Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Sep-2019

فراعنة: الدور الأمريكي لحل القضية الفلسطينية ارتد للخلف في عهد ترامب

 الدستور-للسنة الثالثة على التوالي، يستضيف منتدى الفكر العربي، الكاتب الصحافي والباحث السياسي حمادة فراعنة، في محاضرة له حملت عنوان « الدور الاميركي في معالجة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي» أمس الاحد، جرى في أعقابها حوار مفتوح مع الجمهور، على ارضية ما تتضمنه المحاضرة من افكار ووقائع تاريخية مدققة .

 وكما يشي عنوان المحاضرة، فقد تناول المحاضر دور الولايات المتحدة في القضية الفلسطينية، وتتبع تطورات هذا الدور عبر مبادرات الرؤساء الأميركيين المتعاقبين ومبادراتهم، منذ دونالد ريغان وحتى يومنا هذا، من خلال عرض تاريخي مكثف لمرحلة زمنية تمتد نحو اربعة عقود حافلة بالأحداث والتطورات المتلاحقة، وقعت بين نهاية قرن وبداية آخر، أي تلك التي بدأت في عهد دونالد ريغان عام 1982، ولم تضع اوزارها بعد في زمن دونالد ترامب 2017، أي على مدى نحو خمسة وثلاثين عاماً، تطور خلالها الموقف الأميركي ولم يتبدل في العمق كثيراً، سواء خلال ولاية جورج بوش الأب 1989 – 1993، وولايتي بيل كلينتون 1993 -2001، وولايتي جورج بوش الابن 2001 - 2009، حتى ولايتي باراك أوباما 2009 - 2016، إلى ارتداد اميركي نحو الخلف في عهد ترامب الحالي منذ بداية العام 2017.
بعين ثاقبة التقط فراعنة رأس الخيط في هذه الحكاية الطويلة من عند الخطاب الذي القاه الرئيس الاميركي في اليوم الأول من أيلول سبتمبر 1982، وكان ذلك في اعقاب الغزو الاسرائيلي لبيروت، طرح دونالد ريغان اول « مبادرة سلام أميركية لشعوب الشرق الأوسط « تلك التي سميت بمبادرة ريغان 1982، وهي اول مبادرة تحمل اسم رئيس اميركي، حيث رسم ريغان ملامح خطته على نحو عام ، واستناداً إلى هذه المبادئ وضع الرئيس ريغان سياسته من ثماني نقاط لبلوغ الحل من وجهة نظره، وأبرز ما فيها: « إقامة حكم ذاتي كامل للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. لا يمكن تحقيق السلام عن طريق إقامة دولة فلسطينية مستقلة في هاتين المنطقتين (أي في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة). كما لا يمكن تحقيقه عن طريق ممارسة إسرائيل – المستعمرة - سيادتها أو سيطرتها الكاملة على الضفة الغربية وقطاع غزة.
ورأى الباحث انه منذ طرح مبادرة ريغان 1982، بقيت الوساطة والتدخلات الأميركية دون فاعلية يعتد بها، حيث لم تقترب المداولات الدبلوماسية لإدارة ريغان من جوهر المسألة الفلسطينية، واظهرت واشنطن عجزها عن ايجاد أي حل قائم على « التوفيق بين المطالب الأمنية المشروعة لإسرائيل – المستعمرة – والحقوق المشروعة للفلسطينيين «.
في 6 أذار 1991، أي بعد نحو عقد من الزمن، وكان ذلك في اعقاب حرب الكويت، أضاف فراعنة، ألقى جورج بوش الأب الفائز في انتخابات الرئاسة، خطاباً أمام مجلسي النواب والشيوخ قال فيه « آن الأوان لإنهاء النزاع في الشرق الأوسط على أساس قراري مجلس الأمن 242 و338، ومبدأ الانسحاب مقابل السلام، الذي ينبغي أن يوفر الأمن والاعتراف بإسرائيل – المستعمرة – واحترام الحقوق المشروعة للفلسطينيين «.
وعلى أرضية هذا الخطاب الذي بدا وكأنه ترضية لحلفاء اميركا العرب، ممن شاركوها في الحرب ضد العراق، تحرك وزير الخارجية جيمس بيكر لعقد اول مؤتمر سلام من نوعه بين العرب والاسرائيليين، الى ان نجحت جهود الوزير الاميركي في عقد مؤتمر مدريد يوم 30/10/1991، بحضور عربي ودولي لا سابق له.
