحجم عن مناقشة أي موضوع علانية، ولا حتى الموضوع الذي تناولوه اصلا بكتاباتهم بسبب عجزهم عن هضمه ثم عرضه بكلماتهم الخاصة. وكيف لا وهم له سارقون؟
 
فالكاتب الأصلي الأصيل ابن الاصول يحفظ كتابه قلبا وقالبا مظهرا وجوهرا شكلا ومضمونا.. ويستطيع تلخيصه شفهيا وكتابيا بكل سلاسة لكونه قد عاش طويلا بين الأسطر يرسم الكلمات ويغربل بنات أفكاره ذات الأصل والفصل.. لتخرج على احسن وجه!
 
ترى ما هو شعوره وهو ينسب عملا ليس له سارقا إياه بوضح النهار فتارة يقطع ويلصق وتارة ينسخ ويلصق: حرفا وفاصلة وكلمة وجملة وسكونا؟
 
للاسف تراه يصدّق نفسه متوهما بقدراته!
 
ولهذا لا يسعنا إلا أن نقول بهذه العجالة: رحم الله امرءا عرِف قدر نفسه!
 
hashem.nadia@gmail.com