Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Jul-2017

محادثات سلام - نوحاما دويك

 

يديعوت أحرونوت
 
الغد- كلتاهما ولدتا هنا، كلتاهما تحبان هذه البلاد المتنازع عليها، كلتاهما مؤيدتان متحمستان للسلام، وهما الصديقتان الفضليان منذ خمسين سنة. واحدة هي رمز إسرائيلي لا شك فيه، روت ديّان. الاخرى هي الصحافية، الشاعرة والناشطة الفلسطينية ريموندا طويل، أم سهى عرفات. أرملة موشيه ديّان مقابل حماة ياسر عرفات.
تسكن روت في تل أبيب في شقة كل سنتمتر فيها مغطى بالمذكرات، بالصور والاغراض. ريموندا تسكن في مالطا، مع ابنتها سهى والحفيدة زهوة عرفات. والتقت هاتان المرأتان المؤثرتان مجددا، قبل نصف سنة في منزل ريموندا، وفي كل اسبوع تقريبا، في ايام الجمعة، تتحادثان عبر السكايب. عن الاولاد، الاحفاد، الادب، الافلام وكذا عن السلام وانكساره. 
تحدثت معهما بمناسبة صدور الكتاب "صداقة مستحيلة" كتبه أنطوني دافيد. نشر الكتاب بداية بالانجليزية قبل سنتين وترجم الآن إلى العبرية. وهو يوصف سنوات الصداقة بينهما ويعرض أيضا قصتي حياتيهما. 
بدأت صداقتهما قبل خمسين سنة بالضبط. ديّان التي كانت في حينه في تلك السنوات شخصية عامة ونشيطة جدا، جاءت لزيارة نابلس. وطلبت اللقاء مع مجموعة نساء كي تدفع إلى الامام الحوار والتعايش. اما ريموندا التي كانت في حينه صحافية شابة ورائدة، ابنة 27 فتقدمت اليها. "روت لي أن هناك مجموعة من عشرة اشخاص عالقين على جسر اللنبي ولا يسمحون لهم بالعبور. طلبت أن استخدم علاقاتي لمساعدتهم، وفعلت هذا. ومنذئذ ارتبطت روحانا الواحدة بالاخرى. تتحدثان عن كل شيء، وكذا عن الوضع. هي امرأة متعلمة، مفعمة بالحياة، حسناء، فيها شيء ما مشوق. والا ما كان لهذا ان يصمد كل هذا القدر من السنين. زرتها مرتين في مالطا، التقينا ايضا في الولايات المتحدة. وآمل ان تأتي لزيارتي في إسرائيل"، تقول ديّان. 
"أود جدا أن أزورها واحاول الوصول لرؤيتها"، تقول طويل ابنة الـ77 في مكالمة هاتفية من مالطا، مكالمة تتم بجملة مشوقة من اللغات العبرية، الانجليزية والعربية، إذ تقفز ريموندا من لغة إلى لغة. "نعم، أنا على علم أنها ابنة 100 والزمن لا يلعب في صالحنا. ولكن منذ وفاة ياسر عرفات، لا اشعر أن بودي أن آتي اليكم". طويل، التي ولدت في عكا، تشدد على انها تعرف العبرية، ولكن ليس لديها الكثير ممن تتحدث معهم بها. "مع روت أنا أتحدث الانجليزية بالذات. هذه من ناحيتها هذه لغة الام لدي". تقول. 
مع فتيل قصير
تغرق روت ديّان في أريكة الجلد العميقة خاصتها. وهي تقول بإحباط "كل اليوم أنا أرتاح. هذا يجنني. أنا، التي كل حياتي ركضت فقط، وكنت متزوجة من عملي في شركة الملابس "مشكيت". اليوم أنا اضطر لان ابقى معظم يومي في البيت. جسدي يخونني". وبالفعل، في سنة 100 خيانته مريرة مقارنة بالنقاء الباعث على الحسد لعقلها. تتذكر كل تفاصيل المعلومات التي مرت بها أو عليها. صحيح بالنسبة لـ 90 سنة إلى الوراء وصحيح بالنسبة لصباح امس. ونعم، تابعت عن كثب الانتخابات التمهيدية في حزب العمل بل واستضافت في بيتها بناء على طلب ابنتها ياعيل، المرشح عمير بيرتس. 
