Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Sep-2017

...تلك العيون - عبدالهادي راجي المجالي
 
الراي - كنت مع صديقي أمس , في عمان الغربية ..في عبدون بالتحديد وقد جلسنا في مقهى جديد , على زاوية الشارع ..ومن جانبنا مرت مجموعات هائلة من النساء , واحدة مع كلبها الصغير ...وأخرى كانت تمشي , وثالثة مرت ربما مع صديقها ...ورابعة كانت تمشي بخفة , وتتحدث في الموبايل وسمعتها تقول :- ( بتئهرني كتير بس تحكي هيك) مع من كانت تتحدث ...؟ لا أعرف ...ومن هو الذي يقهرها ؟
 
ومرت أيضا صبية في مقتبل الحب أو مقتبل العمر , وكانت تلوك (العلكة) في فمها ومر عطرها من الشارع قبل أن تمر هي , صار العطر في بلادنا ...أشبه بحرس الرئيس الأميركي فهم يأتون قبل مجيء الرئيس, من أجل مسح المنطقة ..وعطرها جاء كي يمسح أنوفنا ..قبل مجيئها .
 
بعد ذلك انتقلنا إلى عمان الشرقية , فهناك يوجد أصدقاء لنا ينتظرونا من أجل منازلة كبرى في لعبة (الهند) , وجلسنا على زاوية شارع شعبي ..مرت النساء أيضا :- واحدة كانت تحمل في يدها (3) كيلو بندورة وأربع ربطات من الخبز ...وسيدة عبرت على عجل ..ومعها أطفالها الخمسة , ورطل سكر ..
 
سيدة أخرى كانت تصرخ على الهاتف وتقول :- (تهاني ..طلعي الجاج يمه هيني جايه) مرت أيضا صبية في أول العشرين من العمر , يبدو أنها مع خطيبها ..وهذا أول حب في العمر وأول رجل تمشي معه في الشارع علنا , والوجد والليل والتقاء الجسد بالجسد يحيطهما بمزيد من الشوق ..واللهفة , وكانت تتباهى بالحب ..من حق العشاق أن يتباهوا بعشقهم .
 
الأوطان وحدها التي تعرف من عيون النساء فقط , وأنا حين جلست في المقهى الشعبي الموجود في زوايا عمان الشرقية , عرفت وطني جيدا في العيون ..هناك الأمهات يعبرن من الشارع , دون تكلف في المشي ودون خجل من الفقر ..وقد تتمرد خصلة شعر وتخرج من طرف (المنديل) ....تلك ليست عورة ظهرت , وإنما تعب العمر وشقاء الأيام ...هناك العشق مباح لصبية , خطبت شابا منذ أسبوع ..ويحق لها أن تتباهي بهذا العشق الذي ما زال جنينا ...فالحب مثل الطفل الصغير حتى صرخاته تطرب كل من في الدار ...
 
هناك لا تشم عطرا , بل تشم رائحة الفلافل التي قدمت من مطعم مجاور , ورائحة القهوة التي تطحن ..في محل قريب منا , هناك تشم أيضا رائحة الوضوء , التي ظهرت من رجل تأخر عن صلاة العشاء ..فأسرع الخطى وكان الرضى مرافقه ..والتقوى كانت سلاحه .
 
في بلادي – حماها الله – ليست هي الجغرافيا وحدها من تختلف عن بعضها , وليست عمان الشرقية تشبه عمان الغربية , والجنوب لايشبه (دير غبار) ومعان لا تشبه أبدا (دابوق) بل عيون النساء تختلف أيضا ..
 
وأنا كل يوم اذهب لذاك المقهى الشعبي في عمان الشرقية , لأني أجد نفسي في تلك العيون ...