Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Nov-2017

بلفور وعد من لا يملك.. - رومان حداد

الراي - يصادف اليوم الثاني من شهر تشرين الثاني الذكرى المئوية لحدث تاريخي مهم، بل هو ما غير وجه المنطقة، هذا الحدث هو وعد بلفور، والذي كنا ندرسه في مدارسنا ونحفظ جملة تصفه لتؤكد لا شرعيته (هو وعد ممن لا يملك لمن لا يستحق)، هل يعرف أولادنا وعد بلفور، أم أنه حدث آخر سقط من الذاكرة الجمعية إلى غياهب النسيان. إن معركتنا اليوم هو استعادة الذاكرة قبل أن نحاول استعادة الأوطان، لأن التاريخ يثبت أن تفريغ الذاكرة أخطر بكثير من تفريغ الأرض، لأن من ينتصر في الأولى لا بد وأن ينتصر في الثانية.

 
أنا لا أصدق ما يقال أن الدول العربية، في حالة تأزيم مع الكيان الصهيوني، لأن جميع الدول العربية لم تعد قادرة على شحن عقول وقلوب شعبها تجاه القضية الفلسطينية، وبالتالي فإن القول أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للعرب أو القضية الأساسية في المنطقة وسبب ما تشهده من أزمات ليس إلا مجرد كلام سياسي، فمن يعتبر أن قضية ما هي قضيته المركزية لا ينسى أو يتناسى ذكرى وعد بلفور.
 
ما أستغربه أردنياً أن معركتنا مع الصهاينة وكيانهم المهترئ هي معركة وجود، فهم ما زالوا يشاغبون ويحولون نقل أزمتهم الداخلية وتصديرها شرقاً نحو الداخل الأردني عبر تصريحات سياسية أو مؤتمرات تقوم بها مراكز دراسات محسوبة على اليمين الإسرائيلي أو افتتاحيات صحفية أو سلوك عام، وذلك على أمل أن تحرقنا كرة نار من كراتهم المشتعلة، فهم لم يتعبوا من تكرار فكرة الوطن البديل أو النظام البديل، ولم يمنعوا بعض متشدديهم من القول أن الأردن كان من ضمن أرض الوعد البلفوري لأن الأردن جزء لا يتجزأ من أرض الميعاد، أي أرض إسرائيل الكبرى، وبالتالي فالأردن هو فلسطين، والحل هو أن تقوم الدولة الفلسطينية على الأرض الأردنية.
 
إن استمرار النهج الإسرائيلي في بناء المستوطنات، ومحاولة ضم مستوطنات في الضفة لأراضي إسرائيل أو ضم مستوطنات للقدس وخوض حروب التدمير دون هوادة، يفرض علينا مقاربة القضية الفلسطينية بفكر مختلف، فإذا كنا ندرك أنه لا مجال لنا لخوض حرب جديدة، فإن ما تفرضه إسرائيل علينا بقوة الأمر الواقع، كالمستوطنات مثلاً، يمكن مواجهتها بالعودة إلى حقائق نغذي الذاكرة والروح لتعيد اللعبة إلى حضننا، فإذا كان نتنياهو يستند إلى خرافة (أرض الميعاد)، ويقيم الدنيا ولا يقعدها، فلماذا لا نستند إلى حقيقة الموقف الدولي المناهض لحقوقنا، وحقيقة أن الأغلبية الساحقة من الشعب العربي التي مازالت تعتقد أن حيفا ويافا وعكا والناصرة وصفد وغيرها من المدن والقرى التي احتلت عام 1948 مازالت عربية فلسطينية؟
 
حين كنت في المدرسة، كانت مناهجنا تعلمنا بطولات الشعب الذي يستطيع تغيير وجه التاريخ، والقادر على الوقف في وجه المد العسكري أو الاحتلال، أتمنى أن تعود هذه المناهج ليدرسها أولادنا من جديد، وأن تصدح الإذاعات المدرسية بخطابات طالبية عن هذا الوعد المشؤوم، وأتمنى من إعلامنا العودة إلى مربعه القديم من القضية.
 
الأيدولوجيا لم تمت بعد، كما أحب كثير ممن يفضلون البراغماتية أن يشيعوا، فإذا ماتت الأيدولوجيا ماذا يفعل ليبرمان ونتنياهيو غربي النهر، وماذا يفعل الأيدولوجون في طهران، وماذا يفعل حسن نصراالله في لبنان، وماذا يفعل رجب طيب أردوغان في أنقرة، فإذا كان كل من يحيطون بنا ايدولوجيون ولهم مصالح أيدولوجية بالمنطقة، فلماذا لا نعيد الوهج مرة أخرى إلى مقولة (حيفا ما زالت عربية) و(فلسطين عربية من المية للمية) وكل العبارات والمقولات التي تؤكد أن فلسطين لنا، وحين أقول فلسطين فإني أقصد فلسطين التاريخية بشكلها الخنجري الجميل، وأن نهر الأردن الخالد لن يكون إلا شريان حياة للشقيقين (الأردني والفلسطيني)، فكم من أمة أو (لمة) جاءت أرضنا غازية ظنت أنها ستديم المقام، لكنها رحلت وظل هذا المكان شامخاً بأولاده وتاريخه، آن للجميع أن يصحو، لأن هذه الصحوة إن حصلت ستغير الواقع أكثر من ألف مستوطنة جديدة يومياً، نعم أنا ضد إسرائيل، وأعتبر يوم الثاني من شهر تشرين الثاني يوماً أسود ولا أحد يجرؤ على محاججتي أن القدس كلها (شرقيها وغربيها) ليست عربية، وأن يافا وحيفا وعكا وصفد والرملة والناصرة كلها عربية فلسطينية.