Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Mar-2015

هيبة المعلم أم "فَلّة حكم"/ محمد ابو رمان



الغد-يؤكد الناطق باسم وزارة التربية والتعليم وليد الجلاّد، أنه لم تصدر قرارات جديدة أو تعميمات مركزية عن الوزارة. ووفقاً للجلاد، فإنّ ما حدث هو أنّ اجتماعاً عُقد للجنة التخطيط الموسع في الوزارة، جرى فيه عصف فكري حول التغذية الراجعة من مراقبة أوضاع المدارس في المحافظات المختلفة. وتم التشديد في ذاك الاجتماع على ضرورة التقيّد بالتشريعات والتعليمات، بسبب ملاحظات نقدية عديدة من جولات المتابعة الأخيرة، لكن من دون إعطاء تعليمات محددة من الوزير أو إصدار تعميمات جديدة.
ما حصل بعد ذلك أنّ مديرين من مدراء التربية الذين حضروا الاجتماع (من قرابة 40 آخرين)، قاموا بإصدار تعميمات على مديرياتهم، تتضمن تعليمات تستند إلى الاجتهاد في تطبيق التشريعات، أو تجنب المخالفات التي تم التطرق إليها في اجتماع لجنة التخطيط. وما ورد في تلك التعميمات هو ما أثار الجدل والنقاش الواسع، وردودا غاضبة من بعض أوساط المعلّمين ونقابتهم.
سمعنا احتجاجاً من المعلمين ومن أوساط نقابية على تسليم المعلّم لهاتفه المحمول لمدير المدرسة أو مساعده في بداية الدوام، وعلى رفض التطرق لهندام المعلّم، وعلى إعفاء المديرين والمعلمين من المدارس التي لم ينجح من طلبتها أحد من التصحيح والمراقبة في امتحانات الثانوية العامة.
إذن، ليس هناك قرار مركزي، بل هي اجتهادات من مديري تربية وتعليم، لمحاولة التقيّد بالتشريعات الضابطة. وما أخبرني به الناطق الرسمي هو أنّ الوزير لم يوقع بعد أصلاً على محضر الاجتماع، وأنّ الوزارة لا تطالب المعلمين بتسليم هواتفهم إلى المدير أو مساعده؛ فالمقصود بهذا الحديث هم الطلبة، لكن في الحدّ الأدنى الالتزام بالتعليمات بعدم استخدام المعلمين هواتفهم داخل الحصّة الصفيّة.
المفارقة أنّني كنت أستمع أمس لبرنامج إذاعي صباحي، للزميل عمر عياصرة، عن الموضوع المطروح. وكان هناك شد وجذب كبير بين الأهالي أنفسهم وبعض أوساط المعلمين حول هذه القرارات. وتحدث بعض المتداخلين عن قصص مزعجة جداً ومحزنة عن استخدام الهواتف داخل الصف بصورة فوضوية، من قبل نسبة من المعلمين، وغير ذلك من مشاهد لا يمكن قبولها في المدارس الحكومية أو الخاصة.
سألت الزميل الجلاّد عن خلفية اللقاء الذي حدث، والتعميمات التي أصدرها هؤلاء المديرين، فأخبرني عن تقارير تغذية راجعة مزعجة جداً عن أوضاع بعض المدارس الحكومية، وعن قصص مسيئة عن استخدام الهواتف النقّالة وتقنيات الهواتف الذكية منها داخل الغرف الصفيّة بين الطلبة والمعلمين.
وبخصوص الحديث عن المدارس التي لم ينجح من طلبتها أحد، ذكر مفارقة لافتة؛ أنّ أغلب المدارس التي لم ينجح منها أحد جاءت التقارير السنوية لأداء المعلمين فيها بتقييم ممتاز، وهو أمر متناقض!
على العموم، من حقّ المعلمين أن يحرصوا على "هيبتهم"، ونحن معهم في ذلك تماماً؛ فما تراجع التعليم إلاّ بعد أن تراجعت هيبة المعلم. ومن حق النقابة أن تطالب بحقوقهم المالية والمعنوية، ولذلك دعم الرأي العام الأردني والإعلام والنقابة. لكن ذلك لا يعني الإصرار على نهج الحكومات بإنكار المشكلات والكوارث والتغطية عليها، بحجج هشّة وغير منطقية.
هيبة المعلم لا تتحقق في ظل وجود "فلّة حكم" في المدارس الحكومية التي تعاني من تراجع كبير. وقيمة الأستاذ ليست في حالة الفوضى والتمرد على الأنظمة، وأسلوب الرفض الدائم لأي تشديد في التعليمات، ولا في محاولة إلقاء اللوم دائماً على الوزارة أو الظروف الأخرى!
ما نريده من النقابة أن تنقذ سمعة المعلمين عبر دور إيجابي؛ بالتأكد من التزامهم بالتعليمات والأنظمة، ورد الاعتبار لقدسية المهنة ورسالتها العظيمة. وهذا يحتاج إلى ثورة ذاتية داخلية أيضاً!