وأشار الفراعنة الى ان الشيء المؤكد هو أن مبادرة ريغان 1982، كانت نتيجة اجتياح العدو الإسرائيلي لجنوب ووسط لبنان واحتلال بيروت وخروج قوات منظمة التحرير وتوزيعها على البلدان العربية من اليمن شرقاً حتى الجزائر غرباً وما بينهما، فعمل ريغان على استثمار نتائج الاجتياح الإسرائيلي وتوظيفه لصالح العدو الإسرائيل، والشيء المؤكد أكثر أن مؤتمر مدريد 1991، الذي دعا له الرئيس الاميركي مباشرة بعد حدثين كبيرين: هما ازالة المعسكر الاشتراكي المنافس وتلاشيه، وتدمير العراق وإزاحته.
بخلاف ذلك، وعلى أرضية الانتفاضة الشعبية الفلسطينية التي انفجرت في وجه الاحتلال ومؤسساته عام 1987، اضطر إسحق رابين، ولأول مرة، في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلى قبول التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية والاعتراف العلني بالعناوين الثلاثة:
1 – الشعب الفلسطيني، 2 – منظمة التحرير الفلسطينية، 3 – بالحقوق السياسية المشروعة للفلسطينيين، وعلى أرضية هذا الإقرار تم التوصل إلى اتفاقية أوسلو والتوقيع عليها في ساحة الورود في البيت الأبيض يوم 13/9/1993، والتي تضمنت المبادئ المتفق عليها.
وقال فراعنة: في هذا الاتفاق نافذة لتحقيق غرضين: أولهما فك الحصار المالي والسياسي، وثانيهما الانتقال إلى فلسطين والعمل من هناك، وهذا ما تحقق بالفعل.
وبعد ذلك جاء نتنياهو 1996 – 1999، الذي عطل تنفيذ الخطوات ورفض التجاوب مع الاستحقاقات الفلسطينية المطلوبة، ومن بعده جاء يهود براك في 17/5/1999، الذي رفض استكمال وتنفيذ خطوات المرحلة الانتقالية مشترطاً ربطها بحل قضايا المرحلة النهائية دفعة واحدة وهي: القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود، والدفع باتجاه التوصل إلى الحل الشامل.
نجح يهود براك في إقناع الرئيس الأميركي بيل كلينتون في عقد مؤتمر كامب ديفيد يوم 11 تموز سنة 2000، رغم المطالبة الفلسطينية الملحة بضرورة تنفيذ قضايا المرحلة الانتقالية واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من باقي مدن وقرى الضفة الفلسطينية قبل عقد المؤتمر، ولكن إلحاح براك واستجابة كلينتون الذي توهم أنه يستطيع دخول التاريخ كصانع سلام لقضية معقدة لم يستطع أحد حلها من قبله، بدلاً من أن يرحل وهو حامل مفاسد شخصية تورط بها مع سكرتيرته.
في كامب ديفيد أكد أبو عمار طوال ايام انعقاد المؤتمر أن مسألة القدس ليست مسألة فلسطينية بحتة، وانما مسألة عربية إسلامية مسيحية ايضاً، مما دفع كلينتون للاتصال مع عدد من الرؤساء العرب لحث أبو عمار على التجاوب مع المقترحات الأميركية الإسرائيلية، ولكن الزعماء العرب والمسلمين دعموا موقف أبو عمار حيال قضية القدس، ان لم نقل انهم تواروا وراء الموقف الفلسطيني.