"قلت له اني لست عضوا في العمل، إذ اني على الاطلاق من مؤسسي ميرتس، ولكنه اعتقد بان كلمة مني هامة، وان رأيي لا يزال معتبرا"، تقول ديّان. اما الان فهي تسأل جملة أسئلة فضولية عن النجم الجديد في الحارة، آفي غباي. بالمقابل عن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لديها آراء واضحة: "أنا اعرفه جيدا دون أن أعرفه شخصيا، واتابعه. ليس لديه اي نية لصنع السلام، وخسارة. قبل وقت ما غضبت عليه حقا. التقينا في احتفال على شرف قادة الجيش الإسرائيلي في الماضي في الشمال ودعيت للاحتفال. صافحني وقال، لم اعرف ان موشيه قاتل في الشمال. كنت في صدمة. انت رئيس وزراء ولا تعرف هذا؟ تعلم على الأقل عن الاحتفال قبل أن تأتي اليه"، تقول والغضب واضح في عينيها. 
لديها فتيل قصير جدا. اذا لم تتفق معها فهي تتعصبن وتهاجم. وبعد لحظة من ذلك تهدأ وتعود إلى الوضع الطبيعي. "هكذا أنا منذ كنت صغيرة. عندما كنت ابنة ثمانية، في المدرسة في انجلترا، لاحظ المعلمون مزاجي ومنذئذ لم يتغير"، تقول وتضحك ضحكة مجلجلة تضيء عينيها الكستنائيتين وتهز شعرها الابيض.
في مالطا البعيدة أيضا، تبعث العاصفة الدائمة التي تسمى روت ديّان، الشوك والمحبة. "انا جد احب روت. هي جد انسانية، مثقفة"، تروي ريموندا. "في كل مرة تثور اعصابي على شيء ما يفعلونه في إسرائيل، اذا كان هذا موشيه ديّان او شارون، اصرخ عليها وهي تجيبني: "انا لست موشيه! أنا لست شارون!". 
الموضوع الذي يدفع ديّان لان تفقد سكينتها، اكثر من كل شيء آخر هو انعدام السلام مع الفلسطينيين. "أنا جد خائبة الأمل. كانت أزمنة، وغير بعيدة، كان سهلا جدا صنع السلام. ماذا تعتقدون، ان العرب يريدون ان يتعرضوا للقتل؟ ونحن، اليهود، نريد أن نموت؟ ثماني سنوات عملت في غزة مع "مشكيت" وشغلت هناك 300 امرأة. ما هذا إن لم يكن تعايش؟ ولكن هنا، كل شيء يمكن سحقه، يسحقونه. وأنا أرى امام ناظري وجوه الجنود الذين قتلوا وأسأل نفسي واسألكم، من اجل ماذا؟ من اجل من؟ كي يقول بنتنياهو انه انتصر في غزة؟".
وليس فيكِ قطرة انتقاد على الطرف الآخر، نحن فقط مذنبون؟
"دوما يوجد طرف آخر، ولكن نحن الأقوى، ونحن الذين يمكننا ان نفعل أكثر. المسؤولية ملقاة على كاهلنا". 
وهي تواصل اطلاق النار في كل صوب، ترش كلماتها بلا حساب، يمكن لمن أتم 100 سنة فقط ويفعل شيئا ما في إسرائيل وليس لديه ما يخسره، يمكنه القول: "ولدت في 1917. رأيت هنا كل شيء. عرفت الجميع. آمنت بالصهيونية التي أقامت الدولة. ليس بعد اليوم. انا لم اعد صهيونية". 
