Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Sep-2017

«جنرال» بلا جنود.. و«زعيم» بلا جمهور - محمد خروب
 
الراي - في خِضم حال الإنهيار التي اصيبت به الجماعات الإرهابية المسلحة التي أُوكَل اليها المُشغّلون مهمة إسقاط الدولة السورية وأَخذ المنطقة، دولها والشعوب، الى الفوضى والإقتتال الطائفي والمذهبي وتدمير الجيوش الوطنية وإشعال الحرائق في المجتمعات العربية على نحو يُهدِّد كل ما بني من عمران واجتماع وسياسة وفنون وثقافة (رغم تواضع معظمها، وفشل الانظِمة في الإجابة على اسئلة الحرية والمواطنة وحرية التعبير والاعلام).
 
في خِضم ذلك كله.. تبدو المعارضات السورية على اختلاف «اجناسها» وتبعيتها وارتهاناتها الاقليمية والدولية، في تيه كبير وتخبُّط عميم وانعدام القدرة على قراءة مُغايِرة وواقعية للمتغيرات والتحوّلات العاصفة، التي حدثت على وفي مسار الازمة السورية ميدانيا، ناهيك عن الاستدارات المُتلاحِقة التي قامت وتقوم بها دول عديدة، انخرط معظمها في الحرب على سوريا وبخاصة من الدول الإقليمية، ما جاوَرَ سوريا منها وما كان بعيداً جغرافِيّاً، الاّ ان اياديه واجهزته وما يتوفر عليه من ارصدة مالية كانت في خدمة الهدف الشرِّير، المتمثل في تدمير سوريا الوطن والموقِع الجيوسياسي والحضور والمكانة، فضلاً عن تشتيت الشعب السوري وتحويله الى مجاميع من المُهجّرين واللاجئين والتائهين.
 
يبرز في المشهد الاخير من الازمة السورية، اولئك السذّج او المُغرر بهم او الذين تم استئجارهم كما تُستأجر العِصابات وجيوش المرتزقة، وبخاصة من الذين يحملون «جنسية» البلد المُراد تدميره وتحويله الى دولة فاشلة. يبرز «إثنان»... احدهما تم ازالة بعض الغبار الذي علاه، بعد المجد الذي كان حصده عندما تم «تعميده» كأول رائد فضاء سوري، صعد الفضاء الكوني ضمن برنامج الفضاء السوفياتي في تموز 1987 وهو اللواء محمد فارس الذي انضمّ (....) الى «الثورة» السورية في الرابع من آب 2012، اما الثاني فهو الذي راهن عليه كثيرون، والواقع انهم راهنوا على «عُلّو»منصِبه وليس على شخصه، كونه شخصية مجهولة ولم يكن سوى «موظف» ارتقى في غفلة من الزمن ليصبح رئيساً للوزراء، في بلد بدأت تعصف به التدخلات الاجنبية وبات مسرحاً لأقذر الحروب التي أُريد من خلالها تحويل «سوريا» الى نموذج «حيّ» للفوضى الخلاّقة، التي بشّر بها المحافظون الجُدد في اميركا، فأصدروا «أمر العمليات» لِأتباعهم وعملائهم في المنطقة من العرب والاتراك، كي يعيثوا في سوريا فسادا وخرابا ولا يدّخروا جهدا من اجل تدمير جيشها والإجهاز على عديده وعتاده، حتى يتم إراحة اسرائيل على نحو نهائي، وتكون حدودها آمنة كي تنهض بمهمة قيادة المنطقة وكتابة جدول اعمالها، والتدشين الرسمي للعصر الصهيوني الجديد.. والمقصود هنا هو رياض حجاب، الذي ظن كثيرون ان نجاحهم في تهريبه والإعلان «الصاعق» عن انشقاقه بما يمثله كـ»رئيس للوزراء» سيكون «الضربة» الأخيرة او ما قبلَها، التي ستطيح النظام وتطوي صفحته وتؤسس لسوريا جديدة، تهيمن عليها الفوضى وتتحكّم العصابات المسلحة بها، وتقوم على مساحتها كانتونات طائفية ومذهبية وتنشأ على سواحلها وبالقرب من عاصمتَيّها «السياسية وتلك الإقتصادية» القواعد العسكرية الاطلسية منها وغير الاطلسية، ممن يرطن بعض خَدَمِها بالعربية.
 
لم تُسفِر مسرحية «تهريب» رياض حجاب عن شيء، سوى ان الرجل تحوّل الى حصان خاسر، ما لبث المراهنون عليه ان نبذوه، ثم وَجَدَ من ينتدبه لمهمة اخرى، فأجلسوه على رأس الهيئة العليا للمفاوضات «مُنسِّقاً» عن الهيئة، التي استولدوها من ائتلاف فاشل قام على جثة مجلس اسطنبول، لكنه أبقى على تمثيل محدود لأيتامه، وتحولت الهيئة الى «عنوان» لِأيتام الثورة ومرتزقتها حتى انتهت صلاحيتهم، فراحوا يتناسلون تِباعاً بحثاً عن مُشَغِلٍ آخر لكنهم فشِلوا، وها هم يجترون خطابهم الذي تجاوزته الميادين ولكن هذه المرة من اسطنبول، التي عادوا اليها ليرفعوا «لاءات» عديدة تعكس حجم وعمق الهزيمة التي لُحقت بهم، منها «ان لا دور للأسد في راهن سوريا ومستقبلها» و»لا للإحتلالين.. الروسي والايراني لسوريا»... و»لا تقسيم للبلاد تحت اي ذريعة».
 
قد تكون الـ»لا» الأخيرة تغطية لمدى مراهقتِهم السياسية التي عكستها جملة «اللاءات» التي تشي بان آل بوربون «الجدد «قد باتوا في سوريا الآن، حيث «لم ينسوا شيئاً ولم يتعلموا شيئا».. تماما مثل «الجنرال» الذي وقع عليه الاختيار بعد طول تجاهل، كي يكون وزيرا للدفاع (يا للهول) في الحكومة «المؤقتة» التي شكّلها الرعاة ذات يوم، وتجاهلوا وجودها الذي لم يُترجَم للحظة واحدة على ارض الواقع، لكثرة من تمَ وضعه على رأسها، الى ان انتهت الان بشخصية مغمورة اسمها «جواد ابو حطب»، وقَعَ «توافقها» على تكليف اللواء محمد فارس (اول رائد فضاء سوري) بمهام وزير الدفاع، ثم اعادوا اللواء سليم ادريس الى الاضواء من جديد.. رئيساً للاركان اضافة للعقيد فضل الحجي بمهام نائب رئيس الاركان «الأول»..
 
هؤلاء في الحكومة المؤقتة وعسكرهم رفيعو الرتب ذاهبون الى «الحجِ» والناس راجعة، كما يقول المثل الشامي المعروف، فيما يُوهِم رياض حجاب نفسه بانه بِرفع سقف «لاءاته» انما يعبر عن انسجامه مع «قناعاته» لكنهم كلهم في واقع الحال، يريدون لفت انظار الرعاة والممولين والمُشغّلين إلى ان دورهم لم ينته بعد، وان بمقدورهم مواصلة «الصرْف» عليهم حتى يجدوا لأنفسهم مكاناً للجوء السياسي ودولة «ما» تتعهد بعدم اغلاق حدودها في وجوههم.. بعد ان اكتشف الجميع انهم مجرد جنرالات بلا جيوش أو جنود، وزعامات مُجوّفة.. بلا جمهور.
 
kharroub@jpf.com.jo