يؤكد فراعنة انه لم يسبق للولايات المتحدة أن كانت سياسة إدارتها واضحة وجلية وإيجابية لصالح الشعب الفلسطيني، كما كانت عليه في مؤتمر أنابوليس الذي التأم برعاية الرئيس جورج بوش الابن، وفق ما عبرت عنه الجهود الحثيثة، التي بذلتها الوزيرة كونداليزا رايس، حيث تم افتتاح المؤتمر بحضور رسمي عربي ودولي واسع، وانعقد مؤتمر انابوليس يوم 27/11/2007،
في خطابه أمام المؤتمر الذي عُقد في القاعدة البحرية أنابوليس في ولاية ميرلاند الأميركية أعلن الرئيس بوش ان  «هدفنا في أنابوليس ليس إبرام اتفاق بل مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأن حصيلة المفاوضات التي يتم إطلاقها، تعتمد على الإسرائيليين والفلسطينيين أنفسهم، ويجب على الإسرائيليين أن يقوموا بدورهم، يجب أن يُبينوا للعالم أنهم مستعدون للبدء بوضع حد للاحتلال الذي بدأ عام 1967، من خلال تسوية سيتم التوصل إليها بالمفاوضات، هذه التسوية ستؤدي إلى قيام فلسطين كوطن للفلسطينيين مثلما أن إسرائيل هي وطن للشعب اليهودي «. وهكذا سارت المفاوضات وقطعت أشواطاً محسوبة بين طرفي التفاوض، ولكن وقع ما لم يكن متوقعاً، فقد تمت إزاحة رئيس حكومة المستعمرة أولمرت من رئاسة الحكومة بعد أن قدم استقالته يوم 21/9/2008، ثم جرت محاكمته وسجنه على خلفية رشاوي كان قد تورط بها خلال رئاسته لبلدية القدس 1993 - 2003 قبل أن يتسلم رئاسة الحكومة في 2006، وهكذا سقطت حكومته وأغلق ملف التفاوض وجرى إلغاء كل ما تم التوصل على نحو صامت، وبعد ذلك تولى نتنياهو رئاسة الحكومة مرة اخرى في 20/2/2009، ورفض بدء المفاوضات في عهد الرئيس الأميركي أوباما خلال ولايتيه 2009 – 2016، من حيث انتهت بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة السابق يهود أولمرت.
وذكر فراعنة حينما تولى الرئيس الأميركي باراك أوباما ولايته الأولى يوم 20/1/2009، جاء متحمساً مثل أسلافه المتعاقبين على البيت الأبيض، آملاً ان يحظى بشرف إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فقرر يوم 25/1/2009، تعيين السيناتور جورج ميتشيل، مبعوثاً خاصاً له لرعاية المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.
في كانون ثاني 2010، طرحت الولايات المتحدة ورقة تفاهمات، تراجعت فيها عن هدف إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود معترف بها، بل إلى دولة ذات حدود مؤقتة لسنوات، مع رفض الإدارة الأميركية لأي شروط فلسطينية لاستئناف المفاوضات مع التلويح بعقوبات مالية ضد السلطة الفلسطينية.
انتهت تلك المفاوضات، التي عرفت باسم المفاوضات التقريبية، مع نهاية شهر نيسان 2014، دون نجاح يذكر، تماماً مثلما انتهت ولاية باراك أوباما مع نهاية العام 2016، بعد أن قدم للإسرائيليين مساعدات مالية بقيمة 38 مليار دولار لعشر سنوات تنتهي في العام 2028، الى جانب تقديم طائرات f35 الأكثر تطوراً في العالم ، ولكن إدارة أوباما وجهت قبل رحيلها لطمة سياسية لإدارة نتنياهو من خلال عدم استعمال حق النقض على قرار مجلس الأمن رقم 2334 الصادر يوم 23/12/2016 ، والذي يؤكد عدم شرعية الاستيطان في الضفة الفلسطينية والقدس
وبذلك انتهت آخر المساعي الدبلوماسية الأميركية عند هذا الحد لإيجاد حل لأم القضايا في العالم العربي، واسدل الستار على جهود اميركا الخاصة بملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مخلفة خيبة امل شديدة في نفوس كل الذين عولوا على قدرة الدولة العظمى في احداث خرق طال انتظاره في هذه المنطقة التي شهدت خلال الحقبة الطويلة المشار اليها سابقاً سلسلة أخرى من المشكلات العويصة، والقضايا المتفجرة، وفي مقدمتها مشكلة الإرهاب والحرب على الإرهاب، ومعالجة قضية اللاجئين وتدفقاتهم إلى أوروبا وأميركا وتداعياتها ، الامر الذي حرف الأنظار وشتت الانتباه عن القضية المركزية الاولى في هذه المنطقة المضطربة تاريخياً.
وأنهى حمادة فراعنة عرضه التاريخي الموثق، بإطلالة سريعة على جهود ترامب التي خربت كل شيء، خاصة عندما بدأ بحصار مالي للفلسطينيين، بما في ذلك السلطة الوطنية والأونروا والمستشفيات، ناهيك عن اغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وبعد ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة للمستعمرة الاستيطانية، ونقل سفارة بلاده اليها، وفوق ذلك كله، طرح ترامب لما يسمى صفقة القرن، التي بدأت تطبيقاتها على الارض قبل ان يتم الإعلان عن بنود الصفقة المشؤومة ذاتها.