إذن من ناحيتك، يمكن لأحفادك وأبناء احفادك ان يسكنوا حيثما يروق لهم وليس هنا بالذات، في الدولة التي أقمتِ؟
"لم تعد هناك صهيونية، الدولة صغيرة جدا في حجمها، واذا واصلنا التصرف مع الفلسطينيين كما نتصرف، فسنضيع هباء. العالم سيصبح أكثر فأكثر لاساميا، ونحن لن نكون هنا بعد ذلك. من ناحيتي، فليسكن كل واحد اينما يشاء. الناس ليسوا اغبياء. هم يرون الاتجاه الذي تسير فيه الدولة، وكل شهر يغادر المئات. أنا، شخصيا، ما كنت لاسكن في اي مكان آخر في العالم، ولكني ابنة 100، هكذا فأنا لست نموذجا حقا".
والصداقة بينها وبين ريموندا أيضا ليست بالضبط قصة عادية. "التقينا في فترة لم يكن هذا أمرا مقبولا، ولم يعتبر عاديا أن تكون امرأة فلسطينية وامرأة إسرائيلية صديقتين"، تروي طويل، التي قصة حياتها استثنائية بحد ذاتها. "تربيت في إسرائيل، في عكا، وبعد ذلك في الاردن وفي نابلس واليوم بين مالطا وبين دبي، مع ابنتي سهى وحفيدتي زهوة، التي هي ابنة 21 وحسناء. ليس فقط حسناء، بالمناسبة. هذا الاسبوع انهت زهوة لقبا في الجامعة في مالطا. 
عندما أسلمت سهى، المسيحية ابنة الـ 27، وتزوجت في 1990 في الخفاء من ياسر عرفات الذي كان في حينه ابن 61، لم تخف ريموندا عدم رضاها. ولكن لما علمت بالامر بعد وقوعه، اضطرت لان تقف إلى جانب ابنتها وحفيدتها الصغيرة. وبعد وفاة عرفات، انتقلت للسكن مع ابنتها، كي تساعدها. "صحيح، لم احب هذا، ولكن هذا حقها وهي فعلت ما تعتقد أنه صحيح لها"، تقول. 
لماذا لا تأتي سهى وابنتها إلى رام الله حيث يوجد قبر عرفات، الزوج والأب؟ 
"هذا سؤال شخصي جدا. ولكن، نحن سنأتي حين ينتهي الاحتلال". 
برأيك هل يوجد حل للوضع الناشئ؟
"دولة واحدة هو امر غير واقعي. دولة فلسطينية في حدود 1947 غير واقعي ايضا. بقيت دولة فلسطينية في حدود 67. وهذا ما يطلبه العالم". 
ولكن، في النهاية، عرفات لم يوقع على الاتفاق. 
"يا حبيبتي خلص، هذه هي النكتة التي يرويها نتنياهو لكم. عرفات وافق على تلقي 22 في المئة من مساحة الدولة الفلسطينية التاريخية. اذا كان نتنياهو لا يعرف التاريخ فليتعلمه. قلبي يتألم لمقتل رابين. لو كان على قيد الحياة، لكانت منذ زمن بعيد دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وما كان قتل هذا العدد الكبير من الناس. ألم تملوا ان يقتل لكم الناس؟ ألم يسفك ما يكفي من الدماء؟ لماذا لا تريدون أن تعطونا قليلا من الارض. انظري. الجليل فارغ. النقب فارغ. فليذهب المستوطنون إلى هناك. وبشكل عام، يجب الاعتراف بحق اللاجئين للعودة إلى بلادهم". 
إلى أراضي دولة إسرائيل؟
"نعم. يجب الاعتراف بحقنا في العودة. يحتمل الا أريد أن اعود، ولكن فليكن لي الحق. كانت لي بطاقة هوية إسرائيلية، وقد سحبت مني حين سافرت إلى الأردن، حين كان لا يزال يعتبر دولة عدو. "كل حياتي قاتلت من أجل السلام هو لا يأتي".
هل تؤمنين بانه سيأتي؟
"وبالتأكيد وآمل أن قريبا. ولكنه لن يأتي طالما كان نتنياهو في الحكم. أنا اتابع السياسة الإسرائيلية، وأفهم أن هيرتسوغ لم يعد زعيم حزب العمل. خسارة، هو رجل طيب. قولي، هل روت في حالة جيدة؟ 
"أنا اشعر ببعض السوء. هذا العمر يثير الاعصاب"، تقول ديّان.